الفنان كمال أبو رية:

علينا العودة لكبار الكُتاب.. وكفاية شـــــتائم وعنف ومخدرات

كمال أبو رية فى حوار لــ «آخر ساعة»
كمال أبو رية فى حوار لــ «آخر ساعة»

كتب: رضـا الشناوى      تصوير: سامح مسلم

إمكانياته كممثل أهلته للوصول إلى قمة سلم النجومية سريعًا، ترك شهادة بكالوريوس التجارة بعد حصوله عليها وانتقل لدراسة التمثيل بالمعهد العالى للفنون المسرحية، شارك فى بطولة مسلسل "بين القصرين" إحدى روائع ثلاثية الأديب العالمى نجيب محفوظ، لم ينجرف وراء الانتشار، وقرر خوض مغامرة الاختيار الصعب، ونجح فى تحقيق جزء من طموحه.. حصد وسام الإجادة، ونال جائزة أحسن ممثل لمسلسلات السير الذاتية ومنها دور أحمد رامى فى مسلسل أم كلثوم وتوفيق الحكيم والإمام محمد عبده فى الإذاعة وأيضاً أدواره فى مسلسلات على مبارك، وقاسم أمين، والعندليب، وغيرها من الأعمال التى قدمها طوال مشواره.
الفنان القدير كمال أبورية لايزال يبحث عن تحقيق المزيد من طموحاته وأحلامه والتى يكشف عنها فى هذا الحوار..

كمال أبو رية فى حوار لــ «آخر ساعة»

* أنت مع تقسيم مشوارك الفنى إلى مراحل؟
ـ نعم، وبالتأكيد أى فنان مشواره الفنى يتطور مع الوقت ويكون فيه محطات مهمة ما بين كل مرحلة وأخرى، حيث تنقلك كل محطة فيها لرحلة تألق جديد، وعلى سبيل المثال أنا بدأت بمسلسل "بين القصرين" وهو عمل درامى مميز جداً.. قدمت بعده عدداً معيناً من الأعمال إلى أن جاءت الفرصة الجيدة التى نقلتنى لمحطة إبداع كبيرة داخل نسيج أحداث مسلسل "جمهورية زفتي" عام ١٩٩٥.. وبعدها قدمت رائعة مسلسل أم كلثوم عام ١٩٩٧.. وحقا كانت مرحلة ثانية شهدت تألقا ملموسا ترك أثره الجيد عند المشاهدين.. وبعد ذلك قدمت مسلسل قاسم أمين ويعتبر من أهم محطاتى الفنية التى وضعتنى فى مكان آخر فى مسيرتى الفنية على مستوى الأداء والتناول والصدق مع النفس ومع الجمهور وفزت من خلاله بتصنيفى ممثلاً مبدعاً يجيد تقديم السير الذاتية وتباعاً مررت بأكثر من مرحلة فنية أخرى كل عمل فيها يعتبر محطة إنسانية فى الإبداع والتألق عن الأعمال الأخرى ولكنها كلها تجارب ممتعة.
* هل تخاف المرحلة القادمة؟
ـ جدا.. لأن المسئولية زادت وأدعو الله أن أكون على قدر المسئولية.. ولذا أنا طول عمرى عندى ثقة عندما أنتقى العمل المكتوب وأقرأ السيناريو.. وأجد نفسى متواصلا مع الشخصية أقبلها بدون تردد والمهم قبل اختيارى لأى شخصية أحقق رغبتى فى التنويع وتقديم مختلف النماذج البشرية بعيداً عن النمطية والانحصار داخل إطار شخصية بعينها وهذا يعطيك الثقة ويقطع أى خط للخوف من العمل.. وللعلم الاختيار الصحيح للورق يجعلك متفائلاً ومطمئنا بأن ربنا سوف يوفقك.


* هل هناك أدوار اعتبرت اختيارها مغامرة؟
ـ حينما أقدم دوراً أحاول تشريح الشخصية لكى يرى الجمهور الشخصية الإنسانية وأظهر للجمهور سرها وقربها لقلبى فأنا لا ألعب الأدوار القريبة لشخصيتى وإلا لن يسمى بالإبداع وهنا تكمن المغامرة التى تدفعنى للتعامل مع شخصيات أعمالى بهذا الشكل حتى أضمن تحقيق النجاح فى أى دور أجسده ولذا أعمل حسابه جداً وأدرسه وأغامر بتقديمه.
* واضح أنك لا تعانى مشكلة اختيار أعمالك؟
ـ هذا حقيقي، فالمعروض على يكون دائماً معظمه راقياً فى مضمونه وفنه وإبداعه.. وخلال عمرى فى الحقل الفنى جعلت من يتعاملون معى يعرفون بتلقائية ذوقى واختياراتى لأدواري.. وبالتالى فالمعروض يتجاوب مع شخصيتى الفنية التى تحددت عناصرها بقبول سيناريوهات وحوارات عصرية تعكس أفكارا غير مألوفة وقضايا هامة برؤية جديدة.
* وما أدواتك الفنية لتقديم أى دور؟
ـ أرشيفى الخاص منذ دراستى بمعهد التمثيل وبحثى الدائم فى طرق أداء أى شخصية والبحث فى أعماقها ومدى تخيلى وثقافتى الفنية وتجاربى الشخصية تساعدنى على هضم أى دور أقدمه ولا أخفى تعاملى مع الفن بشكل علمى حيث أمتلك منهجا أعمل عليه وأسميه منهجا بحثيا متطورا أفهم من خلاله الشىء المراد فعله كى أرتقى بأدائى وأكون جاهزا ذهنيا.. بدنيا ووجدانيا ومتواصلا بإحساسى مع مجتمعى والناس.
* من الفنان الذى شعرت معه أنك أمام منافس حقيقي؟
ـ أنا عملت أمام أساتذة ولكنى لا أستطيع القول بأنى منافس.. وهؤلاء كان يعمل لهم ألف حساب ومنهم على سبيل المثال الفنان القدير الراحل محمود ياسين الذى كان يمتلك طاقة إبداعية وطاقة فاعلية عالية جدا أيضا كما أن صورته على الكادر تهز أى فنان.. وبشكل عام فعندما أعمل مع شباب أو ممثلين جدد ليس لهم تاريخ فنى فهذا أيضا أرصده وأشاهده جيدا.. وقد يمكن أن أتعلم منه حاجة أو مساحة موهبة عنده ليست موجودة عندى أتعلم منها شيئا وهذا ليس عيبا.


* واضح أنك تناصر الوجوه الشابة فهل أنت تؤمن بها؟
ـ بالفعل وأحب تواجدهم خصوصا الوجوه الطموحة والمتمكنة والجادة فى الأعمال الدرامية وليس وجودهم من أجل الظهور فقط.. ولا أخفى عليك أنى لا أؤمن بالمحسوبيات التى يفرضها بعض المنتجين فى دعم وجوه بلا موهبة، ودون مراعاة أبجديات العمل الفنى وهل هى متمكنة حقا أم لا.. وأود القول بأن نجلى أحمد وهو عاشق للتمثيل.. عندما رآه المخرج الكبير مجدى أبوعميرة وضعه تحت اختبار كاميرا وأداء تمثيلي.. وبعد نجاحه فى الاختبار رشحه للعمل فى مسلسل جديد.. وأدعو له بالتوفيق.. وأقول لمن يسعى لدفع الوجوه بلا موهبة.. الجمهور يراهم فقاعات تنفجر مع أول نفخة هواء..
* قدمت أدوارا تعتبر صفحة جديدة فى مسيرة العمل الاجتماعى بجانب الفني.. ما تعليقك؟
ـ هذا حقيقى ومن أفضل هذه الأعمال مسلسل «قاسم أمين» فهو عمل اجتماعى ناضج يحمل قيما مهمة وعميقة.. لأن شخصية قاسم أمين كانت تتسم بالوعى الشديد تجاه مجتمعه.. بمعنى أنه كان يعرف ما هى احتياجات مجتمعه.. وكان طموحا.. يرغب فى إصلاح عيوبه.. ونستطيع القول إنه كان مصلحا اجتماعيا.. فالمسلسل كان مهما جدا أن يعرض فى هذا التوقيت لأنه استعرض حياة المجتمع المصرى فى وقت من الأوقات وفى زمن أكثر من ٨٠ أو ٩٠ سنة أو أكثر من ذلك.. وقت ما كانت أوروبا فيها نقد وثقافة وفن ومسرح.. وكانت المرأة فى أوروبا لها حقوق كثيرة.. والمرأة المصرية محتاجة لها وكانت تنقصها.. وأعتقد أنه بالفعل كان مسلسلا اجتماعيا سياسيا تاريخيا.. وممكن نقول عليه إنه عمل فنى قدم رسالة توعية للمجتمع المصرى فيها كل شيء.
* هل لمساحة الدور وعدد حلقاته دور فى قبولك للعمل الفني؟
ـ ليس بعدد الحلقات أو مساحة الدور ولكن بالأدوار التى تحمل قيمة فنية وتحترم عقلية المشاهد وتعزف على أوتار قضايا جوهرية من قلب المجتمع لها تأثيرها فى العمل الدرامى وتأثيرها على الناس.. وللعلم أنا قدمت أعمالا كثيرة دورا ثانيا كان لها تأثير قوى على نسيج العمل الفنى ورسالته فى خدمة المجتمع..
* وما الجوائز التى أرضت طموحك؟
ـ حصــــــلـــت علـــــــــــى جوائز كثيرة ومتميزة فى السينما والإذاعة والتليفزيون منها جائزة أحسن ممثل عن أدوارى أحمد رامى فى مسلسل أم كلثوم.. و«سيد العايق» فى سوق العصر.. بخلاف أدوارى فى مسلسلات جمهورية زفتى.. على مبارك.. قاسم أمين.. ملفات سرية.. الاختلاط ممنوع.. الجبل.. امرأة فى شق الثعبان.. وأخذت أيضا جائزة أحسن ممثل عن تقديمى شخصيتى توفيق الحكيم.. بعدها الإمام عبده من الإذاعة المصرية.. ورغم كل الجوائز والتكريمات التى حصلت عليها أعتبر أن أعظم جائزة هى حب الناس واحترامهم لى.
* قدمت أعمالا سينمائية جيدة ولكن ما سر ابتعادك عن السينما الآن؟
ـ أنا من خريجى الثمانينيات وجئت مع زملائى فى وقت كانت السينما تعانى عدة مشاكل.. وكان يوجد ما يسمى بأفلام المقاولات.. ولذا لم نأخذ فرصة حقيقية فى السينما.. ولم يكن هناك فيلم حقيقى لسيناريست كبير أو لمخرج كبير.. ووقتها كانت السينما تمر بأزمة وعلى ما أفقنا من تلك الأزمة كان مر زمن وطلع جيل سينمائى جديد.. ولكنى أعتز بما قدمته من أفلام سينمائية ومنها على سبيل المثال.. عزازيل.. قيود من حرير.. كلهم فى جهنم.. قبضة الهلالي.. الصفقة.. صبيان المعلم.. الهروب من الخانكة.. تل العقارب.. الشاهد الأخرس.. آباء وأبناء.. دقة قديمة.. آخر ليالى الشتاء.. عندما يتكلم الصمت.. وداعا ياولدى..
ــ وأخيرا يقول الفنان كمال أبورية.. أنا أتمنى فى ظل ما نراه من تغييرات ملموسة فى نسيج مجتمعنا وتطويره للأرقى والأفضل.. وتدعيما للنهضة الشاملة التى نراها وتحققها حكومتنا الرشيدة تحت قيادة الرئيس البار عبدالفتاح السيسى الذى لا ينام له جفن لتحقيقها.. أن نكون جميعا على قدر المسئولية وخصوصا فى مجالنا الفني.. نود ألا ينطبع فى الأذهان أن المجتمع المصرى لا يعرف إلا العنف وتجارة المخدرات والسلاح.. وظاهرة استخدام الألفاظ والشتائم التى أصبحت موضة يرددها الشباب مما ساعد على نشرها فى الدراما التليفزيونية.. كفانا ظواهر سيئة سوف تتفاقم وتنتقل من الحارة الشعبية فى الدراما إلى منازلنا.. وأطالب بالعودة لأعمال كبار الكتاب والروايات الأدبية للدراما.. للقضاء على الإسفاف والابتذال الذى كشف ما عندنا من فقر الكتابة.. رغم وجود أعمال درامية جيدة لكنها فى الأصل مأخوذة من نصوص أدبية وحققت نجاحا كبيرا.. وأتمنى البحث عن المواهب الشابة فى التأليف وكتابة السيناريو والحوار وصقل موهبتهم من خلال الاستفادة من قصص وأعمال كبار الكتاب.