كتب : محمد كمال
كانت الأسرة المصرية هي الشغل الشاغل لأسامة أنور عكاشة، والركيزة الأساسية فى أعماله، فهو صاحب أهم وأفضل مسلسل فى تاريخ الدراما المصرية، اليالي الحلميةب بأجزائه الـ5، ذلك المسلسل الذي يعتبره الكثيرين تأريخ للمجتمع المصري والتحولات السياسية والاقتصادية والفكرية التي شهدها منذ العصر الملكي مرورا بثورة يوليو وهزيمة يونيو وانتصار 73 والدخول في عصر الانفتاح، ثم ركود الثمانينيات، وصولا إلى تسعينيات القرن الماضي، حيث تم رصد كل مرحلة بتفاصيلها الدقيقة في ملحمة اليالي الحلميةب، ففي الظاهر أن العمل يرتكز على المنافسة الدائمة بين االباشا سليم البدريب وبالعمدة سليمان غانمب، لكن في الباطن أهتم عكاشة بتفاصيل كل الشخصيات والتحولات التي شهدتها خلال مسار حياتها طبقا للتغييرات الإجتماعية السريعة، والمسلسل قدم أول جزء منه عام 1987 والثاني عام 1989 والثالث عام 1990 والرابع عام 1992 والخامس عام 1995، والمسلسل إخراج اسماعيل عبد الحافظ، وشارك في بطولته يحيى الفخراني وصلاح السعدني وصفية العمري.
لم تتوقف شخصيات عكاشة النابضة بالحياة عند أجزاء اليالي الحلميةب فقط، بل أمتدت إلى معظم أعماله، شخصيات سطر أسمائها بحروف من ذهب في الدراما المصرية، حتى قبل تجربة االحلميةب.. بداية من االأسطى عباسب وانبوية الدلالةب في مسلسل االمشربيةب عام 1978 في شخصيتين قدمهما شكري سرحان وسميحة أيوب.. وبسيد الفوالب وبكامل النواسانيب وبأمين شحاتةب في مسلسل اأبواب المدينةب بجزئيه، وظهور شخصيات جديدة في الجزء الثاني مثل ازين أبو روسب الذي قدمه صلاح السعدني، والمسلسلات الثلاثة إخراج فخر الدين صلاح.. ثم النجاح الكبير الذي تحقق من خلال الشقيقين احافظب وبشوقي رضوانب في مسلسل االشهد والدموعب الذي يعد التجربة الأولى بين الثنائي الشهير في الدراما المصرية أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ، فقد قدما الجزء الأول عام 1983 والثاني عام 1985.. ثم ارحلة أبو العلا البشريب الإجتماعية التي تبحث عن المدينة الفاضلة وعلاقاته مع أسرته بعد التقاعد في المسلسل الذي حقق نجاحا جماهيريا كبيرا وقت عرضه عام 1986 للمخرج محمد فاضل.. وفي نفس العام قدم مسلسل االحب وأشياء أخرىب مع المخرجة إنعام محمد علي.
في عام 1988 يبدع عكاشة في كتابة شخصية االمعلمة فضة المعداوي، ذلك الدور الخالد للراحلة سناء جميل، والتحول الذي شهده المجتمع المصري لأصحاب الثورات وخلفيتهم الثقافية والإجتماعية وصراعهم ضد المثقفين الذين يمثلهم االسفير مفيد أبو الغارب، ذلك الدور الذي قدمه الراحل جميل راتب في مسلسل االرايا البيضاب، والذي شارك في بطولته هشام سليم وسمية الألفي ونيبل الدسوقي وأخرجه محمد فاضل، ومع فاضل أيضا قدما معا المسلسل الشهير اأنا وانت وبابا في المشمشب في الدور العظيم الذي قدمه الراحل حسن عابدين أو اعبد الباقي الجوهريب.
موهبة وتألق عكاشة دعت اسيدة الشاشة العربيةب، فاتن حمامة، لدخول عالم المسلسلات التليفزيونية الكاملة للمرة الأولى، بعد أن اقتصرت تجاربها في التليفزيون على عدد من السهرات وبعض المسلسلات الإذاعية، لتخوض التجربة من خلال مسلسل اضمير أبلة حكمتب عام 1991 مع المخرجة إنعام محمد علي.. اأبلة حكمتب ناظرة إحدى المدارس الثانوية بالإسكندرية، والتي تحلم بتطبيق تجربة تربوية حديثة في مدارس الإسكندرية، وعلاقاتها بكل من حولها، وعلى رأسهم االقبطان وجيهب، الذي جسده الراحل أحمد مظهر.. وفي الإسكندرية أيضاتلكن مع المخرج محمد فاضل قدم عكاشة في نفس العام مسلسل االنوةب الذي يعد أفضل ما قدمت فردوس عبد الحميد من خلال دور اسوكاب السيدة السكندرية التي تحاول لم شمل أسرتها.
برع عكاشة في سرد شخصية احسن النعمانيب في مسلسل اأرابيسك الذي قدمه عام 1994 مع المخرج جمال عبد الحميد، احسنب يمتلك محل لصناعة االأرابيسكب الذي ورثه عن والده الذي يحاول بشتى الطرق الحفاظ على التراث والقيم الإنسانية التي بدأت في الإندثار نتيجة تغييرات المجتمع، وهو في نفس الوقت يحاول الحفاظ على مهنته التي أصبحت لا تستطيع التماسك في ظل التقدم التكنولوجي السريع، المسلسل شارك في بطولته صلاح السعدني وكرم مطاوع وهدى سلطان.
توهجت موهبة عكاشة في تفاصيل ملحمة ازيزينياب بجزئيها من خلال شخصية ابشر عامر عبد الظاهرب الشهير بـببوتشيب، الرجل السكندري الذي يجمع بين الأصالة المصرية التي ورثها من والده والنزعة الأوروبية التي ورثها من والدته التي تنتمي للجالية الإيطالية التي قطنت الإسكندرية لأعوام طويلة، وظل ابشرب بخفة ظله يسير على هذين القضيبين خلال مسار حياته المبهجة.
عام 1997 قدم عكاشة مع عبد الحافظ مسلسل اأهاليناب ذلك المسلسل الذي لم يحمل نجم كبير وقتها سوى هشام سليم، لكن راهن الثنائي وقتها على صابرين وعلى قدرات حسن حسني وماجدة الخطيب مع مجموعة من الشباب يأتي في مقدمتهم منى زكي التي كتبت في هذا المسلسل انطلاقتها الأولى، وأيضا طارق لطفي ومحمد عبد الحافظ ومحمد الشقنقيري،
نجاحات الفنانات مع عكاشة أغرى سميرة أحمد لتستعين به ليكتب لها مسلسل اإمرأة من زمن الحبب، الذي أخرجه إسماعيل عبد الحافظ، والذي قدمت خلاله دور اوفيةب المرأة الصعيدية التي ترعرت في مدارس الراهبات التي يستعين بها شقيقها الدبلوماسي الذي ترك الصعيد منذ أعوام واعتاد على الحياة في العاصمة حتى تقوم بإصلاح ما أفسده في تربية أبنائه الأربعة.. شارك في بطولة المسلسل يوسف شعبان وهشام سليم ومحمد رياض وجيهان فاضل وعبلة كامل، وكان نقطة الإنطلاق الأولى لكريم عبد العزيز وياسمين عبد العزيز.. وبعده بعام ينجح عكاشة في الجمع بين الثنائي محمود مرسي ويحيى الفخراني في مسلسل واحد وهو الما التعلب فاتب في تجربة كوميدية خالصة اقتحم بها عكاشة عالم النصب والتحايل من خلال الصراع الكوميدي بين انديم بهنسيب وبباهر العسالب في المسلسل الذي أخرجه محمد النجار.. في الألفية الجديدة استمر عكاشة في طرح شخصياته المصرية الأصلية ويأتي في مقدمتهم شخصية امغاوريب وعلاقته بـبرزقةب في مسلسل اعفاريت السيالةب من خلال الأسرة الفقيرة المعدومة التي فجأة تتحول إلى ثراء فاحش.. وأيضا شخصية اأميرةب التي قدمتها سميرة أحمد في اأميرة في عابدينب.. وأيضا اسيد عبدربه صالح القوصيب الشهير بـبكنارياب التي قدمها فاروق الفيشاوي في اكناريا وشركاهب، والتي قدم من خلالها عكاشة أزمات عمليات التزييف.
في النصف الثاني من العقد الأول في الألفية الجديدة قدم عكاشة ملحمة جديدة مع المخرج إسماعيل عبد الحافظ، وهي االمصراويةب، ففي عام 2007 قدم الجزء الأول الذي حمل عنوان االفجر في بشنينب، والثاني عام 2009 بعنوان افي الريف والبنادرب، من خلال شخصية االعمدة فتح الله الحسينيب، والصراع الكبير على هذا المنصب، وقدم الشخصية في الجزء الأول هشام سليم، وفي الجزء الثاني الراحل ممدوح عبد العليم، لتكون تلك الملحمة ختام رحلة عظيمة لأسامة أنور عكاشة مع الدراما المصرية والمجتمع المصري الذي عبر عنه الراحل بإقتدار وتمكن.
في عام 2013 قام المخرج محمد ياسين بمعاونة كتاب السيناريو وائل حمدي ومريم ناعوم وهالة الزغندي والراحلة نادين شمس في تحويل رواية امنخفض الهند الموسميب لأسامة أنور عكاشة، إلى مسلسل يحمل اسم اموجة حارةب، والذي يعد من أنجح المسلسلات التي عرضت خلال العقد الثاني من الألفية الجديدة، من خلال أسرة االعجاتيب، وعلى رأسها االضابط سيد العجاتيب، في المسلسل الذي شارك في بطولته الأردني إياد نصار ورانيا يوسف والتونسية درة.
لم يكن عكاشة بعيدا عن السينما رغم تفرد تجربته في التليفزيون، لكن بالتأكيد لم تكن تجربته مع االشاشة الفضيةب بنفس توهج نظيرتها في التليفزيون، فقد قدم عكاشة للسينما 5 أفلام، أشهرهم على المستوى الجماهيري اكتيبة الإعدامب، الذي أخرجه الراحل عاطف الطيب، وشارك في بطولته نور الشريف ومعالي زايد وممدوح عبد العليم وشوقي شامخ.. ومع عاطف الطيب أيضا قدم عكاشة فيلما آخر هو ادماء على الأسفلتب.. وقدم عكاشة 3 أفلام أخرى هم االطعم والسنارةب مع المخرج محمد حسيب، وبتحت الصفرب مع المخرج عادل عوض، وبالهجامة مع محمد النجار.