«المفتول والعوامة» على مائدة الأردنيين في رمضان

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

«المجالس العلمية الهاشمية» تبحث عن زوار فى زمن «الكورونا»

المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية، مسلمة تتميز باختلاط الأعراق والأنساب، حيث هاجرت إليها منذ إنشاء الدولة فى عشرينيات القرن الماضى عائلات شامية وكردية وفلسطينية، ومؤخرا ًونتيجة الحرب في سوريا، قدم الكثير من السوريّين إليها.

والأردن، كغيره من البلدان العربية والإسلامية، يتمتع بعادات وتقاليد تجعله مميزاً خلال شهر رمضان، وينبع الأمر من خصوصيته المرتبطة بتنوعه الثقافي، إضافة إلى العوامل البيئية والجغرافية. واللافت أن الأردنيين يتشاركون مع غيرهم من الشعوب العربية والإسلامية بعض عاداتهم.

اقرأ أيضا| إصابة ضابط أردني أثناء اشتباك مع مهربين على الحدود مع سوريا

وتشهد عمان والمحافظات الأردنية احتفالات رمضانية غامرة بالروحانيات،  فضلاً عن إقامة أمسيات رمضانية يومية بعد انتهاء صلاة التراويح تتألق فيها فرق الإنشاء الديني في إمتاع الحاضرين بالأناشيد الدينية والمدائح النبوية، إضافة إلى الخطب والحلقات الدراسية والدينية والفقهية لعلماء المسلمين.

وبعد تحديد اليوم الأول تعلن المساجد الصيام عن طريق رفع الأدعية والابتهالات، وتجد الفوانيس في كل مكان وقد خرج بها الأطفال في واحدة من التقاليد التي لا تزال تدخل بهجتها على قلوب الصغار والكبار، كما أن هناك أشياء لم تتغير على مدار عقود منذ تطور الدولة فى الأردن، وهى لقاء الأقارب في اليوم الأول لدى كبير العائلة الجد أو الأب.

وكعادة الكثير من الدول العربية، فإن معظم المحال التجارية تظهر اليافطات معلنة عن توفر سلع رمضانية خاصة لديها، من الحلويات المتنوعة إلى قمر الدين والتمر والقطايف واللحوم الطازجة والأجبان، ويثور مع كل رمضان فى الأردن وخاصة فى ظل ظروف جائحة كورونا ذلك الجدل حول ارتفاع الأسعار، فالمحال  والتجار يرون أنهم يعملون على خفض الأسعار عن طريق تقديم عروض للزبائن.

وأكد نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق، أن المواد الغذائية ومستلزمات رمضان متوفرة بكميات كبيرة بالسوق المحلية، داعيا المواطنين إلى عدم التهافت على الشراء، لكنه اعترف بوجود ارتفاع طفيف طال أسعار بعض أصناف البقوليات جراء زيادة أثمانها في بلد المنشأ ومنع بعض الدول تصدير هذه المنتجات، فى المقابل فإن المواطنين يؤكدون أن قدرتهم الشرائية ضعفت وباتت مقتصرة على الأساسيات وضمن الحاجة فقط.

ورغم تلك الصعوبات التى تواجه المواطن العربى بصفة عامة، فإن الطعام الأردني كما الفلسطيني يتميز خلال شهر رمضان بأصناف معينة يفضلها الصائمون وتختلف أحياناً من منطقة إلى أخرى، ومن الأكلات المشهورة أكلة المفتول (هذه الأكلة بالأساس من الأطباق الفلسطينيّة الشعبيّة، ومكوناته الرئيسية الدجاج والطماطم والحمص المجفف، بالإضافة للبهارات)، والمقلوبة والملوخية والحلويات مثل والكنافة والعوامة وغيرها من المأكولات الأخرى.

كما لا تغيب المتبلات والمخللات والسلطات عن المائدة، وتتربع القطايف على مائدة الحلويات وتبقى التمور هي فاتحة وبركة الخير لكل إفطار.

أما المشروبات التي اعتاد عليها المواطنون في هذا الشهر فأهمها شراب الخروب والفواكه المختلفة الذي لا تخلو موائد البيوت منه، كما لا يتوانى الباعة عن تقديمه في الأسواق والساحات العامة مع مشروبات أخرى مثل الكركدية وقمر الدين وعرق السوس ومختلف العصائر.

ولرمضان  في الأردن طقوس مختلفة لا تجدها في الشهور الأخرى، إذ يعتبر أهل العاصمة الأردنية وغيرهم في المحافظات رمضان فرصة لإحياء العادات والتقاليد الأصيلة واستعادة القيم التي تعزز التجانس بين أفراد المجتمع.

وما يلفت الانتباه أن العائلات ما تزال تحافظ على الجيرة الحسنة، فتبادل الإفطار لا يغيب بين الأسر والجيران، وهي المناسبة التي تجعل ربات البيوت يتفنن في إعداد الأكلات للتباهي بها.

ومن الجمل المشهورة والمألوفة لدى الأردنيين هى: «اليوم مخضرين، ولا مبيضين؟» وهى الجملة الأبرز التي يطرحها الأردنيون في أول أيام شهر رمضان، للسؤال عن الطعام هل سيكون باللون الأبيض أم الأخضر، من باب التفاؤل بهذين اللونين.

وينقسم الناس في الأردن إلى أشخاص «يبيضون» طعامهم باللبن كالمنسف (يعتبر الطبق الوطني في الأردن، فيطبخ بالأعراس والأفراح ومختلف المناسبات، حيث يرتبط بالثقافة الأردنية القائمة على الرعي والزراعة، يُؤكل المنسف باتباع الطريقة التقليدية حيث تلتف جماعة حول طبق كبير واضعين أيديهم اليسرى خلف ظهورهم ويأكلون بأيديهم اليمنى دون استعمال الملاعق، حيث يعتبر استخدام الملعقة في أكل المنسف غير مقبول حسب التقاليد".

ويتكون من ثريد لحم الضأن بلبنها والخبز والبرغل أو الأرز، وفى بعض المناطق الأردنية يُستخدم السمك أو الدجاج بديلاً عن اللحم، والفول باللبن، ومحشي الكوسة، وآخرون «يخضرون» طعامهم بخضراوات وأعشاب، بالدوالي والكوسا أو الملوخية. هذا الأمر مرتبط بمعتقدات لدى الشعب الأردني، بجعل أيامهم بيضاء كطعامهم، أو خضراء ومثمرة.

أما المسحراتي فيجوب الكثير من شوارع المدن والقرى الأردنية، يشدو بصوته بالأناشيد الرمضانية والأذكار، ويرافقه الطبل الذي ينقر عليه بقوة، وهو ما يجعلك تشعر بجمال وقيمة رمضان بعباداته الدينية وعاداته الاجتماعية، وسابقاً كان تُستخدم الفناجين النحاسية ويطرقها ببعضها البعض، وكان المسحراتى يتم اختياره من قبل وجهاء المناطق والحارات وأئمة المساجد.

ومن العادات التى كان الأردنيون يحرصون عليها فى المناطق الشعبية إقامة الخيام لاستخدامها فى الجلسات الرمضانية والسمر بعد صلاة التراويح، كما هناك «حفلات» الإفطار الجماعى بين الأهل والأصدقاء.

وتخصص وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية «المجالس العلمية الهاشمية» التي تنظمها الوزارة في شهر رمضان المبارك وبرعاية ملكية، على غرار الدروس الحسينية فى المغرب.

وهى عبارة عن لقاءات علمية منفتحة من خلال نخبة من العلماء والمفكرين، ومنذ رمضان 2004 جرى تعميم هذه المجالس فى جميع أنحاء الأردن، وذلك لنشر فكر الاعتدال والتسامح والأخوة خلال الشهر الكريم، وفى العام الماضى أقيمت المجالس دون جمهور فى مسجد الملك الحسين بن طلال.