لقاء لافروف والحريري يثير احتمالات إطلاق مبادرة روسية لحل الأزمة

لافروف والحريري
لافروف والحريري

أثار اللقاء الذي عقده وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، مع رئيس الحكومة اللبناني المكلف، سعد الحريري، في أبو ظبي، تساؤلات عدة حول إمكانية قيام روسيا بدور وسيط في حل الأزمة السياسية في لبنان، التي باتت تنذر بدخول البلاد في مرحلة من الفوضى في ظل الغضب الشعبي السائد في الشارع اللبناني.

بيروت - سبوتنيك. وبحسب بيان وزارة الخارجية الروسية، فإن اللقاء بين لافروف والحريري تخلله "البحث بشكل معمق في وجهات النظر بالنسبة لوضع حد للوضع المتأزم في لبنان، مع التركيز على أهمية الإسراع في اجتياز الأزمة الاجتماعية والاقتصادية، من خلال تشكيل حكومة مهمة قادرة من التكنوقراط".

اقرأ أيضاً: بوتين: عام 2020 هو الأسوأ على الاقتصاد العالمي

وأشار البيان إلى أن "اللقاء تناول أيضا دعم القوى السياسية الأساسية في البلد، وجرى عرض بعض المشاكل الإقليمية، بما فيها تكثيف جهود المجتمع الدولي من أجل حل الأزمة السورية على قاعدة قرار مجلس الأمن رقم 2245، لا سيما مسألة عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم".

كما تناول اللقاء "بحث أفكار جديدة في سبيل تطوير وتوطيد علاقات الصداقة الروسية اللبنانية وتطوير التبادل التجاري والاستثماري والاجتماعي، مع التركيز على مساعدة روسيا للبنان في مكافحة وباء كورونا".

وجاء اللقاء ليطرح مزيداً من الأسئلة حول إمكانية انخراط روسيا في حل الأزمة اللبنانية، خصوصاً في ظل الحراك الجاري على خط بيروت - موسكو، والذي تمثل خصوصا في سلسلة لقاءات واتصالات جرت خلال الفترة الماضية بين نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف وشخصيات لبنانية، شملت على وجه الخصوص اجتماع عقده في موسكو مع أمل أبو زيد، مستشار الرئيس اللبناني للشؤون الروسية.

ولا توجد حكومة حائوة على الثقة في لبنان منذ الصيف. ومع أن  سعد الحريري حصل على تفويض بتشكيل حكومة في نهاية أكتوبر الماضي، لكنه لم يتمكن من التوصل إلى اتفاق في هذا الشأن مع القوى السياسية الأخرى، وخاصة تلك المقربة من الرئيس اللبناني ميشال عون.

وفي غضون ذلك، يزداد الوضع في لبنان سوءا كل يوم. فقد تراجعت قيمة الليرة اللبنانية بنسبة 15-17 بالمئة في الأيام الأخيرة، مما أدى إلى موجة جديدة من الاحتجاجات، وفي الوقت نفسه احتدمت العلاقات بين الرئيس وقائد الجيش جوزيف عون، حيث يتنامى استياء العسكريين على خلفية انخفاض رواتبهم، وباتوا غير متحمسين لتفريق المتظاهرين الذين يغلقون الطرقات.

وحتى الآن، لا تزال فرنسا الوسيط الرئيسي في الحوار الوطني في لبنان، لكن السياسيين اللبنانيين، بمن فيهم سعد الحريري، يرحبون بأية مساعدة، بما في ذلك من موسكو التي تمتلك علاقات جيدة مع جميع القوى السياسية في لبنان.

وفي هذا الإطار، قال مدير تحرير قسم المحليات السياسية في جريدة "الجمهورية" اللبنانية، نبيل هيثم، لوكالة "سبوتنيك" إن "أهمية اللقاء بين الحريري ولافروف تكمن في التأكيد على وجود دور وحضور مباشرين لموسكو على الخط اللبناني بطريقة أكثر زخما وأرفع عما كان عليه الأمر في السابق".

وأشار هيثم إلى أن اللقاء "يأتي في لحظة سياسية بالغة الدقة لبنانيا، وكتتويج لدخول روسي إيجابي على خط الأزمة اللبنانية بدأ في الاتصالات المكثفة التي أجراها بوغدانوف مع الأطراف في لبنان لمحاولة الدفع إلى تفاهم على تشكيل حكومة مهمة في لبنان".

ولفت إلى أن: "لقاء الثلاثاء، أكد على هذا التوجه، وعلى حرص روسيا على لعب دور إيجابي على خط الأزمة اللبنانية، وينتظر أن تكون له ترجمته، على المستويين السياسي وكذلك على مستوى المساعدة الروسية للبنان في ما خص اللقاح لمواجهة فيروس كورونا، وهو ما أشار إليه الرئيس سعد الحريري الذي أشار إلى أجواء بالغة الإيجابية".

وبحسب هيثم فإن "البعد الإيجابي الآخر للقاء، هو أنه جاء عشية زيارة لافروف إلى السعودية، حيث يأمل الحريري أن تشكل هذه الزيارة انفراجة في العلاقة بين السعودية والحريري، يفترض أن تليها في وقت غير بعيد زيارة للحريري إلى المملكة".

ومن الجدير بالذكر أن العلاقة بين الحريري والسعودية تدهورت منذ أن احتجز في الرياض بشكل غير رسمي وأجبر على تقديم استقالته من رئاسة الحكومة اللبنانية في نوفمبر عام 2017.

وأمضى الحريري سنوات طويلة من حياته في السعودية إلى حين بدء مسيرته السياسية. وكانت الرياض باستمرار مساندة له في كل خياراته السياسية في لبنان، لكن الحال تبدل منذ تولي الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم، وصعود ابنه محمد بن سلمان إلى ولاية العهد.

وفي المقابل، استبعد رئيس تحرير موقع "180 بوست" حسين أيوب، في حديث إلى وكالة "سبوتنيك"، أن يؤدي اللقاء بين لافروف والحريري إلى تحريك الملف الحكومي في لبنان".

وأوضح أيوب: "لا أعتقد أن زيارة الحريري إلى أبو ظبي واجتماعه بلافروف يمكن أن يحرك موضوع تأليف الحكومة، فالتواصل اللبناني الروسي مفتوح ودائم ولم يكن يحتاج إلى انتقال الرئيس المكلف إلى أبو ظبي"، معتبرا أن "الحريري يحاول ملء الوقت الداخلي الضائع بشبكة علاقات دولية وإقليمية لا تسمن ولا تغني أبداً".

ومع ذلك، رأى أيوب أن "قيمة اللقاء بين لافروف والحريري، قبيل توجه الوزير الروسي إلى الرياض، أن يكون رئيس الحكومة المكلف يعول على دور لموسكو في محاولة فتح الأبواب بينه وبين (ولي العهد السعودي) محمد بن سلمان، ولا أعتقد أن الروس سينخرطون في مهمة كهذه ولا الأبواب السعودية ستفتح".

وختم أيوب بأن "النقطة الثانية قد تكون متصلة بمحاولة الحريري قرع أبواب لقاح "سبوتنيك في" الروسي المضاد لفيروس كورونا مع الروس في ظل الفوضى العارمة في تعامل لبنان الرسمي والخاص (القطاع الخاص) مع اللقاح الروسي، الأمر الذي قدم نموذجا سلبيا لتعامل لبنان مع هذا الملف، في مشهد مكمل للملف السياسي المأزوم".

يذكر أن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، التقى الثلاثاء الماضي، خلال زيارة عمل لأبوظبي، مع رئيس الوزراء اللبناني المكلف، سعد الحريري، وبحث معه الوضع في لبنان، وكذلك مساعدة روسيا للبنان في مكافحة فيروس كورونا.

ويشهد لبنان احتجاجات وإقفال طرق على نحول متواصل بعد انهيار كبير في سعر العملة المحلية وتدهور الوضع السياسي والاقتصادي.

وتعثر تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، على الرغم من تكليف زعيم تيار المستقبل سعد الحريري بتشكيلها قبل أكثر من 5 أشهر، لاصطدامه بعراقيل توزيع الحصص الوزارية والتوازن السياسي في لبنان.

ويتبادل الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، الاتهامات بالمسؤولية عن تعثر تشكيل الحكومة الجديدة، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية كبيرة فاقمها انفجار مرفأ بيروت وتداعيات تفشي وباء كوفيد-19.

وعلى وقع هذا التعثر السياسي، سجّلت الليرة اللبنانية انخفاضا قياسيا غير مسبوق منذ دخول لبنان دوامة الانهيار الاقتصادي قبل عام ونصف، ما دفع العديد من اللبنانيين للنزول إلى الشوارع احتجاجا على هذا الأمر، مطالبين بضرورة تحسين السياسات المصرفية وإنقاذ الاقتصاد اللبناني المتدهور.