حكايات| مقابر لـ4 ديانات.. «الكومنولث» هبة المصريين لجنود الحلفاء

مقابر لـ4 ديانات.. «الكومنولث» هبة المصريين لجنود الحلفاء
مقابر لـ4 ديانات.. «الكومنولث» هبة المصريين لجنود الحلفاء

مقابر تاريخية تضرب تعود بداياتها إلى الحربين العالمية الأولى والثانية، حتى باتت «ﺍﻟﻜﻮﻣﻨﻮﻟﺚ» بـ الإسماعيلية شاهدا على رفات عشرات الآلاف من ضحايا الحروب.

 

«ﺍﻟﻜﻮﻣﻨﻮﻟﺚ» نسخ متكررة لمقابر متكررة يصل عددها لـ20 مقبرة على مستوى محافظات مصر، لكن للإسماعيلية نصيب الأسد بـ5 مقابر، تشرف على إدارتها هيئة الكومنولث البريطانية.

 

أما خريطة مواقع تلك المقابر بمحافظة الإسماعيلية فتنتشر في مدن: «الإسماعيلية، ﻭﺍﻟﻘﻨﻄﺮﺓ ﺷﺮﻕ، ﻭﻓﺎﻳﺪ، ﻭﺍﻟﺘﻞ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ، ﻭﻣﻌﺴﻜﺮ الجلاء»، وتضم أكثر من 5000 مقبرة لجنود أجانب قُتلوا في الحربين العالميتين.

 

 

وتضم المقابر التي تقع بمدينة الإسماعيلية أمام السنترال 661 قبرًا، فيما تضم التل الكبير 675 قبرًا، وفايد 1199 قبرًا، وتقام على مساحة 6 أفدنة.

 

هبة من المصريين

 

كل المقابر دون عليها عبارة واحدة بمدخلها باللغتين العربية والإنجليزية.. «أرض هذه المقبرة هي هبة من المصريين»، لتكون قبورا دائمة لجنود الحلفاء الذين قُتلوا؛ تخليدًا لذكراهم.

وتعد هذه المقابر واحدة من إجمالي 40 ألف مقبرة منتشرة على مستوى العالم لتخليد ذكرى ضحايا الحروب والذين بلغ عددهم نحو مليون و700 ألف رجل وامرأة ينتمون لقوات الكومنولث، والذين قتلوا خلال الحربين العالمية الأولى والثانية.


 
تراصت المقابر بشكل متناسق بديع متجاورة وسط مساحة من الحدائق الخضراء تفوح منها روائح الورود والأزهار في مشهد يخال للمارة ممن يتصادف مرورهم لأول مرة بأنه متنزه، لكن الألواح الرخامية المنتشرة المتراصة بشكل هندسي تكشف أنها مقابر لجنود دفنوا تحت التراب ومعهم حكايات وأسرار حروب وصراعات كان للإسماعيلية نصيب منها.

 

 خلال الحرب، اعتبرت هيئة الكومنولث أن مصر قاعدة هامة في الحربين العالميتين، ففي أعقاب هجوم غير ناجح تعرضت له مصر في الحرب العالمية الأولى من قبل القوات التركية من جهة الشرق، أصبحت قاعدة انطلاق مساندة للغزو اللاحق لسيناء وفلسطين ولبنان وسوريا، أما في الحرب العالمية الثانية كان التهديد قادمًا من جهة الغرب.

 

اقرأ أيضًا| فتاة الأشعة السينية.. طفرة جينية تمنحها رؤية الأعضاء الداخلية للجسد

 

وكانت القاعدة المصرية بها مستشفيات، يتم تحويل ضحايا القتال إليها، وملحق بها مقابر حرب، وغيرها من الأماكن المعدة للدفن، تضم معًا أكثر من 11 ألف جندي.

 

وبمجرد أن تطأ قدمك بوابة دخول مقابر الكومنولث، تجد مساحات شاسعة من المسطحات الخضراء، تعتقد للوهلة الأولى أنها متنزه للأثرياء، قوالب هندسية متجاورة في قلب مساحة من الحدائق الخضراء، تفوح منها روائح الورود والأزهار، لكن حين تقترب قليلا، ستشعر بنوع من الوقار والهيبة. 

 

 

أكثر من قرن مر على بداية الحرب العالمية الأولى التي سقط فيها الآلاف من الضحايا من قوات التحالف على أرض مصر، ولا تزال هذه المقابر شاهدة على التاريخ.

 

وتشرف الهيئة البريطانية على رعاية هذه المقابر، وتخصص مبالغ سنوية للإنفاق على تجميل وتطوير حدائق المقابر، ويُقام سنويًا احتفالين في مدينة العلمين، تخليدًا لذكرى انتهاء الحرب العالمية الأولى، في تاريخ 24 أكتوبر من كل عام، والثانية لإحياء ذكرى توقيع اتفاقية السلام لإنهاء، الحرب وجلاء الغزو في 11 نوفمبر.

 

اقرأ أيضًا| مقبرة تحت الماء.. سر «سيسلجورم» المدفون في قاع البحر الأحمر

 

وتشهد المقابر زيارات مستمرة على مدى العام من أهالي الضحايا، الذين يضعون الزهور على مقابر ذويهم، وأغلبهم من إنجلترا وكندا، وآخرين من أستراليا والهند وجنوب أفريقيا ونيوزيلندا ويلتقطون الصور التذكارية.

 

وكان دفن الموتى في هذه المقابر يخضع لطقوس خاصة، تبدأ بوصول السيارة التي تحمل جثمان الفقيد، وفور وصولها ونزول الصندوق من السيارة، يحمله 6 من الجنود الأجانب، وتطلق 36 طلقة من الذخيرة الحية في الهواء، كتشريفة لوصول لجثمان.

 

يتقدم الجنازة التي تدخل من البوابة الرئيسة، قس وضابط وقبل وضع الجثمان في القبر، يقرأ القس تراتيل وكلمات، ثم يقوم الجنود برفع الصندوق وهو مربوط بثلاثة حبال لوضعه في القبر، ثم يتم بعدها الردم عليه، وتوضع على المقبرة باقات من الورد والزهور.

 

في مدينة فايد مقبرة تدعى «مقبرة الكومنولث» تقع على مساحة 6 أفدنة ونصف تقريبا من المسطح الأخضر بها نحو 1,199 قبر متراصة وفق تاريخ الوفاة والديانة، وبها مقابر للمسلمين واليهود والمسيحيين والهندوس.