فرحة رمضان.. بـ«لمة العيلة»

الشيخ الشعراوي
الشيخ الشعراوي

كتب : كرم من الله السيد


 أتذكر رمضان في طفولتي، حيث نجتمع حول مائدة الإفطار مع العائلة والأصدقاء منتظرين مدفع الإفطار منطلقا من الراديو.. أتذكر الشوربة وقمر الدين مع دعاء الشيخ الشعراوي ثم فوازير آمال فهمي.. أتذكر الفوازير التي يكسبها أول من يعرف الإجابة الصحيحة.. أتذكر أيضاً التمدد على الكنب بعد الإفطار بمعدة ممتلئة وقلوب سعيدة لنشاهد برامج التليفزيون.


 ومن هنا تضع "الأخبار المسائي" أهمية العلاقات الأسرية في رمضان في موضوع حيث يوقظ فينا رمضان أخلاقيات متعددة وقيم مهمة، منها قدرة النفس على المقاومة، وزيادة التقوى وتفهم المصاعب التي يمر بها الفقراء والمساكين بالصوم عن الطعام والشراب والعلاقة الزوجية، كذلك مقاومة التصرفات السيئة والألفاظ الخاطئة.. فهذا الشهر له قوة دينية جبارة، لكن إضافة للمعنى الديني لرمضان.. تأتي الأهمية الاجتماعية له خلال 30 يوماً حتى عيد الفطر، فنجد في رمضان العديد من القيم والمظاهر الاجتماعية المختلفة، ومن هذه القيم..  جوع أقل من أهم نتائج الصيام هو أننا ندرك معنى الجوع الذي يتعرض إليه من هم أقل حظاً منا، وبالطبع يتغير أدائنا ونهتم بهم أكثر، فلا يوجد وقت في السنة يصبح فيه المصريون أكثر كرماً وإحساناً من رمضان، آلاف من شنط رمضان يتم تحضيرها، وآلاف من موائد الرحمن تنتشر في الشوارع والأركان، والكثير من حقائب التبرع بالملابس تذهب إلى الفقراء.

 ازدهار أعمال الخير يميل الناس إلى الاهتمام بأعمال الخير في رمضان، فتجد الشباب يتطوعون بالوقت والمجهود للمساعدة في رمضان كنوع من الاهتمام بالتطوير الديني لأنفسهم. وقت للأسرة حتى لو كنت لا تزور الأصدقاء أو الأقارب على الإفطار أو السحور، يكاد يكون من المستحيل أن يترك فرد في العائلة يفطر وحده، حيث تجتمع العائلة على الإفطار كعادة يومية للإفطار والحوار ومدح الطاهية الممتازة التي أعدت الطعام، وربما بعد ذلك يجلسوا ليتابعوا مسلسلات التليفزيون في آخر المساء، فرمضان هو أفضل وقت «للمة العيلة».

 لمة.. بعد غياب تمتلئ أجندة المواعيد بالزيارات العائلية خلال شهر رمضان من أول دعوات الإفطار والسحور التي نحصل عليها من أفراد العائلة والأصدقاء القريبين منا والبعيدين، وبالطبع رد هذه العزومات بدعوات أخرى للإفطار والسحور، وبالرغم من أن هذه العزومات مجهدة، لكنها فرصة رائعة للتجمع مع أفراد العائلة الذين لا نراهم كثيرا بسبب مشاغل الحياة، فمنهم من لا نراهم سوى في رمضان، ونسعد جدا بلقائهم ورؤيتهم، وفي الليلة السابقة لبداية الشهر الكريم، نتصل بجميع من نعرفهم لنقول لهم «كل سنة وأنتو طيبين».. وهي عادة رائعة ومهمة، وفي آخر رمضان نقول لهم «كل سنة وأنتو طيبين» بمناسبة عيد الفطر، هذه العادات الاجتماعية المهمة تساعدنا على التواصل الدائم مع الأشخاص المهمين في حياتنا.

الأطفال وبهجة، رمضان بالنسبة للأطفال هو وقت ساحر ورائع، زمان كان الأطفال يستمتعون بطرق أبواب الجيران في الليل ليغنوا «وحوي يا وحوي» ليحصلوا على الحلوى والنقود القليلة، والآن يستمتع الأطفال بالتجمعات العائلية.


العائلية والسهر واللعب والاستمتاع بمحبة المحيطين بهم، وبالطبع العيد هو النهاية المثالية لكل هذه الاحتفالات اليومية على مدار الشهر فيحصلون على ملابس جديدة وهدايا ولعب.  تسامح أكثر.. قبول أكثر تذوب الحدود الاجتماعية في رمضان ويصبح الناس أكثر قبولا لبعضهم، لن ترى في أي وقت آخر عامل يجلس ليفطر جنبا إلى جنب مع صاحب سيارة مرسيدس وجد نفسه في زحام مروري بينما الآذان يُرفع وقرر أن يفطر على إحدى موائد الرحمن، كذلك يحثنا رمضان علي الامتناع عن الأفعال السيئة، لذلك فمن المهم أن تبتسم في وجه جارك في الصباح ومساعدة سيدة تريد أن تعبر الطريق.

 تجربة كاملة سواء للمسلمين أو المسيحين، رمضان تجربة فريدة يعيشونها في مصر، كلنا نرى احتفالات رمضان في الشوارع، كلنا ننام في أخر الليل ونرجع إلى البيوت بعد الظهر في مواعيد واحدة، لا يأكل المسيحيون أمام المسلمين في نهار رمضان مراعاة لحالة الصيام والحرمان من الأكل، الجميع يخرج للزيارات ولتلبية دعوات الإفطار والسحور، وكل البيوت تزينها زينة رمضان ويعلق فيها الفانوس الشهير.