في ذكرى رحيله | «دوستويفسكي» اعترف بعظمة النبي.. واحتفظ بنسخة من القرآن

 الأديب الروسي الشهير فيودور دوستويفسكي
الأديب الروسي الشهير فيودور دوستويفسكي

تحل اليوم 9 فبراير ذكرى وفاة الأديب الروسي الشهير فيودور دوستويفسكي، والذي يعد علامة في تاريخ الأدب العالمي، حيث أبحر في النفس البشرية وتعمق فيها من خلال كتاباته، وأعماله كان لها أثر عميق ودائم على أدب القرن العشرين.

 

ويُعدّ «دوستويفسكي» أحد أعظم علماء النفس في تاريخ الأدب، فقد تخصص في تحليل الحالات المرضية للعقل التي تقود إلى التخبُّط النفسي والقتل والانتحار واكتشاف مشاعر الإذلال وتدمير الذات، واشتُهر بروائع أدبية مثل رواية الأخوة كارامازوف، والجريمة والعقاب .

 

ومن المُلاخظ عند قراءة أعمال «دوستويفسكي» أنه غالبًا ما كان يتطرَّق إلى الدّين والإلحاد وصراعهما داخل أعماله مثل: «رواية الأخوة كارامازوف ورواية الأبله»، والحقيقة أن دوستويفسكي كان مسيحيًا أرثوذكسيًا ونشأ في عائلة متديّنة وكان يَعرف الإنجيل منذ صغره، وقد تأثّر بالترجمة الروسية لجوهانس هوبنر، وقد حضَر صلوات الأحد منذ سنٍ مبكّرة وشارك بجزء من رحلة لزيارة الأماكن المقدسة، ومن بين أكثر ذكريات الطفولة العزيزة عليه تلك الصلوات التي اعتاد أن يلقيها أمام الضيوف، ووفقًا لضابط في الأكاديمية العسكرية فإن «دوستويفسكي» كان متدينًا بشدة وكان يتبع الممارسات الأرثوذكسية .

 

وقد كان «دوستويفسكي» من أشد المؤيدين لآراء الفيلسوف توماس كارليل في كتابه «الأبطال وديانة الأبطال»، الذي اعترف فيه بشكل صريح بعظمة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: «الرجل العظيم الذي علّمه الله العلم والحكمة». 

 

لكن لم تجدْ عنايته بالدين الإسلامي صدى من الباحثين الذين اهتموا أكثر بارتباطه الوثيق بالمسيحية، إلا أن إعجابه بالإسلام وبالنبي محمد صلى الله عليه وسلم بدا واضحا في كتاباته وآراءه. 

 

فقد أعجبته رسالة الإسلام السمحة إلى البشرية جمعاء فتقرب منها وأحبَّ الغوص في نفحاتها وهذا ما يُفسّر احتفاظه الدائم بنسخة من القرآن الكريم في مكتبته الخاصة مترجمة إلى الفرنسية التي كان يُتقنها إلى جانب الإنجليزية والألمانية. 

 

وكان يغار بشدة من الكاتب تولستوي وبوشكين لمعرفتهما العميقة بالقرآن أكثر منه، واختار قصيدة الرسول التي كتبها الشاعر ألكسندر بوشكين عام 1826 مستلهما إياها من القرآن الكريم ليقرأها على الملإ في مهرجان الاحتفال بذكراه عام 1880. 

 

أما في رواياته فقد جاء ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في مواضع شتى، كما في رواية «المزدوج» التي تُرجمت إلى العربية تحت عنوان «المثل» واستُعملَ فيها التعبير: «تيمّناً بالنبي العظيم»، وكذلك في روايته الممسوسون كثيرا ما كان يَستخدم بعض التعابير الإسلامية أو الإحالات إلى الإسلام والقرآن، وفي روايته الشهيرة «الجريمة والعقاب» وضع النبي محمد في قائمة الزعماء الذين كانوا يُشهد لهم بالحكمة والذكاء مثل قيصر ونابليون وهذا يُوضح وإن كان التشبيه بعيداً عن روح الإسلام مدى تقديره واحترامه لمكانة النبي محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين.

 

وقد وجد الكاتب العالمي دوستويفسكي في القرآن الكريم صدى لأفكاره التي آمن بها ودعا إليها عبر كتاباته التحليلية للتجربة الإنسانية، ولم يتردد لحظة في إبداء إعجابه الشديد برسول الإسلام ودعوتهِ رغم تعلّقه بشخصية المسيح في فترات من حياته، وهذا يُوضّح إلى حد بعيدٍ مدى انفتاحه على الإسلام وعلى القرآن الكريم تحديدًا.

 

ورغم الإرث الكبير الذي تركه «دوستويفسكي» للبشرية في مجال القصة والرواية والتحليل النفسي والفلسفة، إلا أنه وهو المسيحي الأرثوذوكسي خصص من وقته الكثير للتعرف على معاني القرآن والتدبر في آياته رغم ما كان يُعانيه أثناء هذه التجربة من محنِ السجن ومشقّتِه.

 

اقرأ أيضًا: في ذكرى رحيله.. «دوستويفسكي» عاشق الكتابة الذي رفض الدفن في مقابر الأدباء