«الشباب» الظهير السياسى الجديد لمشروع الرئيس الجزائرى

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون

بدأ العد التنازلى للاستحقاق الثانى ضمن فصول إصلاح الحياة السياسية فى الجزائر، لعقد الانتخابات التشريعية للمجلس الشعبي الوطني ( الغرفة الأولى للبرلمان الجزائرى) بقرار من الرئيس الجزائرى عبد المجيد تبون فى 12 يونيو القادم، وسط تعهدات "تبون" بالقضاء على الفساد وابعاد المال السياسى، لاسيما الفاسد منه، عن العملية الانتخابية في كل مراحلها، وتوجيهاته بمراجعة شرط سن ترشح الشباب ورفع حصته في الترشيحات ضمن القوائم الانتخابية إلى النصف بدل الثلث، ورفع حصة الشباب الجامعي إلى الثلث ضمن القوائم الانتخابية دعما للكفاءات الوطنية وخريجي الجامعات في كل ربوع الوطن، وتشجيع التمثيل النسائي في القوائم الانتخابية، بالمناصفة والمساواة لإلغاء نظام المحاصصة. 

اقرأ أيضاً |رئيس الجزائر يأمر بـ«التطبيق الصارم للقانون» ويحذر من «انحرافات خطيرة»

وفى ذات السياق، أجرى الرئيس الجزائرى لقاءات تشاورية مع أبرز الأحزاب السياسية في الجزائر، وذلك في إطار المشاورات التي يجريها مع قادة الأحزاب السياسية، فى ضوء تخفيض عدد الدوائر الانتخابية وعدد المقاعد المطلوب شغلها في انتخابات البرلمان حيث تحدد عدد مقاعد المجلس الشعبى الوطنى بـ407 مقاعد، بدلا من 462 مقعدا محددا فى السابق، أى بتخفيض قدره 55 مقعدا، وأعضاء مجلس الأمة المنتخبين (116)، وفقا لقانون الانتخابات الجديد. 

وطبقا للدستور الجديد بعد التعديلات التي اقترحها تبون وأقرت في استفتاء شعبي، يتم تعيين رئيس الحكومة من الأغلبية البرلمانية لأول مرة، ويمكن أن تكون الأغلبية البرلمانية "رئاسية"  فتطبق برنامج رئيس الدولة، أو تكون من المعارضة فتعد الحكومة برنامجها الخاص بها، كما جاء في الدستور. 

ويتوقع أن تفرز الانتخابات التشريعية القادمة خارطة سياسية جديدة للتشكيلة البرلمانية خاصة فيما يتعلق بالمشاركة الشبابية والشخصيات المستقلة كون قانون الانتخابات ألغى كل الاعتبارات السياسية السابقة وتضمن نصوصا مشجعة لترشح وجوه جديدة- بحسب سياسيون جزائريون، لكن ذلك – كما يرى الصحفى الجزائري عبد القادر خليل -  يبقى مرهون بمدى تجاوب المواطنين الجزائريين مع هذه المستجدات لتحقيق تغيير فعلي ، وذلك ما سينتجه صندوق الإقتراع يوم ١٢ يونيو القادم ". 

خطوات الاصلاح السياسى التى يرسمها النظام فى بلد المليون شهيد، مازالت تقابلها مسيرات تظاهرات اسبوعية  كل يوم جمعة منذ إحياء الذكرى الثانية للتحرك الشعبي في 22 فبراير الماضى.

ومن اللافت، أن تلك المسيرات الاحتجاجية بدأت تأخذ منحياً خطيراً من شأنها  تقويض حالة الاستقرار الأمنى، وضغوطاً زائدة على الظروف الصعبة التى تعيشها بلد المليون شهيد، وذلك بعد أن أعلنت النيابة العامة فى الجزائر قبل اسبوعين،  تفكيك شبكة إرهابية خطط أفرادها لتنفيذ عمليات إرهابية واستهداف مسيرات الحراك الشعبي منتصف الشهر الماضى، وأوضح بيان النيابة أن المخطط الإرهابي كان يقضي بتفجير سيارتين وسط مدينتي تيزي وزو وبجاية شمال شرق العاصمة الجزائرية، وتوصلت التحقيقات الى تحديد هوية 5 أشخاص مشتبه بهم، وضبط أسلحة  نارية متنوعة.

كما ألقت الشرطة بولاية وهران، القبض على شاب 20 سنة كان متنكرا بـ"زي امرأة منتقبة" وبحوزته ساطور حاد من الحجم الكبير وسط المتظاهرين.. كما أوقفت قوات الشرطة في خلال تظاهرة بساحة أول مايو بقلب العاصمة الجزائرية أجنبي يقيم بطريقة غير شرعية  خلال تسلله وسط المتظاهرين، وأبدت بعض التقارير مخاوفها من التغيير النوعى الذى حدقدث فى نوعية المشاركين فى مظاهرات الحراك الأسبوعية.

وأشارت التقارير إلى اختفاء الكثير من المحسوبين على التيار العلمانى واليسارى وتصدر إسلامييون للمشهد الأسبوعى، وقد يفسر ذلك التحذير شديد اللهجة الذى خرج من خلال بيان بإسم الرئيس للرئاسة، مشيرا الى أن الدولة لن تتسامح مع الانحرافات التى لا تمت بصلة إلى الديموقراطية.

وحذر طيار صالح الدين رئيس مؤسسة "سفراء شباب الجزائر" من أن البلاد تعيش حملات تضليل تهدف إلى التشويش على كل مسار تتخذه الحكومة ورافضة لجميع مبادرات المجتمع المدني"، وقال: نعيش معركة وعي بدون معرفة السبب وراء ارتفاع وندرة المواد الأساسية، لماذا دائما يتم استهداف المواد الغذائية الأساسية، هل هي من أجل تهييج الشعب؟ واعتبر أن الإعلام والشباب له دور حاسم للتصدي لمثل هذه الممارسات عبر تسليط الضوء عليها بموضوعية". 
 

وبالتوازى مع ذلك..بدا المشهد السياسى فى الداخل الجزائرى أكثر تفاعلاً وتفاؤلا، بمشاركة المجتمع المدني، حيث أحدثت تكتلات ومبادرات تمثل كجبهات للمجتمع المدنى الجزائرى، منها تكتلات "المسار الجزائرى الجديد" و" نداء الوطن"، وتهدف الى زيادة الوعى لدى المهتمين بالشأن العام المواطنين خاصة الشباب منهم في العمل السياسي للوصول إلى إطارات ونخبة في المستوى تصبح أضافة حقيقة لاثراء الحياة السياسية، ودعم المسار الدستوري والإصلاحي والتغيير وخدمة الوطن، الى جانب صد محاولات زعزعة الإستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي للبلاد، تقاد من قبل جهات خارجية  تريد زج البلاد في دوامة الفوضى وعدم الاستقرار. 

فيما يرى مراقبون أن تلك التكتلات انما أطلقت بإيعاز من السلطات العليا بالبلاد، لتكون ظهير قوى لسياسات النظام، لكن الاصلاح والتغيير والحراك السياسى الذى جاء به الرئيس تبون المتمثل فى قراراته الاخيرة ووفائه بتعهداته فى مواصلة السير نحو المسار الجديد لاثراء الحياة السياسية فى البلاد، يعكس غير ذلك حتى الاَن.. فهل من المنطق أن تعلن النتائج قبل الاختبار؟! .