حكايات| شارع أحمد عرابي.. بدأ من «هرية رزنة» إلى معركة الإنجليز والنفي

حكايات شارع أحمد عرابي
حكايات شارع أحمد عرابي

«لقد خلقنا الله أحراراً، ولم يخلقنا الله تراثاً أو عقاراً؛ فوالله الذي لا إله إلا هو لا نُورَّث ولا نُستعبَد بعد اليوم».. كلمات قوية تعبر عن شجاعة من ألقاها في وجه الخديو  توفيق بميدان عابدين.. هنا البطل الزعيم الراحل أحمد عرابي

كانت حياة أحمد عرابي مادة خصبة للمؤرخين تناولوها بأشكال مختلفة، ولكن الجميع اتفق على أنه صاحب واحدة من أبرز ثورات المصريين «الثورة العرابية»، ورغم عدم تحقيق أهدافها حفرت في ذاكرة الأمة. 

وأحمد عرابي مولود بقرية (هرية رزنة) بالزقازيق محافظة الشرقية في 31 مارس 1841م، وكان والده فلاحًا وشيخًا للبلد، وتلقى تعليمًا تمثل في القراءة والكتابة، وأرسله والده في الثامنة من عمره للأزهر ليدرس اللغة العربية والفقه والتفسير، وإلى ذلك الوقت كانت حياته تسير بشكل طبيعي جدًا كعامة المصريين، ولكن وفي عام 1854م أصدر سعيد باشا قرارًا بتجنيد أبناء المشايخ في الجيش فتم تجنيده.

من مجند لوزير حربية 

اقرأ ايضا| عمر خورشيد.. صفقوا له في البيت الأبيض وكارتر ينبهر بـ«ليلة الحب»

أغلب المجندين من أبناء المشايخ كانوا، يشعرون بالقهر لتجنيدهم إجباربا، ولكن عرابي كانت بداخله حماس دفعه للاجتهاد فتدرج في الجيش حتى أصبح وزيرا للحربية، وعندما التحق بالخدمة العسكرية كان بدرجة بلوك أمين في 6 ديسمبر 1854م، ورقي إلى ملازم ثان في 25 نوفمبر 1858م، ثم ملازم أول في 23 فبراير 1859، وإلى يوزباشي في 18 أبريل 1859، ثم إلى رتبة صاغ في 17 ديسمبر 1859م، وإلى رتبة المقدم في 1860م، والقائم مقام (عقيد) عام 1861م، ثم رتبة أميرآلاي  (عميد) في يونية 1879م، ثم رتبة اللواء 1882م. 

وق صدر الأمر بتعيينه وكيلاً لنظارة الحربية في يناير 1882م، وفي فبراير 1882 اختير وزيرًا للحربية، واجتمع عدد من الضباط في منزل أحمد عرابي، منهم عبدالعال حلمي، وعلي فهمي، وألفي أفندي يوسف، وأحمد عبدالغفار، واتفقوا على أن يتحدث أحمد عرابي باسمهم، وأقسموا على فداء الوطن بأرواحهم، وكتبوا عريضة إلى رئيس النظار «رئيس الوزراء» يشكون وزير الحربية عثمان رفقي الشركسي لانحيازه للأتراك والشراكسة، وطالبوا بعزله. 

كما طالبوا بانتخاب مجلس نواب، وزيادة عدد الجيش إلى 18 ألف جندي، وتعديل القوانين العسكرية، وإلغاء السخرة، وقام بالتوقيع على العريضة كل من: أحمد عرابي وعلي فهمي وعبد العال حلمي، وقدموا العريضة لرياض باشا رئيس مجلس النظار.

عرابي في قصر عابدين

قدم عرابي طلبات الجيش والأمة إلى الخديو توفيق في 9 سبتمبر 1881، ومعه جمع من الضباط حوالي 30 ضابطًا، استجاب الخديو لطلبات عرابي، وأقال وزارة رياض باشا، وأمر بانتخاب مجلس النواب.

لم يكن الإنجليز ليسمحوا بأية حركة وطنية من شأنها السعي بالبلاد إلى النهوض والتقدم، وكان الإنجليز متربصين بمصر يتحينون الفرصة لاحتلالها، وقد جاءت الفرصة في حدوث مناوشات بين المصريين وبعض الأجانب في الإسكندرية، فقامت انجلترا في صباح الثلاثاء 11 يولية 1882م بضرب الإسكندرية، وإنزال قواتها إليها بحجة حماية الأقليات من الأجانب.

وتحالف الخديو مع الإنجليز للقضاء على حركة عرابي، الذي قرر وقواته أن يذهبوا إلى كفر الدوار ليقطعوا الطريق على الإنجليز من احتلال البلاد، وكشف للأمة خيانة الخديو وتعاونه مع الإنجليز.

هنا أصدر السلطان فرمان بعصيان عرابي الذي أراد أن يردم قناة السويس ليفوت على الإنجليز دخول مصر عن طريقها، لكن ديلسيبس خدعه وادعى أن القناة حيادية، وأن انجلترا لن تستخدمها لأغراض حربية.

إلا أن ديلسيبس تواطأ مع الإنجليز وسمح لهم بالدخول عن طريق القناة، ودارت معركة بين الجيشين المصري والإنجليز في التل الكبير في 13 سبتمبر 1882م، ورغم بطولات الجيش المصري، اضطر عرابي للانسحاب إلى القاهرة لمحاولة الدفاع عنها، لكنها سقطت في يد الإنجليز في 14 سبتمبر 1882م، وتم إلقاء القبض على عرابي.

نفي عرابي

وقد تمت محاكمة عرابي وصدر القرار بنفيه إلى جزيرة سيلان، وغادر مصر في 28 ديسمبر 1882، حيث قضى في منفاه أكثر من 19 عامًا.

عاد عرابي إلى مصر في 30 سبتمبر 1901م، ليقيم مع أولاده في عمارة البابلي بشارع الملك الناصر المتفرع من شارع خيرت حي السيدة ، وتوفي يوم 21 سبتمبر 1911، حيث تم وضع لافتة حكاية شارع الاسترشادية عليه من قبل جهاز التنسيق الحضاري التابع لوزارة الثقافة المصرية.