«النفايات الفضائية».. خطر يهدد مستقبل صناعة الفضاء وجهود للتخلص منها

النفايات الفضائية
النفايات الفضائية

يطلق على النفايات التي تخلفها عمليات إطلاق الصواريخ أو الأقمار الصناعية في الفضاء الخارجي اسم الحطام الفضائي أو "النفايات الفضائية"، والتي بدأت تشكل في الفترة الأخيرة مشكلة حقيقية بسبب تراكمها وانتشارها في الفضاء المفتوح.

وتقدر النماذج العلمية أن هناك أكثر من 128 مليون قطعة من الحطام الفضائي أكبر من 1 مم ، و 34000 قطعة أكبر من 10 سم، وتتراوح هذه من أجزاء الصواريخ القديمة.

وتدور مايعرف بـ "خردة الفضاء" حول الأرض بسرعات تصل إلى 17500 ميل في الساعة، وهو ما يكفي لتدمير أي شي قد تواجهه أمامها أثناء تحليقها.

إقرأ أيضاً: ابتكار جهاز ينظف مدار الأرض من «النفايات الفضائية»

ويعتبر الحطام الفضائي المتزايد من أكبر المخاطر على جميع المركبات الفضائية، وعلى وجه الخصوص، على محطة الفضاء الدولية، والمكوكات الفضائية وغيرها من المركبات الفضائية التي تحمل البشر.

الخبراء يحذرون من خطر الحطام الفضائي

حذرت إيكاتريني كاففادا، المدير العام للصناعة الدفاعية والفضاء في المفوضية الأوروبية، أحد الخبراء من أن النفايات الفضائية التي خلفها البشر قد شكلت ما يعادل «جزيرة من البلاستيك العائمة» في مدار أرضي منخفض.

وقالت إن هذه النفايات الفضائية ليست تهديدًا نظريًا ولكنها حقيقة واقعة، على غرار التهديد الذي تشكله الجزر البلاستيكية العائمة في محيطات الأرض.

وأضافت أن الحطام يمكن أن يتسبب في أضرار للأقمار الصناعية الأوروبية والأقمار الصناعية الأخرى النشطة ، مضيفة أنه إذا لم نتفاعل بطريقة آمنة وفي الوقت المناسب ، فإن العواقب ستكون ضارة.

وتابعت: لقد أصبح الحطام الفضائي المداري هو الجزيرة البلاستيكية المنجرفة الجديدة، التي تشكل تهديدًا يلوح في الأفق على سلامة وأمن جميع حركة المرور الفضاء.

وأوضحت أن شظايا من الحطام الفضائي يصل حجمها إلى 1 سم لديها القدرة على تدمير الأقمار الصناعية بالكامل بسبب السرعة التي يسافرون بها.

وفي ذات السياق، أكد  هولجر كراج، رئيس مكتب الحطام التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، على "ضرورة تطوير وسائل لإزالة الحطام في الفضاء بشكل فعال

وقال كراج إن "هذا الأجسام تتميز بسرعات نسبية هائلة، إنها أسرع من الرصاصة، ويمكن أن تدمر البنية التحتية الفضائية، مثل الأقمار الصناعية للاتصالات والطقس والملاحة الجوية والبث الفضائي".

كيف يمكن لشيء صغير جدا أن يسبب ضررا مرئيا؟

شرح فيشنو ريدي، عالم الفلك بجامعة أريزونا أن: "كل شيء يتعلق بالسرعة، تدور الأجسام الموجودة على ارتفاع محطة الفضاء الدولية ومعظم الأقمار الصناعية الأخرى، في حوالي 400 كيلومتر فوق الأرض، حول كوكبنا مرة واحدة كل 90 دقيقة

ولا ترتبط طاقة الاصطدام فقط بحجم الجسم، حيث أن السرعة (السرعة والاتجاه) لا تقل أهمية، وهذا هو السبب في أن الرصاصة الصغيرة يمكن أن تسبب الكثير من الضرر.

وبحسب تصريح ريدي لموقع "لايف ساينس" أنه عند التحرك بسرعة عالية بما يكفي، فإن أي جسم يمكن أن يكون خطيرا.

وقال كيري كاهوي، الأستاذ المشارك في علم الطيران والملاحة الفضائية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ضع في اعتبارك أن السرعة مضافة. لذلك، إذا كان جسمان يتحركان باتجاه بعضهما البعض عند اصطدامهما، فإن ذلك يزيد من طاقة تأثيرهما.

وقال كاهوي لموقع "لايف ساينس": "فكر في الأمر مثل القيادة على طريق سريع". موضحا أنه إذا اصطدمت سيارة، حتى لو كانت خفيفة الوزن، مثل دراجة نارية، بسيارة أثناء سرعتها في الاتجاه المعاكس، فقد يكون ذلك كارثيا لكلا السائقين.

وبالمثل، في الفضاء، يمكن أن تترك قطعة طلاء سريعة الحركة تصطدم بمحطة الفضاء الدولية علامة كبيرة نسبيا.

وفي  الفضاء، تدور الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية والحطام على طول العديد من المسارات المختلفة. وبينما قد يدور جسم ما أفقيا حول خط الاستواء، قد يدور جسم آخر عموديا حول القطبين. وحتى أن بعض الأجسام تتحرك "في الاتجاه المعاكس"، ما يعني أنها تدور عكس اتجاه مدار الأرض. ومع تزايد الحطام الذي يكتسح الفضاء، يتحول مدار الأرض المنخفض (الذي تدور فيه محطة الفضاء الدولية) إلى طريق سريع مزدحم في ساعة الذروة.

وأشار كاهوي: "يمكن أن يكون هناك احتمال لحدوث الكثير من الضرر".

كان رواد الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية محظوظين لأن قطعة كبيرة من الحطام لم تصطدم بنافذتهم. وفقًا لوكالة الفضاء الأوروبية ، وقد لا تترك قطعة بحجم الميكروب سوى انبعاج، لكن شظية بحجم حبة البازلاء يمكن أن تعطل أنظمة الطيران الحرجة. وقطعة من الحطام بحجم كرة بينغ بونغ"سيكون تأثيرها كارثيا".

وقال ريدي إنه بهذا الحجم، يمكن أن تتسبب النفايات الفضائية في خفض ضغط المحطة الفضائية بسرعة، ما يجعل من المستحيل على رواد الفضاء التنفس على متنها.

وتعد نفايات الفضاء مشكلة متنامية. ويحتوي مدار الأرض على ما لا يقل عن 128 مليون قطعة من الحطام، و34 ألف قطعة منها أكبر من 10 سم، وفقا لمتحف التاريخ الطبيعي في لندن، وهذه مجرد أجزاء كبيرة بما يكفي لاكتشافها.

وتتشكل هذه القطع الصغيرة عندما تتجول الأقمار الصناعية بشكل طبيعي تحت الأشعة فوق البنفسجية الشديدة، أو عندما تصطدم قطع أكبر من الحطام الفضائي أو عندما يتم تدمير الأقمار الصناعية عمدا.

وتشمل القطع الأكبر حجما 3000 قمر صناعي مهجور، بالإضافة إلى مسامير وأجزاء أخرى تسقطها المركبات الفضائية أثناء عمليات الإطلاق.

ويعمل الباحثون على تطوير طرق لصيد النفايات من الفضاء، مثل استخدام الخطافات والشبكات والمغناطيس لسحبها مرة أخرى إلى الغلاف الجوي للأرض.

وقد يؤدي وجود الكثير من الخردة الفضائية إلى خطورة على البشر في استخدام مدار الأرض للأقمار الصناعية وأنواع أخرى من المركبات الفضائية. وتابع ريدي: "إننا لم نقترب من هذه النقطة الآن، ولكن من المهم أن نتقدم في مشكلة النفايات الفضائية لمنع المزيد من التراكم".

الخبراء يحذرون من خطر الحطام الفضائي.

مهمات عالمية لتنظيف الحطام الفضائي

لقد بدأ البحث عن طرق للتفكير مسبقاً في دور وكالات الفضاء في مواجهة خطر ذلك الحطام الذي قد يصبح قاتلاً.

قامت وكالة الفضاء الأوروبية مؤخرا بتكليف أول مهمة لإزالة الحطام الفضائي لشركة "كلير سبيس" السويسرية والتي من المقرر أن تقوم بأول مهمة لها في عام 2025 حيث سيتم إرسال مسبار إلى الفضاء لالتقاط جزء من صاروخ "فيسبا" القديم التابع لوكالة الفضاء الأوروبية بـ 4 مقابض ونقله إلى مدار منخفض ليحترق في الفضاء.

بدأت وكالة الفضاء اليابانية، بدأت بتصميم قمر صناعي مهمته التخلص من الحطام وتدمير النفايات الفضائية، سوف يجهز هذا القمر الصناعي بمولد أشعة ليزر ، لتوجيه الأشعة إلى قطع الحطام الفضائي (الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية غير العاملة، ومراحل الصواريخ المستهلكة وغيرها) أولا ومن ثم يرميه في الغلاف الجوي للأرض.