صناعة الفتوى.. من يصلح لها ؟

أرشيفية
أرشيفية

فوضى الإفتاء خطر على الأمن المجتمعى
الإفتاء بغير علم ضلال و اضلال للغير
شوقى علام: أمانة ثقيلة ومسؤولية عظيمة يتحملها المفتى وصاحب الحاجة
عباس شومان: على المتطفلين على موائد التشريع العودة إلى مهنهم الأصلية

مهمة خطرة ومسؤولية عظيمة أصبحت للأسف اليوم صنعة من لا صنعة له، وتجارة من لا تجارة له، وقد أوجد هذا التجرؤ على الدين حالة ربما تكون غير مسبوقة من الجدل والخلاف والحيرة بين الناس الذين يتطلعون إلى معرفة أحكام دينهم الصحيحة بعيداً عن أدعياء العلم ومدعي القدرة على الإفتاء . وربما انتشار وسائل التواصل الاجتماعى التى اتاحت للجميع منابر للتعبير واسعة الانتشار فاختلط فيها الصالح بالطالح و القنوات الفضائية الخاصة التى يسعى اصحابها للربح على حساب أشياء هامة.
صناعة لها اربعة اركان

 الإفتاء ليس مهمة سهلة، وأهل العلم العارفون بخطورته يفرون منه،  الدكتور عباس شومان يقول: صناعة الفتوى تحتاج إلى علم وفقه وخبرات ومعارف لا يمتلكها كثير من الناس، وهذه الصناعة لها أربعة أركان: المفتي، والمستفتي، والمسألة المستفتى عنها، والفتوى، ولكل ركن من هذه الأركان شروطه التي لا بد من توافرها، حتى تخرج الفتوى منضبطة بالضوابط الشرعية متفقة مع القواعد التي ذكرها العلماء، فالمفتي يلزم أن يكون عالماً مشهوداً له بالبراعة في جملة من العلوم في مقدمتها: كتاب الله وبخاصة آيات الأحكام، وما يتعلق بها من أسباب النزول، والمجمل والمفصل، وما ذكره العلماء في الناسخ والمنسوخ، وكيفية الجمع بين المتعارض ظاهراً، ومن السنة كذلك، ويلزمه أن يحيط بما أجمع على أحكامه سلفنا الصالح، وما اختلفوا فيه، وأن يتقن القياس وأنواعه، ومصادر التشريع المختلف فيها والتي تقارب العشرين مصدراً بعد الكتاب والسنة والإجماع والقياس، ومن قبل ذلك كله يكون عالماً باللغة بالعربية وتراكيبها، والحديث وعلومه، والتفسير، كما يلزمه أن يكون ملتزماً بعلمه، مشهوداً له بالفضل والورع بين الناس، وأن يكون عالماً بحال الناس ومكرهم وخداعهم وأعرافهم .
وإذا كان المفتي مسؤولاً عن فتواه وما فيها من التزام بأحكام الشريعة الإسلامية أو خروج عنها، فالمستفتي السائل عن حكم مسألة عليه هو الآخر مسؤولية، حيث يلزمه أن يسأل عن حكم الله، لا حكم غيره، وأن يسأل عن حكم مسألة يجهل حكمها ويحتاج إليه، ولا يسأل من باب الجدل أو إظهار العلم، أو تعجيز من يسأل .
و يؤكد شومان انموضوع الفتوى له أيضاً ضوابط حيث يلزم أن تكون المسألة محل الفتوى «واقعية» تحتاج إلى بيان لحكمها، وليست من الأمور المفترضة كالتي يتحدث عنها بعض الناس في أيامنا .
وفي كل الأحوال فالفتوى لا بد أن تكون موافقة لمراد الشارع في ظن المفتي، متجردة عن هوى نفسه، ولا علاقة لها بانتمائه الاجتماعي أو السياسي إن وجد، ميسرة على الناس بحسب أحوالهم، ولذا يمكن أن تختلف باختلاف المستفتين، فما يصلح لسائل قد لا يصلح لسائل آخر .
إن هؤلاء الذين يتطفلون على موائد التشريع والإفتاء يجب أن ينصرفوا إلى أعمالهم وتخصصاتهم الأصيلة التي نحتاج إلى رأيهم فيها أشد من حاجتنا إلى تخريفهم في ما يتعلق بالفتاوى الشرعيّة، ويتركوا الفتوى لمن ابتلي بها، وتأهل لها، وليس أمامه مهرب منها .
وعلى الناس جميعاً أن يكفوا عن الذهاب إلى غير المؤهلين للفتوى، فليس كل شخص يرتدي ملابس أشبه بملابس العلماء إذا ذكر كلاماً يتعلق بالحلال والحرام يعد كلامه فتوى من الفتاوى سرعان ما تتلقفها وسائل الإعلام في برامجها الباحثة عن شغل لمساحاتها، لتزيد من حيرة الناس بما يسمعونه من تعليقات من ضيوف ربما هم أجهل ممن ذكر هذا الكلام بكثير، وهذا خطأ كبير، لأن هذه الأقوال لا تصح أصلاً تسميتها فتاوى، وإنما هي مجرد آراء تعبر عن رأي قائليها، ولا يجوز الاعتماد عليها في التطبيق، ولا تعفي السائل عن المؤاخذة الشرعيّة، حيث يلزم السائل أن يلجأ إلى من يعتد بفتواه إن أراد أن يبرئ ذمته ولا يكون مسؤولاً عن تبعة فعله، ومصادر الإفتاء المعتد بها موجودة في كل بلادنا العربية والإسلامية وهي في مصر (الأزهر الشريف) ممثلاً في: هيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلاميّة، ودار الإفتاء المصريّة، وعلى الجميع أن يعلم أن الفتوى التي تصدر عن متخصص في علوم الشريعة ليست محصنة من النظر فيها من الجهة الأعلى، ولذا فإن هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف من حقها مراقبة الفتاوى الصادرة عن متخصصين متى كانت لا تستند إلى ما يمكن قبوله من مصادر الفتوى .
الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورىة يرى ان الإفتاء مسئولية عظيمة، وأمانة ثقيلة، كما أنه منصب جليل ووظيفة شريفة، وأثره فى إصلاح الأفراد والمجتمعات ظاهر، والحاجة إليه من أمس الحاجات، بل تبلغ من الضرورات، فليس كل الناس بل ولا أكثرهم يحسن النظر فى الأدلة ويعلم حكم الله فيما يعرض له من مسائل ومشكلات.

ومع رغبة الناس فى الاستقامة والتمسك بالدين وتوفير وسائل الإعلام والاتصال وكثرة معطيات الحياة العصرية وتجددها، وتسابق أهل الأهواء وأتباع الديانات والمذاهب المنحرفة إلى نشر أفكارهم، وإقناع الناس بضلالاتهم، زادت حاجة الناس وعظمت رغبتهم فى معرفة المشروع والممنوع، والحق والباطل، والحلال والحرام، لذلك كانت برامج الإفتاء فى القنوات الفضائية هى أكثر البرامج قبولاً وأوسعها انتشارَا، ونظرًا لكثرة المفتين، وتعدد مشاربهم، كانت فوضى الإفتاء ذات خطورة على الامن المجتمعى

فى كتاب أصول الدعوة للدكتور عبد الكريم زيدان يقول ..يحرم الافتاء على الجاهل ، لأن الافتاء اخبار عن شرع الله فلا يجوز إلا يعلم ، قال تعالى « قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ » [سورة الأعراف : الأية (33)] فالافتاء بغير علم ضلال واضلال للغير وكل ذلك حرام ، وكما يحرم على الجاهل الافتاء يحرم على الماجن الذي لايبالي بما يفتي وبما يقول»
اقرأ أيضا| هل يجوز التبرد بالماء أثناء الصيام لتخفيف الحرارة؟.. «الإفتاء» تجيب