في ذكرى العاشر من رمضان

صائد الدبابات.. قصة المجند «عبدالعاطي» الذي أرعب الإسرائيليين

حرب أكتوبر
حرب أكتوبر
بدا «المشهد» مميزًا للغاية حين قام أحد المجندين بأداء التحية العسكرية بعد طابور أفراد القوات المسلحة أمام الفريق أول «أحمد إسماعيل علي» وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة ثم صافح الوزير.. من هذا المجند؟

 

بدأت تفاصيل القصة تتكشف حين وقف وزير الحربية أمام شريط افتتاح معرض الغنائم لتقديم دبابات ومدرعات العدو الإسرائيلي في حرب 1973 للجمهور، ثم نادى قائلا: «فين عبدالعاطي ؟».

 

 

خرج المجند وتقدم خطوة، قبل يسأله وزير الحرية في حنان أبوي: إزيك؟, ثم استمر في تحية المجموعة الرمزية من أفراد القوات المسلحة الذين يمثلون الأسلحة المختلفة.

 

وعبدالعاطي هو نفس الجندي الذي سأله عن حاله, فأمره وزير الحربية أن يحضر بجواره, و تقدم عبدالعاطي للوزير ليمنحه المقص حتى يقص شريط افتتاح المعرض.

 

علت الدهشة وجوه كل الحاضرين ولم تزلها سوى تقديم وزير الحربية بنفسه عبدالعاطي للحاضرين، قائلا: "عبدالعاطي وزميلان له ,هم نماذج مشرفة للمقاتل المصري الشجاع أثناء حرب أكتوبر، لقد دمروا  23 دبابة ومدرعة, فتقدير القائد لا يكون إلا للأبطال".

 

أما قصة تنفيذ تدمير الدبابات كما رواها بطلها لجريدة الأهرام في 10 ديسمبر 1973؛ حيث يبدأ عبدالعاطي بتعريف نفسه: "أنا محمد عبدالعاطي عسكرى المدفعية.. وفي يوم 6 أكتوبر 1973 أي أول أيام حرب رمضان (العاشر من رمضان)، كان مهمتي واثنين معاونين لي في تشغيل الصاروخ المضاد للدبابات".

 

كانت المهمة الرئيسية هي ضرب مدرعات العدو التي تتقدم لصد هجمات رجال العبور "في موجاتهم الأولى"، والثلاث رجال يرون أن كفائتهم أعلى من أداء المهمة "دفاع الخط الثاني" لذلك طلبوا من القائد أن يجعلهم في المقدمة وليس في الصف الثاني فاستجاب القائد لهم وسمح لهم بالتقدم.

 

وفي اليوم الثاني (7 أكتوبر 1973)، تقدم الجنود البواسل زاحفين داخل سيناء, فيما كانت قذائف المدفعية تنطلق ومسرح العمليات كشعلة  من النار، والطيران الحربي يمارس نشاطه ويلقي حمولاته في كل مكان, بينما عبدالعاطى ورفيقيه يمارسون مهمتهم وهي تدمير دبابات العدو ومدرعاته قبل تقدمه, فهم ليسوا يواجهوا العدو فقط إنما العدو المدرع بالصواريخ.

 

استطاع المجندون الثلاثة مواجهة دبابات العدو التي كانت من طراز (م-60)، وأطلقوا القذائف على الهدف (المدرعات) فأصيبت أولا ثلاثة دبابات ثم تراجعت الدبابة الرابعة والخامسة, و انسحب العدو، وما كان إلا "طعما" لكن يقظة عبد العاطي جعلته يتوقع عودة الدبابتين وهو ما حدث بالفعل حيث عادتا ليصبح المجندون الثلاثة في مواجهة مع 8 دبابات.

 

واتضح أن موقعهم يتعرض للقصف المركز من العدو, ففكر عبد العاطي في إنقاذ الموقف ووجد الحل أن يغير الموقع, فنظر حوله فوجد مجموعة من الكثبان العالية وهناك يستطيعوا التحكم على المواقع المحيطة.

 

لكنهم فوجئوا بتقدم 3 دبابات إسرائيلية أخرى من نفس نوع الطراز فأطلق عبدالعاطي ورفيقيه القذائف على دبابات العدو, وأصابوا الهدف، ما دفع الجنود الإسرائيليون يهرعون في بطن صحراء سيناء حتى لا يتم أسرهم.

 

و ازداد عدد أفراد الأعداء لكن كل ما يهم عبدالعاطي وفريقه أن يستمروا في مواجهة الدبابات ومدرعات العدو, رغم أن المواجهة صعبة واستمرت لساعات الليل المتأخر وقبل أن تخر قواهم تقدم عبدالعاطي ورفيقيه وأصابوا دبابات العدو وعادوا لتجهيز أسلحتهم بسرعة فائقة.

 

وانطلقت عربة مجنزرة للعدو بسرعة هائلة نحو عبدالعاطي ورفيقيه إلا أنهم في هذه اللحظة تمكنوا من اختراقها واستهدافها للتحول العربة الإسرائيلية إلى قطعة من النار وكان فيها 20 فردا وتم احتراق البعض وتم أسر البعض الآخر.

 

وفي نهار اليوم الثالث للقتال (8 أكتوبر) كانت تنطلق 10 دبابات من الشرق فى سرعة هائلة وتطلق النيران على موقع عبدالعاطي وفريقه، إلا أنهم تصدوا لها في شجاعة نادرة وقلب لا يقهر وأطلق 4 مقذوفات استقر كل منها في الدبابات, وكانوا يبذلون جهودا مضاعفة لمواجهتها.

 

أصبحت أرض المعركة مليئة بحطام دبابات العدو ومدرعاته وأشلاء قتلاه, فكانت هذه مصدر فزع للقيادات ولم يرسل أي دبابات إلى المنطقة التي بها عبدالعاطي ورفيقيه لمدة 5 أيام.

 

و بعد 5 ايام من الاستعدادات للمواجه والتأهب إلى المعركة من جديد, ظهرت دبابة معادية وظلت تطلق نيرانها على المواقع, وكانت توجد دبابة "عبدلعاطي فقط" في الموقع بينما الدبابتين اخران كانت تلف حول الموقع, وكان أمام المجند المصري مهمة ضرب الدبابة التي "تخندقت " ولم  يظهر منها سوى البرج وماسورة المدفع, والضرب في البرج يحتاج إلى دقة متناهية للغاية ويعترف عبد العاطي أنه لم يكن الأمر سهلا ولم يكن مؤكدا على إصابتها.

 

 ففضل عبد العاطي أن يحتفظ بالذخيرة ويراقب الدبابة ويجعلها تحت ملاحظتهم واستمروا حتى تحركت لكن اطلقت دبابة العدو أثناء تحريكها القذائف وأطلقت أكثر من 30 طلقة ثم سكتت فأدرك عبدالعاطي أن ذخيرة العدو قد نفذت وتأكد استنتاجه عندما شاهدوا أحد فراد دبابة العدو يصعد فوق البرج ليرى الذخيرة.

 

واستغل عبدالعاطي ورجاله الفرصة وسددوا إليهم صاروخا فجرهم وقتل من بداخل الدبابة، ثم بدأت دبابات العدو تندفع تحت حماية طيرانها التي لم تنجيهم من الرجال المصريين البواسل الذين دمروا 23 دبابة وقتلوا عددا كبيرا من أفراد العدو وأسروا البعض الآخر.

 

ويشهد عبدالعاطى بشجاعة رجاله, حيث واجهوا مقذوفاتهم تجاه أول دبابة ثم إلى العربة المجنزرة كرسالة تحذير للآخرين وبالفعل تراجعوا, وحزن عبدالعاطي على فقدان أحد زملائه.

 

 

والمجند المصري عبدالعاطي ولد فى 15 ديسمبر 1950 من قرية شيبه قش تابعة محافظة المنيا, وحقق رقما قياسيا عالميا لم يبلغه أحد؛ حيث دمر 23 دبابة, وبعد الحرب عاد إلى قريته بمنيا القمح، وحصل على نجمة سيناء, وتوفي في 9 ديسمبر 2001.

 

المصدر: مركز معلومات اخبار اليوم 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي