عندى رأى

شمس الصحافة لا تغيب

عمر يوسف
عمر يوسف

عمر يوسف

تعالت الصيحات التى تتحدث عن أُفول نجم الصحافة الورقية مع ظهور المواقع الإلكترونية التى جاءت لتعتلى عرش المحتوى الورقى الذى تسيد العالم لسنوات طويلة، إلا ان هذا المنطق بعيد تمامًا عن العقلانية والتاريخ أكبر شاهد ودليل، وذلك لأن الصحافة الورقية عاصرت جميع الوسائل الإعلامية منذ نشأتها دون أن يخبو لمعانها أو يقل رونقها.
فى الوقت الذى كان فيه الراديو يعيش أفضل أوقاته وظن الكثيرون أن عصر الصحافة انتهى، كانت الصحيفة هى الوسيلة الاخبارية الأولى لمعرفة جنود الحرب العالمية الأولى أهم مستجدات الحرب، ولأى كفة تميل دفة الانتصار.. ومع مرور السنوات كان الراديو ينتشر بسرعة كبيرة فى مختلف أنحاء العالم إلا ان الصحافة كانت تسبقه بخطوات طويلة، وبرزت شخصية الصحفى المحنك الذى يثير الخوف والاضطراب فى المكان الذى تطأه قدماه، وعينه المليئة بالشك تكشف ما يحدث خلف الستار وما تخفيه الجدران.
وأصبح الصحفى يتباهى أمام الجميع أنه يعمل بمهنة «البحث عن المتاعب» ليس لأنها تقلل من راحته وتزيد من جهوده البدنية والذهنية، وإنما لمكنونها الممتليء بالمتعة غير المتناهية والغموض الذى يجعل الصحفى يطرح التساؤلات أينما ذهب والفضول الذى لا يمكن اشباعه.. ثم جاء التحدى الأكبر وهو التلفاز الذى نافس الصحفية فى وظيفتها الأولى وهى «الإخبار»، إلا أن ما قدمه عبارة عن بضاعة فاسدة تكاثر عليها الذباب لقلة قيمتها، فاضطر للاعتماد على صحفيين فى تقديم مواده والمنافسة بقوة أمام الصحيفة التى تُغير من جلدها ولونها مع اختلاف العصور وظهرت مواد صحفية جديدة تخاطب شهية القراء التى تتغير مع كل حقبة زمنية جديدة..
 وخرجت الصحافة من جميع التحديات السابقة منتصرة ونجحت فى الصمود بفضل رموزها بمختلف انحاء العالم الذين اقتحموا المجهول ووقفوا أمام الظلم فى كل مكان مشيرين أقلامهم ضد الفساد والقائمين عليه، وكانوا عين الدولة الساهرة فى الوقوف بالمرصاد لكل معتدى من الداخل او الخارج، والتاريخ يطوى بين صفحاته الكثير من مُتولى المناصب القيادية الذين سيقوا إلى السجون بفضل تحقيقات صحفية كشفت ألاعيبهم.. إلى أن وصلت الصحافة لمرحلة منافسة نفسها من خلال المحتوى الإلكتروني.. لأن الصحافة الإلكترونية تطور للصحافة الورقية ولم تأت للقضاء عليها، بل كلاهما يكمل الآخر وأكبر دليل على ذلك أن جميع الصحف بالعالم تمتلك مواقع إلكترونية لتوصيل رسالتها الإخبارية بشكل يلائم جمهور الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.. ستظل شمس الصحافة الورقية باقية لا تغيب ومع ظهور وسائل جديدة تزداد قوة وصمودا.