» الاحتلال أخلى منازل 3 عائلات.. والأحداث الأخيرة أرجأت طرد 8 آخرين
عبد الصبور بدر
سنة ونصف السنة كاملة أمضاها القاضى فى المحكمة العليا الفلسطينية (النقض برام الله) فواز إبراهيم نزار عطية يبحث فى المحكمة الشرعية فيما لا يقل عن 416 سجلا، تحتوى على 10 آلاف وثيقة لم يجد فيها ما يثبت أحقية اليهود فى شبر واحد من حى الشيخ جراح بالقدس. فى هذا الحوار لـ «الأخبار» يكشف عطية أحد سكان البلدة القديمة وحفيد أحد القاطنين فى «الشيخ جراح» بالمستندات المحاولات الإسرائيلية للاستيلاء على الحى العربى، فى الوقت الذى تتشبث فيه العائلات الفلسطينية بالبقاء داخل أملاكها التى منحها لهم القانون. 18 كيلومترا هى المسافة التى يقطعها القاضى يوميا من محل إقامته فى القدس إلى رام الله محل عمله، بينما لا يفصل بين منزله وبين حى الشيخ جراح الذى يعيش فيه أولاد عمه إلا كليو ونصف الكيلومتر فقط، إلا أن وظيفته كقاضٍ تمنعه من المشاركة معهم فى المظاهرات، فيتواصل معهم بطريقة معينة - لم يفصح عنها - من أجل توصيل مياه الشرب إليهم. التطورات على الأرض منعت القاضى من الوصول إلى بيته فى القدس أثناء عودته من رام الله، ما جعله يقيم فى الوقت الحالى فى منزل والد زوجته فى بيت حنينا حتى تهدأ الأوضاع.
كم تبلغ المساحة الفعلية للشيخ جراح؟
- 200 دونم،.. الدونم ١٠٠٠ مت مربع والمنطقة اقتطعها صلاح الدين الأيوبى لطبيبه الشيخ جراح كما هو معروف.
وكيف تم انتقال الـ 28 أسرة فلسطينية إليها؟
- أثناء حرب 1948 أضطرت هذه الأسر إلى مغادرة القدس الغربية إلى الجانب الشرقى، حين أقامت الأمم المتحدة حدا فاصلا بين شطرى القدس، ما عرف بحق اللجوء حيث تم منحهم بطاقات المؤن.
ومن أين حصل الفلسطينيون على العقود التى تثبت أحقيتهم فى الوحدات السكنية؟
- فى عام 1956 تولت الحكومة الأردنية إدارة الضفة الغربية، بوصفها صاحبة السيادة على الأراضى الفلسطينية بعد النكبة، فأبرمت اتفاقية مع عائلات الشيخ جراح.
الدولة الأردنية
هل تستطيع أن تطلعنا على واحدة من تلك الاتفاقيات؟
- نعم.. وهى تخص المرحوم حربى محمد موسى عطية.
ولماذا حربى محمد موسى عطية بالتحديد؟
- لأنه عم والدتى.
ومن يعيش فى عقاره الآن؟
- أحفاده.. مراد (مدرس) ومنار (صيدلانية) ووالدتهما مع عمتهما غادة.
وماذا ينص الاتفاق بين الجد والدولة الأردنية؟
- أبرم حربى الاتفاق بتاريخ 15/11/1956 مع وزير الإنشاء والتعمير بصفته مؤجرا وحدة سكنية فى محلة الشيخ جراح بالقدس لمدة 3 سنوات تنتهى فى 15/11/1959 لقاء أجر سنوى قدره 50 فلسا.
ولكن هذا يعنى أن الوحدة لن تكون ملكا لحربى بعد انقضاء ال-3 سنوات؟
- وفقا لشروط العقد فقد أصبح العقار بعد مرور السنوات الثلاث ملكا للمستأجر.
وما هى شروط العقد؟
- ورد فى البند 7 من العقد أن يتنازل المستأجر حربى محمد عطية عن بطاقة المؤن الصادرة عن وكالة الغوث واللاجئين «UNRWA»، ما يعنى أن حربى كان يعيش حالة لجوء بعد عام 1948.
وأين كان يعيش قبل حالة اللجوء؟
- كان يملك بيتا ومخبزا فى البقعة بالقدس الغربية، وبطاقة المؤمن تحقق له ميزتين: الحصول على الحصة المحددة من وكالة الغوث واللاجئين من الطعام، والحصول على الخدمات الصحية الشاملة مجانا.
وماذا يعنى هذا من الناحية القانونية؟
- يعنى بدل خلو أو بدل المفتاحية للوحدة السكنية التى انتفع بها المرحوم حربى ومثله باقى المستأجرين.
حقوق المستأجر
ولكن.. هل حصول الـ 28 أسرة على وحدات سكنية يعنى اعترافا منهم بالتنازل عن حق العودة إلى بيوتهم فى القدس الغربية؟
- أبدا.. وقد ورد ذلك فى البند 12 من الاتفاقية والذى ينص على أنه لا تؤثر بأى شكل من الأشكال على حقوق المستأجر فى عودته إلى وطنه الأصلى فلسطين وفى أى تعويض عن ممتلكاته فيها أو على أية حقوق سياسية أو اقتصادية وغيرها من الحقوق التى يعتبرها المستأجر حقا له ويرغب فى ممارستها فى أى وقت شاء، فضلا عن أن هذا الحق تم تقريره ضمن قرارات الأمم المتحدة.
وأين الشرط الذى يثبت ملكيتهم للوحدات التى يسكنون فيها؟
- البند 11 من الاتفاقية والذى يقول نصا «بعد أن يكون المستأجر قد قام بجميع شروط هذا الاتفاق وقنع المؤجر بأن المستأجر ساعد فى بناء مجتمع الوحدة تفوض ملكية الوحدة إلى المستأجر مجانا»، وقد حقق المستأجرون الشرط بالفعل فقد قام كل منهم بدفع الأجرة التى تعتبر مساهمة فى بناء الوحدة خلال مدة العقد، وعدم إحداث أبنية إضافية خلال فترة العقد والتنازل عن بطاقة المؤمن، ما يعنى أن التفويض بملكية الوحدة محقق بالمجان.
وما المقصود بالتفويض المجانى؟
- أن يتم تسجيل الوحدة السكنية مع مرفقاتها دون مقابل ودون دفع رسوم للدولة.
وكيف ترد عل الزعم الإسرائيلى بملكية المنطقة لجمعيتين استيطانيتين؟
- مستحيل.. لأن إسرائيل تزعم أن الجمعيتين مالكتان للأرض منذ عام 1875 إبان الدولة العثمانية والسؤال: كيف لدائرة تسجيل الأراضى التابعة للاحتلال، أن تقوم بعملية تسجيل جديد دون اتباع الإجراءات القانونية المتعارف عليها ولماذا لم يسمح لأصحاب الحقوق الإطلاع على حيثيات وإجراءات التسجيل فى الطابو الإسرائيلي؟ والأهم أن الجمعيتين مسجلتان بعد الاحتلال بنحو عشرين عاما.
وهل توجه الفلسطينيون للمحكمة الإسرائيلية؟
- نعم.. وتم بالفعل إخلاء 2 عائلات من ال- 28 ما بين عامى 2009، و2010.
لماذا؟
- لأن هيئة الدفاع كانت ضعيفة، ووقعوا فى فخ المؤامرة المنصوبة لهم.
كيف؟
- وجهت لهم الجمعيتان الإسرائيليتان إخطارا بدفع نصف دينار عن كل سنة (10 جنيهات) وكان رد المحامين عدم الرد بوصف السكان الفلسطينيين أصحاب الأرض بالفعل، فصدر قرار الإخلاء.
وبماذا كان يجب أن يتصرف المحامون؟
- عبر خطين متوازيين، الأول أن ينصاعوا للإخطار بكتابة إخطار جواب دون المساس بحقوقنا واتقاء للإخلاء وهذا لا يغنى عن تطبيق العقد المبرم وما يترتب عليه من حقوق.. والخط الثانى رفع دعوى إثبات ملكية فانونى، لأن هناك زعم تسجيل رسمى باسم الجمعيتين وطرق قانونية للإلغاء.
وما سبب تصاعد الأحداث فى الفترة الأخيرة؟
- توجيه إخطار آخر بإخلاء 8 عائلات كان من المفترض أن ينفذ فى آخر خميس من رمضان الماضى، ولم ينفذ نتيجة التواجد العربى بكثافة فى المسجد الأقصى ما تسبب فى احتكاك قوات الاحتلال بالمصلين، بينما المشكلة الآن تتجه لمنحى آخر.
ثلاثة أجيال
ما هو؟
- المحكمة الإسرائيلية لا تبحث الآن فى مسألة الملكية، وإنما تحاول عقد الصلح بشرط أن يعترف المستأجرون بحق اليهود فى الأرض فى مقابل الحماية.. وهذه مصيبة، فحسب القانون الإسرائيلى فالحماية لثلاثة أجيال فقط، ولم يتبق من الموجودين إلا الجيل الأخير، الذى سوف ينتهى بعد 20 عاما على أكثر تقدير وإسرائيل من السهل أن تنتظر لتنتزع الأرض.
هل تقترح أن يشارك وفد من المحامين العرب فى القضية؟
- نعم.. المحامون المصريون والأردنيون تحديدا قادرون على توجيه النصائح والاستشارات القانونية لهيئة الدفاع الفلسطينية، وفى اعتقادى أن الحل فى النهاية سوف يكون سياسيا بالضغط على حكومة نتنياهو لإبقاء الوضع القائم على ما هو عليه، وإسرائيل تعمل ألف حساب لمصر.
ماذا تقول لمن ينادى بلم التبرعات لأهل الشيخ جراح؟
- الوضع المادى للعائلات الفلسطينية فى الشيخ جراح جيد جدا ولا يحتاجون للمال أبدا.
