قلم ووطن

لواء د. سيد غنيم يكتب: الدراما غذاء للعقول

لواء د. سيد غنيم
لواء د. سيد غنيم

منذ صغره كان للأفلام والقصص الروائية تأثير كبير على خياله، ومنها طبعاً التاريخية والحربية والبوليسية والخيال العلمى وغيرها، حتى إن شاهد جزءاً من الواقع عبر شاشة التليفزيون، وهى العملية التى قام بها عناصر من الصاعقة المصرية لإنقاذ رهائن الطائرة المخطوفة فى مطار"لارناكا"عام 1978. كان فى الصف الأول الثانوي، الأمر الذى دفعه لاتخاذه أهم قرار فى حياته وهو الالتحاق بالكلية الحربية لنيل الشهادة كمن استشهدوا فى عملية "لارناكا". ومن وقتها أصبح يعشق زى "الفتوة" فى مدرسته "الخديوية الثانوية العسكرية"، ويتفاعل مع التدريبات العسكرية بالمدرسة واهتم بلياقته البدنية على أمل أن يأتى اليوم لينجح فى اختبارات الكلية الحربية ويصبح مستقبلاً ضابطا بالصاعقة أو المظلات أو الاستطلاع إلى أن تخرج وعُين بوحدة استطلاع خلف خطوط العدو، وحصل على دورات معلمى الصاعقة الراقية والمظلات الأساسية، وأصبح بطلا فى اختراق الضاحية العسكرية بالخوذة والسلاح.

ثم بدأ ينمى قدراته فى اللغتين الإنجليزية والفرنسية، واستخدام "الكمبيوتر" واهتم كثيراً بالمعلومات العامة، وهو ما أهله بجانب الدراسات التخصصية للسفر للخارج عدة مرات للدراسة والمشاركة بمهام دولية تابعة للأمم المتحدة،ليتحول للعمل التحليلى وتخطيط جمع المعلومات بعد أن حصل على درجة أركان حرب حيث نال درجة الماجستير. وكان يعشق دراسة الأرض، فيتخيل تحركات العدو فى مواجهة وحداته مستثمراً اتساع خياله وحبه للتفكير. وبدأ بمبادرة من نفسه فى تأليف مذكرات معلومات تخصصية وعامة وساهم فى تطوير الأداء، وقد عاونه وقتها دعم قادته وتشجيعهم له إلى أن حصل على درجة زمالة أكاديمية ناصر العسكرية العليا. وكان فى رأسه هدف أساسى بعد التقاعد وهو ممارسة العمل التحليلى على المستوى الاستراتيجي، ولكن فى المجالين السياسى والأمنى على صعيدِ دولي وهو ما حققه بالفعل ليصبح محللاً ومحاضراً فى مجال الأمن الدولى والعلاقات الدولية لدى عدة جامعات وأكاديميات بدول ومنظمات دولية كبرى، وخلال ذلك نجح فى استكمال دراساته العليا ونال درجة الدكتوراة فى العلوم السياسية بدعم زوجته.قفزات متلاحقة يصعب تصور تحولاتها.

يقودنى ما سبق لأهمية جزئى مسلسل "الاختيار"، لأنهما يشكلان خيال ووجدان وميول شباب مصري واعد هدفه "الشهادة"، منهم ضابط جيش ومنهم ضابط شرطة  ومنهم من سينال الشهادة فهو فضل كبير من الله سبحانه وتعالى، ومن سيعيش قد يصبح قائداً ثم يتحول فى قفزات بحياته المدنية ليصبح مستشاراً أو معلماً أومطوراً أو باحثاً أو عالماً كبيراً طالما سنساعده لكى يحلم ويتخيل ويتعلم وبما يؤهله للتحول من حالة لأخرى. وهو أمر لا سبيل له بالكذب و"الفهلوة" ولا بالمبالغة والتهويل أو بالإحساس بالتميز على حساب الغير. فقط نعلمهم بأمانة وبأساليب متطورة ونترك لهم مساحة كافية للتفكير والتخيل والإبداع.

ويجب الاهتمام بالكوادر المدنية كأغلبية عظمى،والاعتناء بهم وتأهيلهم بنفس الاهتمام المعنوى والمادى، وليس مجرد إعلانات تجارية عن جامعات جديدة بمصاريف كبيرة دون رؤية حقيقية للمستقبل.