إعادة تدوير مخلفات البناء.. كنز بين «الأطلال» 

أزالة مخالفات البناء
أزالة مخالفات البناء

◄أول عملية إعادة استخدام للمخلفات في التاريخ بدأت خلال الحرب العالمية الأولى 

◄4.5 مليون طن كميات مخلفات البناء.. ومصر لا تستفيد منها 

◄دراسة: تدوير منتجات الألومنيوم يوفر ٩٥% من الطاقة المستهلكة 

 

لدى مرورك راكبا سيارة أو ميكروباص على الطريق الدائري الذي يربط بين أطراف القاهرة الكبرى المترامية، قد يزعجك مشهد أطنان الجدران المنهارة المخلوطة بالحجارة المتراصة على جانبي الطريق، فالمشهد في الحقيقة لا يسر، لكن بينما أنت تتأفف من المشهد بحث آخرون عن كنز بين هذه الأطلال.  

 

دراسة أعدها الدكتور أحمد عاطف الأستاذ المساعد بقسم الهندسة المعمارية بكلية الهندسة جامعة عين شمس بالتعاون مع المهندسة مي عزام تحمل عنوان «تدوير مخلفات التشييد والبناء  والحفاظ على البيئة.. إمكانية التطبيق بمصر»، والتي ذكرت أن بعض الدول وضعت المواصفات لإعادة استخدام المخلفات خاصة الخرسانية لأنها من المواد الأساسية في عملية البناء.

 

ولفتت الدراسة إلى أن من هذه الدول «أمريكا، واليابان، وهولندا، والمملكة المتحدة، وألمانيا والدنمارك»، وذكرت أنه مع زيادة النشاط العمراني وبناء العديد من المشروعات السكنية تتزايد المخلفات الناتجة عنه وتسبب العديد من المشاكل البيئية والتلوث.

 

 

مخلفات الحرب العالمية
وبدأت فكرة إعادة استخدام المخلفات أثناء الحرب العالمية الأولى عام ١٩١٨، لأن الدول أثناء الحرب عانت من النقص الشديد في بعض المواد الأساسية مثل المطاط مما دفعهم لإعادة تدوير هذه المخلفات وبعد الحرب العالمية الثانية تم استخدام مخلفات ناتج هدم المباني كركام ليكون بديل للركام الطبيعي والخرسانات الجديدة لإعادة إعمار بريطانيا وألمانيا. 

 

 

وذكرت الدراسة أن حجم مخلفات البناء بمصر يمثل ٦٠ بالمائة من إجمالي المخلفات المجمعة في مصر وتشمل هذه المخلفات "كسر الطوب، والخرسانة، وفائض الركام، والحديد وبعض الأخشاب من أبواب وشبابيك وأدوات صحية فمن ٤٠ :٥٠ بالمائة خرسانة و٢٠ بالمائة كسر حجارة، و٣٠ بالمائة خشب و١٠ بالمائة مواد عازلة وأسفلت و١٠ بالمائة  معادن وطوب.

 

وأشارت الدراسة إلى أن أهمية إعادة تدوير مخلفات البناء لأن لهذه المخلفات أثار صحية وبيئية مدمرة، حيث إن حرق وطحن المواد الجيرية والإسمنتية وتطايرها بالجو يسبب مشاكل صحية كما أن حديد التسليح ينتج عنه مخلفات يصعب التخلص منها مثل "خبث الأفران العالية"، بالإضافة لمخلفات مصانع الطوب والمواسير والرخام والجرانيت والتي يتم إلقاءها بالمواقع الخالية.
 

وأكدت الدراسة أن بعض مخلفات البناء تستخدم كما هي مثل الحديد والخشب ومخلفات يمكن استخدامها بعد المعالجة كالركام والطوب والاخشاب وهناك مواد ضارة تسبب مشاكل صحية مثل مواد العزل والاسبستوس

 

وكشفت الدراسة أن الخرسانة عند تدويرها تمر بعدة مراحل هى الفرز والفصل للمواد. الغريبة مثل الخشب والبلاستيك… إلخ ويتم التكسير المبدئى لاستخدام الناتج كركام فى الطرق ثم ازالة الحديد بالمغناطيس ثم الغسل لازالة بعض الشوائب ونخل الركام لاستخدامه فى تثبيت التربة  والطرق.

 

 

وتمتلك مصر ٤ ملايين و٥٠٠ الف طن سنويا من مخلفات الهدم ولا يوجد لها إعادة تدوير واذا تواجدت إعادة تدوير للمخلفات فالناتج لا يستخدم إلا فى الطرق والممرات الداخلية وخرسانة أرضيات بعض استراحات المواقع كما يتم تركيب فلاتر تعمل على تجميع اتربة المصانع بجنوب القاهرة حيث ينتج عنها ما يزيد عن ٤٠٠ طن من تراب الاسمنت يوميا اى ما يعادل ١٢٠٠ طن يوميا فى انتاج بلاط الارصفة المتداخل وبردوات أرصفة الشوارع وإنتاج الأوانى الزجاجية. 


وأكدت الدراسة أن عمليات التدوير لمخلفات البناء بمصر ضعيفة لعدم وجود ثقافة التدوير والحفاظ على الموارد الطبيعية كما لم يتم وضع المواصفات الخاصة بالمواد المراد تدويرها بالاضافة لارتفاع تكلفة معدات التدوير. 


وأوضحت الدراسة أن تدوير المخلفات يوفر الطاقة فاعادة. تدوير منتجات الالومنيوم يوفر ٩٥ بالمائة من الطاقه المستهلكة عند تصنيع الالومنيوم من خاماتها الاصلية وإعادة تدوير طن من الزجاج يوفر اكثر من طن واحد من المواد الخام التى تستخدم فى صناعات الرمل والحجر الجيري ويوفر ٥٠ بالمائة من الطاقة اللازمة. لتصنيع الزجاج كما يقلل من تلوث الهواء بنسبة ٢٠ بالمائة وتلوث الماء بنسبة ٥٠ بالمائة .


وطالبت الدراسة بضرورة وجود تنسيق بين وزارتى الاسكان والبيئة لاستغلال مخلفات البناء مع الانتهاء من وضع معايير تدوير المخلفات كما يجب ادراج نقل المخلفات للمقالب الصحية لتكون جزءا من تصاريح اصدار رخصة تشغيل المشروعات كما يجب وضع قوانين رادعة لإلزام المقاولين بنقل مخلفات الهدم للمقالب العمومية كما يجب ان يتوافر التعاون. بين الحكومة والشركات الخاصة لاقامة عدة محطات تدوير المخلفات .

 

يقول نسيم فوزى صاحب ورشة لتصنيع الرخام بشق الثعبان: أن كسر الرخام يوضع بمقالب معينة ويتم التخلص منها بطريقة معينة فكل ورشة لها نقلتان اسبوعيا للتخلص من مخلفات مواد البناء بمنطقة معينة بشق الثعبان وهذا المقلب هو مكان منخفض عن سطح الارض بمسافة من ١٥ ل٢٠ مترا والمخلفات عبارة عن ٩٠ بالمائة كسر الرخام و١٠ بالمائة بودرة تقطيع وبعض السائقين يلقون بمخلفات مواد البناء بالشارع. 


يؤيده فى الرأى المهندس موسى عبداللطيف مدير إحدى شركات المقاولات: أن مخلفات البناء الناتجة عن مشروعات التى تنفذها شركات المقاولات  لا يتم رميها بالشارع لأنها تكون بكميات بسيطة من البلاستيك، الحديد، الألومنيوم والخشب ويبيعها لتجار الخردة او يتم عمل الطوب به أما التراب الناتج عن الهدم فيتم بيعه بالطن ويستخدم  لردم المصارف به اما المقاول الشعبى فليس لديه مهندسين لذا يلقى " الرطش " بالشارع.

 

وأضاف عبداللطيف: أن الراتش الناتج من مشروعات العاصمة الادارية تم رصف الطرق به.


أما المهندس كرم رضا مدير إحدى شركات المقاولات: قال إنه يعمل بمنطقة أكتوبر والعرب بالمنطقة يسيطرون على مقالب هذه المخلفات بالجبل ومكونات هذه  المخلفات هى طوب ورمل وبواقى تشطيب الشقق وشركات تنفيذ المشروعات تتعاقد مع مقاولين لشراء هذا الردم منها ولا يلقون بهذه المخلفات بالشارع أما المقاولون الذين يلقون بمخلفات الهدم بالشارع فيكون بسبب سائقى النقل الذين ينقلون المخلفات فهم يلقون بالردم بالشارع خاصة لو كان كميته قليلة واذا تم ضبط السائق يتم تغريم المقاول بغرامة ضخمة والتى لا تقل عن ١٥٠  الف جنيه بالاضافة لمصادرة السيارة وعلى الطريق الدائرى المساحات واسعة والرقابة قليلة لذا بمدينة اكتوبر بدلا من القاء المخلفات بمقلب طريق الواحات يلقى السائقين بالرطش على الدائرى .


اما الدكتور طارق الروبى استاذ علوم البيئة بالاكاديمية العربية للعلوم البحرية : ان وزارة البيئة تستعد لانشاء مصانع لاعادة تدوير المخلفات وحتى الان لم يتم عمل شئ ولذا مخلفات الهدم يتم جمعها بمقالب محددة بكل محافظة حيث تم عمل مقالب بالقاهرة الجديدة والعاصمة الادارية والسيدة عائشة وبالاتوستراد وحلوان.


واوضح الدكتور الروبى : انه حاليا يتم. فصل الحديد والخشب من مخلفات الهدم والباقى يدخل على كسارة ليتم فصل باقى المخلفات وتم عمل معايير للاستفادة من. المخلفات كما تم اصدار قانون لتدوير المخلفات  وتم انشاء جهاز لتنظيم ادارة المخلفات كما تم وضع مذكرة تفاهم بين وزارات البيئة والتنمية المحلية والانتاج الحربى والهيئة العربية للتصنيع لعمل مدافن صحية للتخلص النهائى من المخلفات التى لا يمكن تدويرها ومصانع لتدوير المخلفات ومحطات وسيطة بين المصانع واماكن المخلفات 
واكد الدكتور الروبى ان القانون الجديد لا يوجد به غرامة ولكن سيتم. وضعها فى اللائحة التنفيذية والغرامات ستكون اكثر من نصف مليون جنيه لمن يلقى مخلفات البناء بالشارع كما وضع القانون طرق تحديد مصادر المخلفات ومراقبة التخلص منها
واعلنت الهيئة العامة للنظافة وتجميل القاهرة   اتاحة خدمة رفع مخلفات الهدم وتشطيب الوحدات والمخلفات المتراكمة بالوحدات السكنية مجانا .


وقال حافظ السعيد رئيس هيئة نظافة القاهرة السابق : انه لا يوجد تنفيذ حقيقى لاى استراتيجيات للتخلص من المخلفات ومن ١٠ سنوات تم وضع خطة لرفع مخلفات البناء العشوائى والذى ظهر بوضوح عام ٢٠١١ وتم بالفعل رفع مخلفات البناء بشوارع احمد حلمى وبورسعيد وبمنطقة سور مجرى العيون بالسيدة زينب وبمصر القديمة وكانت كميات هائلة من الرطش التى تليقيها عربات الكارو وكثير من الشوارع وقتها كانت مسدودة وحتى الآن لا تزال الهيئة هى المسئولة عن نقل هذه المخلفات للمقالب العمومية للقمامة دون عمل فصل لمخلفات الهدم عن بعضها لعدم وجود المنظومة التى تنفذ ذلك .


واضاف السعيد : انه حتى عام  ٢٠١٩ تم وضع استراتيجية بين وزارة البيئة وشركة المقاولون العرب لانتاج مادة " الانترلوك" من مخلفات مواد البناء ليتم وضعها على الارصفة  ولكن حتى الان لا توجد منظومة للاستفادة من هذه المخلفات .


واشار السعيد : انه حتى الان هيئة النظافة هى التى تتخلص من مخلفات مواد البناء مع القمامة المختلطة الناتجة. من المنازل والصلبة ورغم وجود مصانع لتدويير المخلفات الا انها لا تغطى اطنان القمامة فالقاهرة وحدها تنتج ١٧ الف طن مخلفات صلبة وللبناء يوميا لذا فالكميات ضخمة ولكن لا توجد  رغبة من المستثمرين فى استغلال هذه  المخلفات حتى شركات جمع القمامة الاجنبية لم تنفذ أى استراتيجيات لتدوير القمامة.