معاهد «بير السلم» خطر يُهدد الأمن القومي المصري

«فنكوش» الكيانات المضروبة والمعاهد الوهمية.. خبراء: عملية نصب مكتملة الأركان

صورة توضيحية
صورة توضيحية

تحقيق- خالد عثمان 

- رجال الضبطية القضائية نجحوا فى ضبط أكثر من 200 كيان وهمى وإحالة أصحابها للنيابة العامة


أشاد خبراء التعليم بالجهود الجبارة لمباحث الأموال العامة بوزارة الداخلية فى مواجهة انتشار وتفشي ظاهرة المعاهد التعليمية الوهمية والتي تقوم بالاحتيال والنصب على أولياء الأمور لالتحاقهم بها ومنحهم شهادات مضروبة وغير معترف بها، ويجد الطالب أنه منضم الي طابور العاطلين بعد أن تكبد أهله مئات الآلاف من الجنيهات.. «الأخبار المسائى» رصدت معاهد الفنكوش هذه، وأساليبهم للنصب على المواطنين وجمع الأموال بدون وجه حق.. واستطلعت آراء المتخصصين والعلماء حول هذه الظاهرة التى انتشرت مؤخراً فى مختلف محافظات الجمهورية. 

اقرأ أيضا : وزير التعليم العالي يستجيب للنائب حسام المندوه بتفعيل الضبطية القضاية ضد "معاهد بير السلم"

البداية من قرار أصدره الدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي، بإغلاق كيانين وهميين بمحافظة القاهرة، وذلك عقب تلقي تقرير مقدم من  السيد عطا رئيس قطاع التعليم بالوزارة، حول جهود لجنة الضبطية القضائية بالوزارة في مداهمة الكيانات التي تقوم بمزاولة العملية التعليمية دون ترخيص بمحافظة القاهرة.

وأفاد التقرير قيام لجنة الضبطية القضائية بمداهمة المنشأة المسماة (شركة سما الدولية للتدريب والاستشارات وتكنولوجيا المعلومات)، الكائن مقرها في (شارع ناجي عيسى الطماوي - عمارة (2) ق 14 – ب11- م9 ) وتعمل بدون الحصول على ترخيص مزاولة المهنة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وتمنح شهادات غيرمعتمدة.

وأشار التقرير إلى قيام اللجنة بمداهمة المنشأة المسماة ( HARVARD BUSINESS CENTER) الكائن مقرها في (13 شارع محمد مندور، مدينة نصر)، وتمارس أنشطة تعليمية دون الحصول على ترخيص مزاولة المهنة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمى، وأصدر وزير التعليم العالى قرارًا بغلق الكيانين الوهميين، كما قام بمخاطبة محافظ القاهرة؛ لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في هذا الشأن. 


ومن جانبهم أكد خريجى تلك المعاهد بأنهم وقعوا ضحية لعملية نصب كبيرة ومنظمة لأن تلك الكيانات غير مرخصة وغير معترف بها بعد أن تكبدوا مبالغ مالية كبيرة بهدف تحسين أوضاعهم التعليمية. 


وبالرغم من الجهود الواضحة لأجهزة الدولة المختلفة وعلى رأسها وزارة الداخلية للقضاء على انتشار وتفشي ظاهرة الكيانات الوهمية والمعاهد التعليمية الوهمية، فقد تمكنت مباحث القاهرة خلال الأيام الماضية برئاسة اللواء نبيل سليم من ضبط أحد الأشخاص لقيامه بإدارة أكاديمية وهمية لترويج الشهادات المزيفة، بعد قيامه ببث فيديو على إحدى القنوات الفضائية، مدعيًا أنه رئيس لأكاديمية دولية للتدريب، وقيامه من خلالها بترويج شهادات مزيفة منها دكتوراه فخرية ومهنية ومستشار تحكيم دولي وكارنيهات لنقابة الصحفيين على مواقع التواصل الاجتماعى «الفيسبوك» مقابل حصوله على مبالغ مالية.


ونجح اللواء عبدالعزيز سليم مدير مباحث الأموال العامة بالعاصمة من تحديد المتهم، وتبين أنه حاصل على ليسانس آداب ومقيم بالخصوص وأمكن للعميد شريف فيصل وكيل مباحث الأموال العامة تحديد مقر الأكاديمية الوهمية بمنطقة عين شمس، وتم ضبطه بداخل الأكاديمية الوهمية وعثر بحوزته على شهادة بأسماء مختلفة عبارة عن دكتوراه فخرية ومستشار تحكيم دولي وشهادات خالية من البيانات ودفاتر إيصالات تحصيل نقدية لأسماء مختلفة، وكارنيهات وأختام تعود بصمتها للأكاديمية وجميعها مزيفة ومنسوب صدورها لجهات وهمية.


كما واصلت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية جهودها للتصدى لتلك الظاهرة، حيث تمكنت مباحث الأموال العامة برئاسة اللواء عاصم الداهش مساعد أول وزير الداخلية من ضبط متهمين لإنشائهم كيانات وهمية، لإصدار بطاقات عضوية منسوب صدورها خلافًا للحقيقة لنقابة الصحفيين والاحتيال على المواطنين والاستيلاء على مبالغ مادية منهم، وانتحال صفات لبعض المسؤولين بالدولة لإنهاء بعض المصالح مقابل حصولهم على مبالغ مالية كبيرة، وتم ضبطهم وبحوزتهم توكيلات وعقود ومستندات ونماذج لطلبات معدة للتزوير وممهورة بخاتم شعار الجمهورية مقلد وشهادات مزورة منسوب صدورها لعدد من المنظمات المصرية والأجنبية وإكليشيهات مقلدة وكمية كبيرة من الكارنيهات المزورة.


وفي الجيزة نجحت الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، في ضبط شخص أدار كياناً تعليمياً وهمياً يمنح الدارسين فيه شهادات دراسية مزورة متخذاً من شقة سكنية مقرًا لنشاطه الإجرامي في النصب على راغبى الحصول على شهادات دراسية عليا، زاعماً كونه وكيلاً لجامعة أجنبية.

وفي المنوفية أيضًا نجحت مباحث الأموال العامة في القبض على مالك أكاديمية تعليمية غير مرخصة بمركز تلا لتنظيم دورات للغات والكمبيوتر وصيانة أجهزة المحمول، وكذلك استمارات الهجرة وترويجه شهادات دراسية منسوبة للكيانات الحكومية «مزورة».


في البداية تؤكد خلود خالد بأنها تقدمت لإحدى الكيانات والتي تديرها دكتورة مشهورة بجامعة حلوان واقنعتنا بأنها وكيلة لإحدي الجامعات الشهيرة بماليزيا، واطلعتنا على التراخيص التي تؤكد ذلك، واقنعتنا بذلك ونظراً لعدم خبرتنا اقتنعنا وبالفعل أخذنا عدة محاضرات بإحدى القاعات بجامعة الأزهر بمدينة نصر. 


ووقعت المفاجأة اكتشفنا أنها عبارة عن دورة لمدة أسبوعين وبالفعل تقدمنا بعدة بلاغات لمباحث الأموال العامة وقسم شرطة الزيتون وتمكنا من الإمساك بها بعد الاستغاثة بشرطة النجدة، وتؤكد بأنها وشقيقتها قمنا بدفع مبالغ مالية كبيرة تصل إلى 120 ألف جنيه للواحدة لتحسين مستوانا التعليمى والحصول على مؤهل عالى.


ويستنجد «ا . ع» بالدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالى بإنقاذ مستقبله التعليمى، بعد قيام ذات الدكتورة بالنصب عليه والاستيلاء على مبلغ مالي كبير بعد إيهامه بحصولها على وكالة إحدى الجامعات الماليزية ومعترف بها من المجلس الأعلى للجامعات، وبالفعل قمت بسحب الأوراق الخاصة بي من الجامعة التي كنت أدرس بها في دولة روسيا وتعرضت لعملية نصب كبيرة من جانبها مما يهدد مستقبلي الدراسي.


ويقول محمود علي خريج معهد لاسلكي بشرق القاهرة: التحقت بالمعهد عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى بعد قيام مدير المعهد بإيهامنا أن المعهد يؤهلنا للعمل كضابط بحرى بالمطارات والسفن الدولية العابرة للقارات، وبعد انتهاء مدة الدراسة بنجاح كان يحدونا الأمل في التعيين حسب الوعود البراقة وفوجئنا أن الشهادة مضروبة ولا تؤهل لذلك وتعرضنا لعملية نصب وتدليس، وأصبح مصيرنا الجلوس علي الكافيهات والانضمام لطابور العاطلين بالرغم من قيام والدي بدفع مبلغ مالي كبير.


وتؤكد مني السيد خريجة من أحد المعاهد بمنطقة المنصورية بالهرم، أن تلك المعاهد كيانات وهمية ولا تصلح أن تكون مكاناً للدراسة، ولا توجد بها انضباط والإدارة فاشلة لا همّ لها سوى الحصول على ملايين الجنيهات من الطلاب، خاصة الدارسين العرب الذين يلتحقون بتلك الكيانات للفسحة والتنزه وإقامة علاقات غرامية مع الطالبات وغيرهن أثناء فترة الدراسة، وأن أصحاب تلك المعاهد تختار الأماكن البعيدة النائية والمتطرفة لبعدها عن أعين الرقابة ورجال الضبطية القضائية لوزارة التعليم العالى وكذلك هروباً من ملاحقة مباحث الأموال العامة بوزارة الداخلية.


وعلى الجانب الآخر اشتعلت معركة معاهد بير السلم تحت قبة البرلمان المصرى، بعد قيام الدكتور حسام المندوه عضو المجلس بتقديم عدد من الأسماء للدكتور خالد عبدالغفار من الكيانات الوهمية ومعاهد الفنكوش كما أطلق عليها المندوه، حيث أكد الدكتور حسام المندوه بأن كثرة الإعلانات المنتشرة بصورة كبيرة أصبحت مستفزة وتحاصرنا سواء إعلانات مرئية ومسموعة أو مقروءة عن تلك المعاهد والكيانات الوهمية وبعدها يفاجئ أولياء أمور الطلاب بعد التحاق أبنائهم غير مرخصة وغير معتمدة.

وأضاف الحسينى بأن تلك الكيانات تستخدم أسماء لمراكز عالمية لجذب الزبون مثل المركز الإيطالي والألماني وتصل مصروفات تلك الكيانات فى المتوسط ما بين 20 ألف إلى 30 ألف وذلك دون مقومات للدراسة وتذهب تلك المبالغ الكبيرة لجيوب أصحاب تلك الكيانات المنتشرة في جميع المحافظات.

وأكد المندوه بأن تلك الكيانات والمعاهد ليس بها أى شخص مؤهل لتعليم الطلاب، وهؤلاء حملة مؤهلات حديثة وغير مؤهلين لإلقاء المحاضرات.


أوضح الدكتور محمود فوزي، مدرس الإعلام بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، أن هذه المعاهد والأكاديميات تمارس اختراقًا صارخًا لمواثيق الشرف الإعلانى ولأخلاقيات العمل الإعلامي النزيه، من خلال تقديم رسائل إعلانية خادعة ومضللة، باستخدام تكنيكات دعائية متعددة.

وناشد الطلاب وأولياء الأمور عدم التعاقد مع أي كيان أكاديمي قبل التأكد من وجود طابع تنسيق باسم المعهد، وتدوينه واعتماد شهادته بالمجلس الأعلى للجامعات، إلى جانب إجراء زيارة للمقر للتعرف علي أعضاء هيئة التدريس، والتأكد من جودة البنية التحتية من قاعات ومعامل مجهزة  لتقديم خدمة تعليمية جيدة تكافئ قيمة المقابل المادي المدفوع نظير فواتير وإيصالات رسمية ومعتمدة باسم المعهد كأحد الحقوق الصريحة التي يكفلها قانون حماية المستهلك.


ومن جانبهم طالب خبراء التعليم بعدة خطوات لمواجهة تلك الظاهرة منها تفعيل المشاركة المجتمعية وخاصة من جانب أولياء الأمور بضرورة الإبلاغ عن تلك الكيانات الوهمية، وضرورة تفعيل الضبطية القضائية وإعطاء صلاحيات أكبر لرجال الضبطية تمنحهم الحق في تفتيش المقرات أو السناتر التي تتعامل مع الطلاب. 


وطالب الدكتور أشرف الشيحي وزير التعليم العالى الأسبق، بضرورة تفعيل دور رجال الضبطية وتمنحهم الحق فى ضبط الأشخاص وأصحاب تلك الكيانات وإحالتهم للنيابة العامة، وأن تلك الكيانات الوهمية من معاهد تقوم ببيع شهادات وتعفى من التجنيد وتمنح درجات وتخصصات علمية من دكتوراه وماجستير وكلها درجات وهمية واصفاً إياها بأنها عملية نصب مكتملة الأركان  ولابد من إغلاقها وتشميعها، ولابد من الإشادة بالدور المهم للبرلمان الجديد واهتمام أعضاءه بمواجهة ومحاسبة تلك الكيانات بجانب الدور الأساسي والرئيسي لوزارة التعليم العالي لمواجهة تلك الكيانات والتي تنتشر بصورة رهيبة تحت مسميات عديدة مثل العروبة اللاسلكي  ومعهد الفراعنة ومعهد الأهرام للعلوم الإدارية, وقد قمت بإغلاق أكثر من 70 مركزاً خلال تحملى المسؤولية.


ومن جانبه أكد السيد عطا وكيل أول الوزارة ورئيس قطاع التعليم بوزارة التعليم العالى، أن الدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالي يشدد وبصفة مستمرة على أعضاء لجنة الضبطية القضائية بالوزارة على ضرورة التفتيش المستمر والفوري على تلك الكيانات والتي تنتشر إعلاناتها وإيهام المواطنين بمنحهم شهادات معتمدة علي خلاف الحقيقة ورجال وأعضاء الضبطية القضائية نجحوا في ضبط أكثر من 200 كيان وهمي خلال السنوات الأخيرة وتم اتخاذ الإجراءات القانونية والإغلاق الإداري بحقها وإحالة أصحابها للنيابة العامة. 


وكشف عطا أن وزير التعليم العالى قام مؤخراً بإغلاق منشآت وهمية وقامت لجنة الضبطية القضائية بمداهمة المنشأة المسماة (أكاديمية حورس) الكائن مقرها في (المنطقة المركزية – بجوار محطة بنزين موبيل)، والتي تقوم بمنح شهادات غير معتمدة في مجالات الباطنة والجراحة، رعاية صحية، حالات حرجة وطوارئ، مكافحة العدوى، سيكولوجيا النمو، الاستشعار عن بُعد، وغيرها من الشهادات غير المعتمدة، التي تمنحها الأكاديمية لغير المتخصصين.


ويضيف رئيس قطاع التعليم بوزارة التعليم العالي، أن اللجنة قامت بمداهمة المنشأة المسماة (أكاديمية حورس) الكائن مقرها في (الحي الثالث المجاورة 18 قطعة رقم 118/318 دمياط الجديدة)؛ وتعمل بدون الحصول على ترخيص مزاولة المهنة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وتمنح شهادات غير معتمدة.

وأكد عطا بأن الدولة بجميع أجهزتها تلاحق الكيانات الوهمية أينما كانت وأين كان مكانها، لأنها تتاجر بأولادنا الطلبة وتبيع الوهم خلاف الحقيقة.