حال السينما الآن.. «النصاص قامت والقوالب نامت»: أفلام الميزانيات الضخمة حبيسة العلب

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

يبدو أن فيروس كورونا جاء ليغير كل الثوابت والأساسيات التى تعودنا عليها وعشناها وكأنها شىء مسلم به يصعب تغييره أو حتى المساس به.. ففى السباق السينمائى عادة ما نجد الأولوية فى طرح الأفلام  بدور العرض للنجوم أولاً وأخيراً، ولو فيه حظ ممكن مع آخر الموسم وفى الوقت الميت يطرح الموزعون أفلاماً قليلة التكلفة بطولة أنصاف نجوم أو فنانين شباب، وهذا ليس تشجيعاً لهم بل إنها الظروف التى أجبرت الموزع أن يفعل ذلك من أجل تشغيل دور العرض السينمائى وموظفيه وعماله حتى لا يعانون
بطالة ناجمة عن قلة الإنتاج.. وكان هذا حال السينما طيلة الأعوام السابقة حتى جاءت أزمة كورونا

 

اقرأ أيضا| سميرة سعيد: الملك الحسن كان مايسترو لفرق موسيقية وعازف أوكورديون.. فيديو

وأغلقت دور العرض السينمائى والحياة بصفة عامة.. إلى أن بدأت تدريجياً تعود للحياة من جديد، وفى ظل قرارات احترازية تم تقليل نسبة حضور الجمهور إلى 25%، فكان رد فعل المنتجين الكبار رفض فكرة عرض أفلامهم ذات التكلفة العالية جداً فى ظل هذه الجائحة التى سببت خسائر مادية فادحة لهذه الأفلام  لو عرضت فى هذا التوقيت وبهذا العدد القليل من الجمهور.. وحتى بعد زيادة نسبة الحضور إلى 50% رفض المنتجون أيضاً أن يغامروا بأفلامهم ونجومهم وطرحها فى وقت صعب لأنه حتى نسبة الـ50% لن تحقق أى تعويض لمثل هذه الأفلام التى تتخطى ميزانية إنتاجها الـ30 و40 مليون جنيه.. فأجر نجم واحد من نجوم هذه الأفلام يعتبر ميزانية كاملة لأفلام أنصاف النجوم. 

فهنا وجد القائمون على صناعة السينما أن الحل الأمثل هو فتح الباب لعرض أفلام أنصاف النجوم والشباب الجدد والذين لم يكن عندهم أمل فى عرض أفلامهم بدور العرض السينمائى.. فهذه الفكرة فرصة لهؤلاء وفى نفس الوقت فرصة لإعادة سريان الدماء فى جسد صناعة السينما واختبار هل يعود الجمهور لحضور الأفلام أم أنه سيظل خائفاً محتمياً بجدران منزله؟.. ولكن يبدو أن بعضاً من عشاق السينما متعطشون لحضور الأفلام بدور العرض السينمائى وعدم الاكتفاء بمشاهدة الأفلام عبر المنصات الإلكترونية، كما عرض فيلم صاحب المقام ليسرا وحقق نجاحاً كبيراً فى نسب المشاهدة، ولكن تظل دور العرض السينمائى لها طعم خاص لدى الجمهور، فالسينما ليست مجرد قاعة عرض فيلم ولكنها بالنسبة لكثير من الجمهور هى (خروجة) وفسحة.. وسبحان مغير الأحوال بعد أن كانت الأفلام الصغيرة تظل حبيسة العلب تنتظر فرصة العرض السينمائى بعد عرض الأفلام الكبيرة (ويا جات الفرصة يا ضاعت) أصبحت الفرصة مفتوجة لها مغلقة أمام الأفلام الكبيرة..

وأصبح الكثير من المنتجين الجدد الطموحين الباحثين عن دخول الوسط الفنى كمنتجين ولم يملكوا من المال الكثير يطمعون فى تلك الفرصة لوضع أسمائهم وسط المنتجين السينمائيين، وبالفعل عاشوا اللحظة وأنتجوا أفلاماً كادت لا تعرض وظلوا ما لا يقل عن سنتين يبحثون عن فرصة عرض لها إلى أن جاء كورونا وقرر الموزعون التجربة فيهم، وعرضت الأفلام الصغيرة بأنصاف النجوم وحققت إيرادات وصلت إلى 40 ألف جنيه يومياً وهذا ما اعتبروه إنجازاً وطموحاً لم يحلموا به بل وبدأوا (يشيرون) على مواقع التواصل الاجتماعى سعادتهم بأنهم الأول فى تحقيق إيرادات الشباك وعاشوا البطولة والنجاح وهذا حقهم لأنهم لو فى موسم الكبار ولو كتب القدر لهم العرض معهم كانوا لن يحققوا خمس أوسدس هذا المبلغ الذى يحققونه.. وكل يوم يدخل منتج جديد استغلالاً لفرصة كورونا التى حرمت الكبار وحبست أفلامهم فى العلب.. فمن يصدق أن أفلام أحمد عز (العارف) تأليف محمد سيد بشير وإخراج أحمد علاء الديب.. و(كيرة والجن) لأحمد مراد وإخراج مروان حامد ويشاركه البطولة  النجم كريم عبدالعزيز.. وفيلم (العنكبوت) لأحمد السقا ومنى زكى، للمخرج أحمد نادر جلال.. و(الشايب) لآسر ياسين.. و(أهل الكهف) لخالد النبوى وإخراج
عمرو عرفة.. وفيلم (البعض لا يذهب للمأذون مرتين) لكريم عبد العزيز ودينا الشربينى.. وكذلك أفلام تامر حسنى (مش أنا) تأليفه وإخراج سارة وفيق.. و(أشباح أوروبا) لهيفاء وهبى.. و(30 مارس) لخالد الصاوى وأحمد الفيشاوى.. و(ماكو) لبسمة ومنذر ريحانة والذى تم تصويره تحت الماء.. و(ثانية واحدة) لمصطفى خاطر ودينا الشربيني وإخراج أكرم فريد.. و(موسى) لكريم محمود عبد العزيز إخراج بيتر ميمى.. و(ديدو) لكريم فهمى ونجوم الكوميديا بيومى فؤاد وأحمد فتحى ومحمد ثروت.. أفلام كبيرة بميزانيات ضخمة ولا يعرف صناعها متى يفرج عنها من الحبس بالعلب  وما هو مصيرها.. فوجودها بالعلب يكبدهم ويكبد السينما خسائر كبيرة ومرعبة.. فى ظل سيطرة الأفلام الصغيرة على دور العرض وتحول نجوم الصف الثاني مثل أحمد زاهر ونضال الشافعى وعلى ربيع الذين يتمتعون بموهبة لا نقاش فيها ولكنهم فى الأخير أنصاف نجوم فى شباك التذاكر وليست موهبتهم التى لا يختلف عليها اثنان وأنصاف المنتجين، إلى نجوم ومنتجين عايشين اللحظة.. وكأن لسان حال الكبار الآن يقول النصاص قامت والقوالب نامت.