«الجِمال» لنقل القصب في الصعيد.. لماذا تُستخدم حتى الآن؟

الجمال وسيلة  لنقل القصب من الزراعات في الصعيد
الجمال وسيلة  لنقل القصب من الزراعات في الصعيد

ارتبط الجمل في مصر بالرحلات الترفيهية بالمواقع الأثرية والحضارية، كما أنه لا يزال مشهداً مألوفاً في مواسم كسر القصب بالصعيد وتحديداً محافظة قنا، ولا يزال رغاؤه وهديره يدب مسامع عامة الناس في القرى وفي أراضيهم الزراعية، حتى الآن.

يقول الدكتور أحمد عبد المالك،  المدرس بكلية الزراعة بجامعة الأزهر، إن الجمال تتحمل الظروف القاسية ولذلك يسمى الجمل سفينة الصحراء حيث يقاوم الجوع والعطش، كما أنه له القدرة على مقاومة الأمراض، ويتفوق على الأغنام والماعز في الاستفادة من المادة الجافة والألياف، وعلى الرغم من كبر حجم الجمل الكبير إلا أنه يتأقلم مع الظروف البيئية الصعبة والمهلكة أحياناً لأي حيوان آخر، والجمل أعطاه الله سبحانه وتعالي من الصفات والمميزات ما يجعله يقاوم كل هذه الظروف ومنها:

ويتابع : قدرة الجمل العالية على التغذية على العشرات من النباتات الصحراوية والأشجار والشجيرات والأعشاب التي تتميز بقيمتها الغذائية المنخفضة والتي لا تقبل عليها الحيوانات الأخرى لأنها غالباً نباتات شوكية أو ملحية ولقد حباه الله بأن له القدرة على تركيز البول أو اختزاله، وله القدرة على شرب الماء المالح، كما أن
احتواء كرش الجمل على كمية كبيرة من الأملاح حتى أن نسبة هذه السوائل الملحية 30% تقريباً من وزن الجسم وهي من أهم مصادر الماء للحيوان في حالة عدم وجوده.

ويشير المدرس بجامعة الأزهر،  إلى أن المزارعين في محافظة قنا، يعتمدون  على الجمل في موسم كسر القصب لتحميل ونقل محصول القصب  من الأرض التي يصعب دخول مواصلة لها إلى قاطرات الشحن والتي يقوم عمال باليومية (الشحانة) برفع القصب على أكتافهم وتحميله على قاطرات القصب أو خطوط القصب (الديكوفيل) لنقله إلى مصنع السكر لكي يتم إنتاج السكر ابتداءً من شهر يناير، أو نقله إلى (العصارات) التي تقوم بإنتاج العسل الأسود الذي يشتهر بصناعته في محافظة قنا بداية من شهر أكتوبر، وينتهي موسمه مع انتهاء موسم حصاد القصب في مايو.

ويلمح أن قدم الجمل يساعده في دخول الزراعات وتحمل تربتها ، فضلا أنه يحمل كميات كبيرة من القصب التي توضع عليه مقارنة بغيره من الحيوانات، كما أن الجمل يعتبر وسيلة اعتاد عليها المزارعون منذ القدم.


ويوضح : يقوم (الجمال) بشراء الجمل للعمل به في موسم كسر القصب والذي يعتبر الجمل مصدر رزقه من مدينة دراو بأسوان أو من مركز فرشوط بمحافظة قنا، كما يقوم بتزيينه من خلال بعض الاكسسوارات التي توضع في رقبة أو على ظهر الجمل.


ويتابع المدرس بجامعة الأزهر: يستطيع الجمل أن يغير درجة حرارة جسمه على حسب تغير درجة الحرارة، فعند الصباح تكون درجة الحرارة منخفضة تكون درجة حرارة الجمل 34 درجة مئوية وأثناء النهار ترتفع إلى 42 درجة مئوية تبعاً لارتفاع درجة الحرارة، وهو بذلك يقلل الفرق بين درجة حرارة جسمه ودرجة حرارة الجو حتى لا يمتص حرارة بكمية كبيرة عن طريق الإشعاع وبالتالي لا يستهلك ماء لتلطيف درجة حرارة جسمه كباقي الثدييات.

ويمتاز الجمل بأن الكليتين عنده لها القدرة على تركيز البول.كما يستطيع الجمل فقد 40% من ماء جسمه دون أن يتأثر ماء الدم، ويتم تخزين الدهون في سنام الجمل لاستخدامها كمصدر للطاقة عندما لا تتوفر مصادر غذائية لديه، فضلا عن أن حليب الجمل صحي ومفيد أكثر من حليب البقر بسبب احتواءه على كمية أقل من الدهون كما أنه غني بالحديد والفيتامينات والمعادن، ويتميز بذاكرة قوية كما أنها تعرف حركات صاحبها والإشارات التي يصدرها.

ويتابع : الجمل من الحيوانات العشبية المجترة كبيرة الحجم، حيث يتراوح طوله ما بين 1,5 متر إلى 2,5 متر، ويبلغ وزنه ما بين 400 إلى 600 كيلو جرام، كما تبلغ سرعته 40 كيلو متر في الساعة، يتميز  الجمل بحواس حادة، لا تتأثر بالعواصف الرملية أو بدرجات الحرارة المرتفعة، فعيونه الواسعة تحفها أهداب كثيفة، وتغطيها جفن شفاف، وأذنيه الصغيرة يحميها الشعر في مقدمتها، أما أنفه فيتمكن من إغلاق فتحتيها، بطريقة تحميها من حبات الرمال المتطايرة، وفي نفس الوقت يتمكن من التنفس بشكل يجعله قادر على تبريد الهواء الداخل إلى جسده، وهذا ما يقلل نسبة تعرقه، فيحتفظ بالمياه، كما إنه لا يتنفس من فمه ولا يلهث مطلقا، حتى درجة حرارة جسده التي تتراوح بين 34 و 42 درجة، فتساعده على عدم التعرق، وإن كانت عندما تصل إلى أقصاها يتعرق قليلاً، لكنه وقتها يتبخر على جسده.

اقرأ أيضا |أحمد كريمة: قانون الرؤية يختلف عن الشريعة الإسلامية.. فيديو