هتبقى قد الدنيا

يقول البعض إن كلمة «زمالك» تعنى الأكواخ الخشبية أو العشش لأنها قديما كانت جزيرة طينية فى نهر النيل ونقطة الانطلاق للصيادين ومكانا لتخزين أدواتهم وملاذا لهم للراحة خلال فترات الصيد.. أما محافظة المنوفية فتعود لمدينة "منوف" والتى كانت قرية معروفة عند قدماء المصريين باسم "بير نوب" وتعنى "بيت الذهب".. وأن بولاق الدكرورى ترجع تسميتها لنزول الشيخ أبو محمد يوسف بن عبد الله الدكرورى بها.. وكان الناس يعتقدون فيه الخير والصلاح.. وكانت "إمبابة" مركزا للتجارة وتعنى فى اللغة "الأمهرية" نخلة الدوم المصرية فى إشارة بأنها منطقة التقاء التجار.. أما «شبرا» فالمقصود بها العزبة وكانت ضاحية من ضواحى قاهرة المعز وأنشأها محمد على باشا.
 فيما يقرب من نصف قرن انتشرت العشوائيات وتضخمت فى أماكن كثيرة و«عزبة الهجانة» واحدة من تلك المناطق.. ولقد مررت بالقرب منها وأنا فى طريقى لمحافظة السويس وسمعت عنها الكثير من الحكاوى.. ففى الستينيات من القرن الماضى ولدت إحدى المدن الجديدة المخططة بالصحراء اطلقوا عليها «مدينة ناصر» ولم يتوقع سكانها أنهم فى يوم من الأيام سيجدون «عزبة» على جزء من مدينتهم توصف بأنها واحدة من العشوائيات الكبرى يعيش بها حوالى مليون إنسان على 750 فدانا.. فقد كانت قديما منطقة لثكنات سلاح «الهجانة» فاحتفظت بنفس الاسم ويقول عنها «الأغراب» منطقة «الكيلو ٤٫٥».
 تحولت قطعة الأرض الصحراوية مع الأيام إلى بؤرة عشوائية ضخمة تفتقد للحياة الكريمة والخدمات ويعيش بعض أهلها أسفل خطوط الضغط العالى.. ولأن موقعها إستراتيجى جذبت العزبة الطبقة العاملة.. ومع تنامى قطاع الإسكان غير الرسمى والعشوائى تضخمت "الهجانة" وولد فيها وتربى على أرضها أجيال جديدة ومجموعات وافدة تلقت قسطا من التعليم.. ولانخفاض الإيجارات بها وسهولة الحركة منها وإليها مع باقى مناطق القاهرة وإنشاء محطة لأتوبيسات النقل العام وتواجد سيارات "السرفيس" بكثافة جذبت سكانا جددا وتحولت عمليات وضع اليد إلى نظام لتقسيم الأراضى وبيعها أو ما يطلق عليها مافيا الأراضى .
 الزعيم عبد الفتاح السيسى يبذل جهدا خارقا لوضع لبنات "مصر الحديثة" التى تشرق يوميا فى كل مكان.. لقد اصطحب الرئيس حكومة مصغرة فى جولة داخل عزبة الهجانة .. واستقبله أهلها بالزغاريد وهتافات "بنحبك يا ريس".. فطمأنهم بأنه لم يأت لإزالتهم بل للارتقاء بأحوالهم المعيشية وتوفير الحياة الكريمة لهم وكلف الحكومة بوضع مخطط متكامل للمنطقة فيما يخص الطرق والمرافق وتوفير الخدمات الإنسانية.. مؤكدا أنه لا يمكن أن نترك المواطنين على هذه الصورة.. كلى أمل وبإذن الله سوف تصبح مصر قد الدنيا .