وجع قلب

حصاد التجربة

هبة عمر
هبة عمر

بقلم/ هبة عمر

كل تجربة يمر بها الإنسان تترك أثرها على أفكاره وقناعاته وتدفعه لتغيير بعض المفاهيم والرؤى التى آمن بها، ولا شك أن خوض تجربة معايشة المجتمع الأمريكى والسياسة الأمريكية، فى الوقت الحرج الذى أعقب هجمات ١١سبتمبر، كان له أثره فى فهم حقيقة ما يجرى فى هذا البلد الذى يتحكم فى العالم باعتباره القوة الأعظم، ورغم ذلك يعانى من الانقسام داخله حول كيفية مواجهة الإرهاب وتوفير الأمن القومى.

كان المدافعون عن الحريات المدنية يرون أنه لا يجب التضحية بالحريات الفردية أو كرامة البشر من أجل  تأمين الدولة فى مواجهة أى هجمات يمكن أن تتعرض لها، بينما يرى البعض الآخر أن التهديد الإرهابى الذى تتعرض له أمريكا يتطلب "إعاقة" التوازن الدستورى بين سلطة الحكومة والحريات الفردية من أجل فرض الأمن القومى، ولكن هذا لم يمنع بعض الأصوات والكتابات المتعقلة أن تطالب باستمرار الحريات السياسية وحرية التعبير، التى صنعت النظام الديمقراطى فى أمريكا، ومنحت الشعب حقاً غير محدود فى انتقاد الحكومة ومسؤوليها، لأن هذا رسخ ثقة الشعب فى الحكومة، كما أن توفير قنوات للتغيير السلمى يشجع على تحقيق الاستقرار، لأن كثيراً من إجراءات مكافحة الإرهاب التى انتقدها المعارضون كانت غير دستورية ولم تحقق النتائج المرجوة.

حصاد هذه التجربة التى عشتها بالولايات المتحدة الأمريكية مع قيادات نسائية عربية على مدى ٢٢ يوماً، جعلنى أثق أن كل ما يدعم الديمقراطية والحريات المدنية والسياسية من دساتير وقوانين  يمكن أن يتم محوه فى لحظة وجود خطر يهدد أمريكا، وأن ما تتمتع به الصحافة من قدرة على النقد والمواجهة وتحليل الأحداث وتوجيه الأسئلة لأعلى السلطات جعلها صحافة قوية ومهنية تحسب الإدارة الأمريكية حسابها، وأن جماعات الضغط التى تدعم إسرائيل هى المحرك الأقوى لسياسات أمريكا فى الشرق الأوسط، بينما لم تتمكن الجاليات العربية والمسلمة من توضيح رؤيتها وإسماع صوتها بنفس القوة يوما.