محمد العسكرى.. «مهدى» يظهر آخر الزمان أم طفل مختفى؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

محمد الشماع


يؤمن عموم المسلمين بظهور المهدي المنتظر في آخر الزمان، ليكون هذا الشخص هو الحاكم العادل، الذي سينهي الظلم والفساد على وجه الأرض، وينشر العدل والإسلام الصحيح ويحارب أعداء الإسلام وينتصر عليهم أجمعين.

أهل السنة ينتظرون شخصاً اسمه يوافق اسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، (محمد بن عبد الله)، وسيولد كأي إنسان عادي ليكون هو المهدي، وذلك وفقاً لما جاء في باب المهدي في سنن أبي داوود، الذي قال حُدثت عن هارون بن المغيرة، قال حدثنا عمرو بن أبي قيس عن شعيب بن خالد عن أبي إسحق قال، قال علي (رضي الله عنه) ونظر إلى ابنه الحسن فقال: «إن ابني هذا سيد كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخلق، ثم ذكر قصة يملأ الأرض عدلاً».
 

اقرأ أيضا| حادث "المهدي المنتظر".. تقرير مصري يحدد سلامة المسجد الحرام

أما أهل الشيعة (الاثنا عشرية)، ووفقاً لكتاب «أعيان الشيعة» الصادر في بيروت لمحمد حسن الأمين، فيعتقدون بأن المهدي هو من أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، من ولد فاطمة الزهراء بنت محمد، وأن اسمه محمد بن الحسن المولود عام 255 هـ، وهو الذي اختفى عن الأنظار في سن الخامسة، وقد أعطاه الله طول العمر فهو حي منذ ذاك الحين لكنه مختفٍ عن الأنظار ولن يظهر إلا في آخر الزمان ليعلن دولته.


ومحمد بن الحسن العسكري المقصود عند أهل الشيعة هو محمد المهدي، وهو آخر أئمة الإثنا عشرية، وهو الذي تولى الإمامة بعد أبيه الحسن العسكري، وقد ولد المهدي في 15 من شعبان عام 255 هجري، أي 874 ميلادية في مدينة سامراء، شمال العراق، وأمه نرجس زوج الحسن العسكري.


أدبيات الشيعة الإثنا عشرية تذكر أن له غيبتين: الأولى الغيبة الصغرى وكانت مدتها 69 سنة، وبدأت عام 260 هجري، وامتدت حتى عام 329 هجري، وكان اتصال الشيعة به عن طريق سفرائه وهم: عثمان بن سعيد، ومحمد بن عثمان، والحسين بن روح، وعلي بن محمد السمري.

أما الغيبة الثانية فهي الغيبة الكبرى والتي بدأت عام 329 هـجري، بعد وفاة آخر سفير من سفرائه وغيبته واحتجابه لأمر أراده الله، وفقاً لكتاب نظرية الإمامة لدى الشيعة الإثنى عشرية، تحليل فلسفي للعقيدة، لمحمد محمود صبحي، والصادر عن دار النهضة العربية في مصر.


المدهش في الأمر أن فرق الشيعة الأخرى لا ترى في محمد المهدي إماما، بل أن مثلاً الإسماعيلية ترى أن المهدي ظهر بالفعل وأسس الدولة الفاطمية، وهو عبدالله المهدي الفاطمي، أما الزيدية فيرون أنه سيخرج من اليمن، فيما لا تعترف الأباضية بفكرة المهدي نفسها، بحجة أنها لم ترد ذكرها في القرآن الكريم.

كثير من علماء المسلمين والتاريخ يرون في محمد بن الحسن المهدي شخصاً عادياً، أو بالأدق طفلاً عادياً، اختفى نتيجة الموت الطبيعي أو القتل، بل ربما البعض يرونه شخصية أسطورية لم تكن موجودة في الأساس، لكن أغلب الروايات التاريخية ترجح أن أبيه الحسن العسكري أنجبه، وظل يحاول إخفاءه عن الناس إلا المقربين منه فقط، خوفاً عليه من سطوة الدولة العباسية، التي كانت تنكل بالعلويين في ذلك الوقت، حيث إن الحسن العسكري كان في إقامة جبرية في مدينة «عسكر» ليكون تحت أنظار السلطة.

في كتاب «كمال الدين» للشيخ الصدوق عن أبي غانم الخادم مذكور أن الحسن العسكري أخرج ولده محمّدًا في الثّالث من عمره، وعرضه على أصحابه قائلًا: «هذا صاحبكم من بعدي، وخليفتي عليكم، وهو القائم الذي تمتد إليه الأعناق بالأنظار، فإذا امتلأت الأرض ظلمًا وجورًا خرج فملأها قسطًا وعدلًا».


بعد وفاة الحسن العسكري، قال بعض المؤرخين إن أخيه جعفر بن علي الهادي ادعى الإمامة،  ويذكر البعض أنه لم يكن يعرف أن للإمام الحسن ابناً يسمى محمداً، لكنَه عندما علم بأمره، تنازل له وأعلن البيعة لابن أخيه، وهى رواية ضعيفة للغاية، فكيف لعم ألا يعرف أن أخيه قد ولد طفلاً، لا سيما أن الحسن العسكري هو الإمام الحادي عشر من الأئمة الاثنى عشر عند الشيعة.
روايات اختفاء الطفل محمد بن الحسن المهدي عديدة للغاية، لكن أشهرها أنه بعد الإعلان عن نفسه إماما وهو في سن الخامسة، والصلاة على أبيه أمام الملأ، وبعدما بدأت السلطة العباسية في الاستقصاء عنه، غاب الإمام عن الأنظار.
فيما تروي رواية اليزدي التي ذكرها في كتابه «إلزام الناصب» أن الإمام الطفل عاش لعمر السبعين سنة، وقتل على يد امرأة من بني تميم اسمها سعيدة التميمية، ووصفها اليزدي بأن لها لحية كلحية الرجال.
القصص التي نُسجت حول الطفل الإمام كثيرة ومتعددة، وفكرة قبول كونه المهدي المنتظر من عدمها خاضعة لعقيدة المسلمين ومذهبهم.