قراءة للدور المصري.. التوصل لـ3 نتائج توجت بوقف العدوان على غزة

صورة أرشيفية من القمة المصرية الفرنسية الأردنية
صورة أرشيفية من القمة المصرية الفرنسية الأردنية

أكدت الأسابيع الماضية التي شهدت محاولة تهجير قسري لسكان حي الشيخ جراح ومنع المصلين من أداء الصلاة والاعتداء عليهم في المسجد الأقصى وتطور الأحداث الى مواجهات عسكرية بين الجيش  الإسرائيلى وفصائل المقاومة الفلسطينية لمدة ١١ يوما دحض كل الأكاذيب التى روجها البعض حول تراجع الدور الإقليمي لمصر لصالح جهات أو دول.


 وأثبتت الأحداث صدق المقولة التى تتحدث عن أن مصر هى الراعي الإقليمي للقضية الفلسطينية، ولديها من القدرة والمرونة والاتصالات بأطراف الصراع ما تستطيع به قيادة جهد عربى وإقليمى ودولى وتقديم مقترحات أدت فى نهاية الأمر الى إنجاز مهمة من خلال النجاح الذى تحقق فجر اول امس الجمعة بوقف إطلاق النار ووقف العدوان الاسرائيلى وحقيقة الأمر ان الموقف المصرى كان واضحا منذ بداية الأزمة وضوح الشمس ولعل كلمة وزير الخارجية سامح شكرى فى الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب كانت أفضل تعبير عن ذلك عندما تحدث عن الاعتداءات على المسجد الأقصى والمصلين وما جرى لاهالى الشيخ جراح وراء اندلاع الأزمة محملا إسرائيل المسئولية داعيًا الى ضرورة التوقف عن تلك الممارسات مشيدًا بما يقوم به الفلسطينيون من دفاع على هويتهم ومقدساتهم مؤكدا على ضرورة التعامل مع أسباب الأزمة وليس نتائجها داعيًا الى ضرورة استئناف العملية السلمية.


 وتحركت مصر على ثلاثة مسارات حققت إنجازات مهمة في كل منها:


الأول: دبلوماسي وسياسي من خلال اتصالات موسعة مع الدول الفاعلة فى الملف عبر مجلس الأمن بالتشاور مع تونس العضو العربى فيه والصين وكذلك التنسيق مع السلطة الفلسطينية والأردن وفرنسا والتى شهدت القمة الثلاثية بين الرئيس السيسى وماكرون والملك عبدالله الثانى وكذلك الولايات المتحدة خاصة بعد ان أنهت مرحلة التردد  وقررت الانخراط بجدية فى محاولة إنهاء القتال. 


الثاني: فتح خط اتصال مباشر مع طرفى الصراع تل أبيب من جهة ومع تنظيمات المقاومة الفلسطينية وبالتنسيق مع السلطة فى رام الله وكانت القاهرة صاحبة أول مبادرة للحل اتسمت بالشمول ومثلت انحيازاً واضحا للحق الفلسطينى عندما تضمنت وقف القتال ووقف الإجراءات المتخذة فى حق أهالى الشيخ جراح مع وقف الاستيطان والبدء فى إطلاق عملية سياسية تتضمن استئناف الحوار الفلسطيني الاسرائيلي واستمرت القاهرة فى ممارسة ضغوطها على تل ابيب للحصول على موافقتها ونظرا لأسباب عديدة وتدخل أطراف مختلفة وحظى التعديل الذى ادخل على المبادرة بدعم دولى والذى تضمن الحل المرحلى التوصل إلى هدنة طويلة .


ومن جانبه، غرد الرئيس عبد الفتاح السيسى على مواقع التواصل الاجتماعي: «أتوجه بالتحية والتقدير للرئيس الأمريكى «بايدن»لدوره فى إنجاح المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار وتحقيق التهدئة، متمنيا استمرار التعاون فيما بيننا لتحقيق المزيد من النجاحات المشتركة والتى من شأنها إرساء السلام العادل والشامل فى المنطقة».


والمسار الثالث: فتح الباب واسعًا أمام عملية اغاثة الشعب الفلسطينى وأخذ زمام المبادرة فى عملية اعادة الإعمار بعد تعهد الرئيس بنصف مليار دولار لإعادة إعمار غزة بأياد مصرية وهو ما يفتح الطريق أمام مشاركة مصرية واسعة فى الجهد المتوقع لإعادة تعمير عدد من الدول العربية خاصة فى ليبيا وسوريا اما الجهد الإغاثى ظهر من خلال وصول ١٢٠ حاوية من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة خلال معبر رفح البرى مقدمة من صندوق تحيا مصر وتشمل مواد غذائية جافة وخضراوات ودواجن مجمدة ومطهرات وكمامات طبية.. وقام صندوق «تحيا مصر» بتفعيل حساب «٠٣٧٠٣٧ - إعادة إعمار غزة» فى جميع البنوك المصرية لاستقبال المساهمات والتبرعات لصالح سكان القطاع تحت شعار «نتشارك من أجل الإنسانية».. كما أعدت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين قافلة مساعدات طبية وغذائية ووصلت أمس إلى غزة.


 كانت المحصلة ممتازة وتوج الجهد المصرى بالموافقة على إطلاق النار ومراقبته من خلال وجود وصول وفدين أمنيين مصريين إلى غزة وإسرائيل.


 ولم ينته دور القاهرة عند هذا الحد فهناك ثلاث مهمات أخرى تقوم بها الأجهزة المعنية بالملف الفلسطينى خلال الفترة القادمة .


المهمة الأولى : محاولة التوصل الى هدنة طويلة تصل مداها الى سنة كاملة. 


الثانية: استثمار هذا العام فى التعامل مع أصل المشكلة عن طريق إطلاق العملية السياسية المتوقفة منذ سنوات انقطع  خلالها التواصل بين الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى عن طريق استئناف عمل اللجنة الرباعية او تنشيط عمل اللجنة الرباعية الموازية والتى تضم مصر والأردن وفرنسا وألمانيا ولعل دور القاهرة سينشط خلال تلك الفترة من خلال الرغبة الأوروبية التى أعلنت عنها المستشارة الألمانية ميركل فى فتح خط تواصل غير مباشر فى الحوار مع حماس بشرط اتمام المصالحة الوطنية الفلسطينية الشاملة .


المهمة الثالثة : قيادة عملية اعادة إعمار غزة وقد يكون مطروحا للنقاش والتشاور الدعوة من جديد الى مؤتمر دولى لإعادة الإعمار كما حدث فى أعقاب عدوان ٢٠١٤ واستضافته القاهرة ونجح فى جمع مليارين لهذا الغرض .