سيد درويش.. جنازة مطرب الشعب من 7 أشخاص بـ«أمر الحكومة»  

الراحل سيد درويش - أرشيفية
الراحل سيد درويش - أرشيفية

فنان الشعب وموسيقار من طراز خاص، ولذلك ظل سيد درويش مبدعا ومخلدًا بتلحينه النشيد الوطني الخالد لجمهورية مصر العربية «بلادي بلادي بلادي لك حبي وفؤادي».

 

يعتبر سيد درويش من أعظم من غنوا للوطن والثورة في القرن العشرين، فكان لمصر مكان كبير في قلبه ووجدانه فأحب نيلها وكل شيء فيها وفي أغنياته عشق واضح للوطن.

 

كما امتازت ألحانه بالسهولة والبساطة والجمل اللحنية سريعة الوصول إلى القلب فحفظها الشعب ورددها بسرعة فهو مبدع في فن الموشح والأغنية الخفيفة «الطقطوقة»، فكان يرددها باعة الدجاج وباعة اليانصيب والمراكبية.

ولا تكمن قيمته في هذا فقط بل في انتقاله بالغناء الشرقي من مجال التطريب إلى تلحين المعاني ومدلولها وليس تلحين الألفاظ كما كان متبعا قبله، لدرجة أنه قال يوما: «أنا أقدر ألحن الجورنال.. وكان يستطيع أن يفعل».

 

وكما نشر في جريدة المساء في 12 سبتمبر 1960 فإن سيد درويش ولد في حي كوم الدكة بالإسكندرية في 17 مارس عام 1892، كان والده يعمل بالتجارة ولم يشأ أن يورث ابنه هذه المهنة فألحقه بالكتاب ثم بالمعهد الديني؛ حيث أصبح شيخا معمما ينشد التواشيح الدينية.

 

اقرأ أيضًا| السمراء المهذبة.. أول دبلوماسية مصرية في باريس

 

وبعد ذلك عمل في أكثر من مهنة، ومنها عاملا للبناء وقد أعفاه زملاؤه من العمل مقابل تفرغه للترفيه عنهم بأغانيه، ثم غنى في مقاهي الإسكندرية إلى أن قدمه الشيخ سلامة حجازي لأول مرة إلى جمهور القاهرة، وكانت نقطة تحوله الكبرى.

 

فإذا كان الشيخ سلامة حجازي هو زعيم المسرح الغنائي فإن سيد درويش البحر هو رائد هذا الفن، فعندما عينه جورج أبيض ملحنا لفرقته لفت إليه الأنظار في استعراض "فيروز شاه" والطريف أنه رغم فشل الاستعراض نجحت ألحانه وأغانيه لما تمتعت به من روح جديدة.

 

قدم سيد درويش كل ما قدم في ست سنوات فقط، وقاد الثورة الموسيقية وواكب هذا ثورة الشعب التي قادها سعد زغلول فكانت موسيقى سيد درويش خير تعبير عن تأجج الشعور الوطني.

 

ومن أهم أغنياته في هذه الفترة: قوم يا مصري، أحسن جيوش في الأمم جيوشنا، ونشيد بلادي بلادي.

 

ولم يكتف سيد درويش بكل ما أحدثه من تجديد بفطرته الموسيقية وإنما عقد العزم على السفر لإيطاليا كي يدرس الأوبرا وفنون التأليف الموسيقي لكن القدر لم يمهله، فمات صريع المرض بالإسكندرية أو في رواية أخرى أن سبب الوفاة تسمم مدبر من الإنجليز أو الملك فؤاد بسبب أغانيه الثورية، مات فجر يوم 15 سبتمبر 1923 وهو دون الثانية والثلاثون من عمره، ورغم صغر سنه إلا أنه تزوج ثلاث مرات وأنجب من زوجته الأولى ولد ومن الثالثة ولد.

 

وفي تشييع جنازته لم يحضر سوى سبعة مشيعين من أقاربه وجيرانه، بينما كانت الإسكندرية في شغل شاغل لا تعلم من هذا الذي يشيعه الرجال السبعة، ولا تسأل عن هذا الذي ودع دنياه في صمت رهيب، فلقد تم التعتيم من قبل الحكومة والاستعمار حتى لا تلتهب مشاعر الجماهير وتزداد ثورة الشعب.

 

رغم أنه رحل باكرا لكن أعماله ما زالت شائعة حتى اليوم ومنها «سالمة يا سلامة، زوروني كل سنة مرة، أنا هويت وانتهيت» وغيرها الكثير.

 

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم