قصص القرآن| طلب اليهود رؤية الله

محمد متولي الشعراوي
محمد متولي الشعراوي

يقول الحق:«وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55)»، بعد أن تاب الله على قوم موسى بعد عبادتهم للعجل.

عادوا مرة أخرى إلى عنادهم وماديتهم. فهم كانوا يريدون إلها ماديا.. إلها يرونه ولكن الإله من عظمته أنه غيب لا تدركه الأبصار.. واقرأ قوله تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الأبصار وَهُوَ يُدْرِكُ الأبصار وَهُوَ اللطيف الخبير}.

فكون الله سبحانه وتعالى فوق إدراك البشر..

هذا من عظمته جل جلاله.. ولكن اليهود الذين لا يؤمنون إلا بالشيء المادى المحس..لا تتسع عقولهم ولا قلوبهم إلى أن الله سبحانه وتعالى فوق المادة وفوق الأبصار..وهذه النظرة المادية نظرة حمقاء.. والله تبارك وتعالى قد لفتنا إلى قضية رؤيته جهرا فى الدنيا.. بقوله تعالى:»وفى أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ»،أى أن الله جل جلاله وضع دليل القمة على وجود الله الذى لا تدركه الأبصار. وضع هذا الدليل فى نفس كل واحد منا. وهى الروح الموجودة فى الجسد..

والإنسان مخلوق من مادة نفخت فيها الروح فدبت فيها الحياة والحركة والحس.. إذن كل ما فى جسدك من حياة.. ليس راجعا إلى المادة التى تراها أمامك..وإنما يرجع إلى الروح التى لا تستطيع أن تدركها إلا بآثارها.. فإذا خرجت الروح ذهبت الحياة وأصبح الجسد رمة.


إذا كانت هذه الروح التى فى جسدك.. والتى تعطيك الحياة لا تستطيع أن تدركها مع أنها موجودة داخلك..فكيف تريد أن تدرك الله سبحانه وتعالى.. كان يجب أولا أن تسأل الله أن يجعلك تدرك الروح التى فى جسدك.. ولكن الله سبحانه وتعالى قال إنها من أمر الله..

واقرأ جل جلاله: «وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الروح قُلِ الروح مِنْ أَمْرِ رَبِّى وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ العلم إِلاَّ قَلِيلاً».إذا كانت هذه الروح هى مخلوقة لله لا تدركها.. فكيف تطمع أن ترى خالقها.. وانظر إلى دقة الأداء القرآنى فى قوله سبحانه:»حتى نَرَى الله جَهْرَةً»..

فكلمة نرى تطلق ويراد بها العلم. مثلا: «أَرَأَيْتَ مَنِ اتخذ إلهه هَوَاهُ».أى أعلمت.. ولكن جاءت كلمة جهرة لتنفى العلم فقط وتطالب بالرؤية مجهورة واضحة يدركونها بحواسهم. وهذا دليل على أنهم متمسكون بالمادية التى هى قوام حياتهم..نقول لهؤلاء إن سؤالكم يتسم بالغباء.