إعلانات «الفنكوش» تبيع الوهم للمواطنين الغلابة 

اعلانات الفنكوش
اعلانات الفنكوش

تدعى كذبًا فرصًا للشفاء من أمراض مستعصية.. وفضائيات غير مرخصة تعرض المنتجات علي قنواتها

وليد العربى

انتشرت ظاهرة الإعلانات المضللة، خلال السنوات الماضية على الفضائيات، البعض يصفها بـ«لقمة عيش».. والبعض يراها سبوبة وأصبحت ضرورة تقنين أوضاع الإعلانات المذاعة على القنوات الفضائية المختلفة، والبعض أطلق عليها «الفنكوش»؛ حيث ظهر خلال السنوات عدداً كبيراً من الإعلانات غير المرخصة أو مجهول المصدر ومضللة وتعمل على غش وتضليل المستهلكين، معتمداً على المشاكل الحياتية والصحية، تحديدًا التى تواجههم، مثل أزمة السمنة والنحافة وتساقط الشعر ومشاكل العظام،  والأمراض المستعصية، بالرغم من أن إعلانات الأدوية خصوصاً لابد أن تكون حاصلة على تصريح من هيئة الدواء وإدارة الصيدلة ناهيك على أن الفضائيات محظور عليها أن تعرض إعلانات تبيع الوهم لأنها تعتبر شريكا فى عمليات النصب.

وقد رصدت الأخبار المسائي بعض عمليات النصب والإعلانات الوهمية واستطلعت آراء بعض المواطنين لهذه الظاهرة.

وقال إسماعيل شاهين من محافظة كفر الشيخ إنه شاهد إعلانات لطبيب استشارى مخ وأعصاب للأطفال لعلاج حالات التوحد والتأخر العقلي فى أحد القنوات الفضائية وذهب لعلاج ابنه من نفس الأعراض وبعد ما يقرب من عام دفع فيها مبالغ كبيرة فى الكشف لتصل قيمتها فى المرة إلي 300 جنيه وأدوية من الطبيب بنفس القيمة فى المرة الواحدة ولا يجد أى تحسن فى حالة ابنه وحالات أخرى لنفس الطبيب دون أى جدوى، فقام بتقديم شكوى وتحرير محضر ليكتشف أنه ليس طبيب أصلاً بنفس المجال ولم يتوقف بيع الوهم على قنوات النصب لمجرد منتجات الدواء، لكنه يمتد ليصبح برامج طبية يظهر فيها غير المختصين ليتحدثوا عن الدواء والعلاج والطب ويقدموا نصائح غير علمية ولا طبية، والمريض يتصور أن كثرة ظهور هؤلاء الأطباء المزعومين يعنى أنهم أهل ثقة لكن الواقع غير ذلك، حيث إن هؤلاء مجرد باعة وهم تجار سوق سوداء، تحقق أرباحاً خرافية من تجارة الهواء لبرامج طبية وهمية يظهر فيها مدعون، ونحن أمام فضائيات  تنشر إعلانات هى فى الواقع لا تشفى مريض أو تعالجه.

وقال عادل عزيز إنه قرر تجربة أدوية تخسيس وتعرض لعملية نصب؛ حيث قام بشراء إحدى المنتجات الطبيه الخاصة بإنقاص الوزن من الإعلانات فهو إعلانات تروجها تقريبا نفس فضائيات النصب مع مواقع التواصل الاجتماعى ويتم فيها الإعلان عن المنتج وتوصيلها إلى المستهلك، وبالرغم من جود شركات وأفراد محل ثقة إلا أن المجال دخل فيه نصابون يبيعون هذه المنتجات بلا ضمانات وبعضها تكون مختلفة عن المواصفات الموضوعة بالإعلان.

وهذه المنصات التى تمارس النصب يفترض أن تكون هدفاً لجهاز حماية المستهلك،  لأن التجارة لم تعد تقتصر على الأسواق والمولات أو محل، لكن الإنترنت مجال للتجارة الإلكترونية من سنوات قبل فيس بوك. وبالتالى يفترض أن يكون جهاز حماية المستهلك لديه آليات للتعامل مع المواقع والجهات الوهمية التى تنصب على المواطنين وتبيع لهم سلعاً منتهية الصلاحية أو غير مطابقة للمواصفات وترفض تعويض المستهلك بل إن بعضها يظهر ويختفى بسرعة ويجب أن تكون هناك استعدادات لتطبيق القانون حتى لا يفقد قيمته، ويفترض أن تكون هناك آليات تتناسب مع التطورات التكنولوجية وحتى يمكن القول إن القانون صدر ليطبق.

ويقول الدكتور ياسر عبدالعزيز الخبير الإعلامي، إن عدداً كبيراً من دول العالم عمدت على إجراء عدد من التغييرات القانونية الخاصة بوسائل الإعلام والتي تنظم التغطيات والدعاية الإعلامية ذات الصلة بالمجال الصحي خاصة بعد انتشار فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19»، مطالبًا المجلس الأعلى للإعلام بإلزام جميع القنوات للحصول على التراخيص، وأن هناك مشكلة في الملف الإعلامى في مصر تتمثل في انتشار عدد من وجود دعاية وإعلانات لأدوية غير مُرخصة، وأن مصدر تلك المشكلة متركز في القنوات غير المُرخصة.

وأشار الخبير الإعلامي، إلى أنه لا وجود لمصطلح «قنوات بير السلم» إلا في مصر، قائلًا:» مصر البلد الوحيدة التي تُصنف القنوات وتضع مسمى للقنوات غير المُرخصة مما جعل هذه الظاهرة تنتشر بشكل كبير ويستغلون هذه الأوضاع في نشر منتجات غير مُصرح بها لإوهام الناس بأنها تعالج من أمراض معينة، وأكد على ضرورة أن تكون المنتجات التي يتم الإعلان عنها حاصلة على التراخيص اللازمة من وزارة الصحة، علاوة على قيام كل جهة بمسؤوليتها تجاه المنتجات الخاصة التى تروجها، وحالة عدم ترخيصها  يتم تجريمها وفرض عقوبات على القنوات المذيعة لها وعمل حق تشريعى بتنفيذ العقوبات فى حالة عدم حصول المنتجات الطبية على تصريح من وزارة الصحة، أن مشروع القانون الأخير يتضمن عقوبات قد تصل إلى حد إغلاق المحطة أو القناة التليفزيونية المذيعة للإعلانات الطبية الوهمية، فضلًا عن دور المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والمعنى بالإشراف على هذه القنوات، وبالتالى فمن حقه إيقاف أى إعلان مضر بالصحة أو الأخلاق ويتضمن إساءات للمواطنين.

وأكد أن إعلانات «الفنكوش» تبيع الوهم للمواطنين الغلابة من الشعب المصرى، تدعى كذبًا فرصًا للشفاء من أمراض مستعصية، عظام.. كبد.. سكر.. ضغط.. حتى أمراض القلب لم تسلم من بائعى الوهم للمواطنين، منتجات عشبية ومراهم وأدوية يدعون أنها سحرية للشفاء من الامراض، اكتظت بها القنوات الفضائية المجهولة الهوية هى أيضا،  فلا ندرى إلى أى جهة رسمية تتبعها، فهذه النوعية من الفضائيات تتاجر بمعاناة الناس وآلامهم، وكأنه قد كُتب على المواطن المعاناة من المرض والمعاناة بسبب مافيا التجارة فى أمراض الناس في صحته لترويج «وصفات وهمية»، هى فى حقيقتها تنتهك قدرته على مقاومة المرض، وقد تحرمه فرص الشفاء بالعلاجات المتعارف عليها عالميًا، حين تصرفه عنها، فتفتح عليه أبوابًا من المضاعفات ثمنها في النهاية حياته.

ومن المسؤولية القانونية عن النصابين الذين يبيعون الوهم للمرضى يقول ياسر بيومى أبوالخير المحامى بالنقض، إن مروجى الوهم العلاجي لم يدخروا جهداً فى تعبئة القنوات الفضائية بإعلانات وهمية للعب على أوتار حاجة الناس للعلاج، فهذه وصفات لاحصر لها تضلل الناس بكلمات رنانة وتسوق لهم بسوء نية تجارب «جهلاء» آخرين لعلاج السكر والضغط والآلم عند مرضى العظام، بأعشاب تدفعهم للتخلي عن متابعة الطبيب، وقد لايفيق المريض إلا على كارثة «قدم سكري» أو تمكن المرض منه أو الوفاة فى أغلب الأحيان، إضافة إلى الوصفات التى تدعى تحقيق السعادة الزوجية وتمنحك مواصفات سوبرمان، وغيرها من وصفات تعبث بآمال من حُرموا نعمة الإنجاب.

وأكد أبوالخير أنه لا جدال أن ترويج خلطات هذه الأعشاب في غفلة من الرقابة تحد صارخ لأدنى معايير تسجيل الأدوية، والكارثة أن ترويجها لم يعد مقصورًا على «الجهلة»، بل قد يكون من بينهم من ينتسبون ظلمًا وزورًا إلى «البحث العلمي»، وفي ضوء الإجراءات هناك من يتولى المراقبة والمتابعة وهو جهاز حماية المستهلك التى تقوم بضبط الأسواق وصون مصالح المستهلكين تنفيذاً لمقتضيات القانون رقم 181 لسنة 2018 بشأن حماية المستهلك، وتعزيزًا لدور الجهاز في تطبيق القانون وترسيخ القواعد والمعايير اللازمة لصون حقوق المستهلك وضبط الأسواق، وضمانًا لحقوق المستهلكين فى مجال التعاقد عن بعد على الخدمات والسلع، والذى يتصدى لمخالفات الإعلانات المضللة التي قد يرتكبها بعض الموردين، استغلالًا لموسم تخفيضات الجمعة البيضاء مثلا، في ضوء نص المادة (9) من قانون حماية المستهلك رقم 181 لسنة 2018 والتي تلزم المورد والمعلن بتجنب أي سلوك خادع ينصب على عدد من العناصر منها الإعلان عن وجود تخفيضات على السعر على خلاف الحقيقة، بما يؤدي إلى خلق انطباع غير حقيقي أو مضلل لدى المستهلك، ووقوعه في خلط أو غلط، مشددًا على أن عقوبة الإعلان المضلل تصل إلى الغرامة بمبلغ لا يقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 2 مليون جنيه.

وأكد أبوالخير على ضرورة استمرار جهود الجهاز لصون وحماية حقوق المستهلكين، وتعزيز دور الجهاز في مجال تطبيق القانون والحفاظ على صحة وسلامة المستهلكين وترسيخ القواعد والمعايير اللازمة لصون حقوق المستهلك وضبط الأسواق، بما يعود بالنفع على الاقتصاد القومي للبلاد.