رأى

مولد بلا حمص

مايسة عبدالجليل
مايسة عبدالجليل

قبل رمضان بيومين انتحر ابن عم عاشور بائع الصحف بالسيدة زينب.. ألقى بنفسه من شرفة منزلهم بعد معاناة طويلة مع المرض النفسى وبعد أن فشل فى تلقى العلاج بمستشفى حكومى وعجزه عن تحمل تكاليف العلاج بالقسم الاقتصادى بمستشفى العباسية أو بأى مركز خاص.. هكذا أخبرنا الأستاذ شريف عبدالقادر صديق «الأخبار».
ابن عم عاشور واحد من أكثر من 8 ملايين مصرى يعانون من الأمراض النفسية ويحتاجون للعلاج هذا غير البعض ممن لا يدرى أصلا أنه مريض نفسى.. كل هؤلاء لا يخدمهم سوى 18 مستشفى ومركزاً صحياً على مستوى الجمهورية يعانى معظمها من التهميش والإهمال وضعف الموارد فى حين أن المريض النفسى يحتاج إلى فترات طويلة من العلاج ورغم احتدام المنافسة فى شهر رمضان بين مختلف المستشفيات والجمعيات الخيرية على الفوز بتبرعات أهل الخير والخروج بحوالى 11 مليار جنيه سنويا من زكاة وتبرعات المصريين إلا أننا لم نسمع صوتا واحدا لمستشفى العباسية أو أى مركز نفسى آخر يطلب العون والمساعدة لإنقاذ هؤلاء البؤساء الذين لا تقل معاناتهم بأى حال من الأحوال عن مرضى السرطان والحروق والقلب وغيرهم.. ولكن يبدو أن الأموال لا تصب إلا فى جيب الجمعيات والمستشفيات الأعلى نفيراً والأقدر على تكاليف الإعلانات الباهظة ودفع أجور الفنانين التى تستدر عطف المتبرعين وتستطيع استخراج الأموال من جيوبهم ومن هنا يكون الفوز لهم بحوالى ٨٠٪ من حصيلة التبرعات بينما يخرج الباقى من «مولد» الخير بلا حمص!!
الغريب فى الأمر أننا لا نسمع عن مستشفى العباسية للأمراض النفسية إلا عندما تدور حولها الإشاعات ومحاولات لبيع حديقة المستشفى العريق بميدان العباسية وتحويلها إلى مول تجارى كبير وعندما يثور الرأى العام وتغضب جمهورية السوشيال ميديا يتنضل المسئولون وينفون الشائعة فنصدقهم وننتظر أى بادره لدعم المستشفى ومرضاه فيطول انتظارنا ثم.. لا شىء.