تافيسي.. من الصيدلة وكرة السلة إلى قمة التحكيم الإفريقي

ليديا تافيسي
ليديا تافيسي

دخلت الإثيوبية ليديا تافيسي تاريخ كرة القدم الإفريقية بعدما أدارت لقاء تنزانيا ضد ناميبيا في كأس الأمم الإفريقية للمحليين بالكاميرون مساء أمس، السبت.

أحيت تنزانيا آمالها في بلوغ ربع نهائي توتال بطولة الأمم الإفريقية للمحليين «الكاميرون 2020» بفوزها على ناميبيا بهدف دون مقابل في مباراة الجولة الثانية للمجموعة D التي أقيمت مساء السبت على ملعب ليمبي.

سجل فريد موسى هدف المباراة الوحيد في الدقيقة 65 ليمنح فريقه أول ثلاث نقاط في البطولة، بفارق نقطة عن غينيا وزامبيا اللتين تتقاسمان الصدارة بأربع نقاط لكل منهما بعد تعادلهما 1-1 في وقت سابق على نفس الملعب. بينما استقبلت ناميبيا خسارتها الثانية لتودع البطولة.

وتلتقي زامبيا مع ناميبيا في ليمبي مساء الأربعاء في مباراة الجولة الثالثة، فيما تلعب غينيا مع تنزانيا في دوالا في الوقت نفسه.

المباراة شهدت حدثاُ تاريخياً في مسابقات CAF حين أدار طاقم تحكيمي كامل من السيدات بقيادة الإثيوبية ليديا تافيسي أبيبي ومساعدتيها برناديتار أسيميني كويمبيرا (مالاوي) وميميسن أجاثا إيورهي (نيجيريا) مباراة في مسابقة كبرى للرجال لأول مرة في تاريخ القارة.

وتحكي تافيسي للموقع الرسمي للكاف: "كنت ضمن مشروع الحكام من السيدات وبدأت بإدارة مباريات تحت 16 وتحت 17 سنة، وبعض البطولات المحلية وبطولات الاتحاد. حصلت بعدها على الاعتماد وبدأت في إدارة بعض مباريات اللدوري الممتاز للرجال كحكم مساعد وفي 2005 أصبحت حكم ساحة".

الرحلة وإن كانت مرضية إلا أنها لم تكن سهلة للأم ليديا. في بداية مشوارها لم يكن هناك أي حكام من السيدات، وحين بدأت بإدارة مباريات الرجال كان الأمر أكثر صعوبة.

لكن عزيمتها ورغبتها في ترك بصمة على تاريخ كرة القدم الإثيوبية دفعاها لمواصلة المشوار.

وأوضحت تافيسي "كان أمراً صعباً للغاية في البداية لأن البعض كان يأتي ويسألني لماذا اتجهت للتحكيم كسيدة في وقت لم يكن هناك غيري من السيدات في هذا المجال. لكن أسرتي دعمتني بقوة وأنا ممتنة للغاية لهم.

"أيضاً كنت قادمة من خلفية رياضية، وحقيقة أنني تدربت ولعبت كرة السلة أمام بعض الفرق من الرجال منحتني الثقة وسهلت علي الأمر في بعض الأحيان، حتى حينما قمت بإدارة مباريات للرجال".

أدائها المبهر كان سبباً في منحها أول مهمة دولية عام 2006 حين قامت بإدارة مباراة نيجيريا وليبيريا في تصفيات كأس الأمم الإفريقية تحت 20 سنة في أبوجا، وكان ذلك بمثابة فتح أبواب النجاح بالنسبة لها.

وتتذكر تافيسي "لا يمكنني أن أنسى هذه المباراة لأنها كانت مختلفة للغاية. الملعب كان أكبر مما اعتدنا عليه هنا في إثيوبيا، والجمهور كان رائعاً ومستوى المباراة كان جيداً للغاية".

واصلت ليديا التقدم، وشاركت في إدارة مباريات دورة الألعاب الإفريقية في 2007 و2011، قبل أن تشارك في توتال كأس الأمم الإفريقية للسيدات في أربعة مرات متتالية بنسخ 2012، 2014، 2016 و2018.

بالإضافة لكل ذلك، شاركت في التحكيم ببطولة FIFA كأس العالم للسيدات في 2015 و2019، كما شاركت في بطولة FIFA كأس العالم للسيدات تحت 17 سنة في 2016 وتحت 20 سنة في 2018.

بين كل هذه المهام الرائعة، واجهت تحدياً كاد يؤثر على مشوارها المميز عام 2013، حين وضعت طفلها الأول الذي يتم عامه السابع في أكتوبر المقبل. لكن عودتها للملاعب بعدها بسبعة أشهر كانت مليئة بالتحديات الناجحة.

وتتذكر تافيسي "فسيولوجياً كإمرأة كان هناك الكثير من التغيرات التي طرأت علي عقب الولادة. اكتسبت الكثير من الوزن وكان علي العمل بكل قوة حتى أستعيد لياقتي. عملت كثيراً وأصبحت أفضل وفي 2014 لاحت لي فرصة المشاركة في كأس الأمم. بينما كنت أتدرب هناك تعرضت للإصابة وقلت لنفسي لقد انتهى كل شيء بالنسبة لي. حاولت إجراء بعض الاختبارات لمعرفة ما إذا كنت سأتمكن من مواصلة الرحلة لكنني قررت العودة لبلادي. إلا أن المدير وقتها أتى وقال لي "ليديا، لن تذهبي لأي مكان. حاولي ولنر إذا كان بمقدورك التعافي". بدأت في علاج الشد الذي أصابني في الكاحل بصورة يومية، وفي النهاية تعافيت. أدرت مباراة الكاميرون وكوت ديفوار في نصف النهائي ووصلت المباراة إلى الوقت الإضافي. المفاجأة أنني شعرت بقوة ولياقة أكبر من الفريقين في المباراة التي امتدت لـ 120 دقيقة. شعرت بسعادة بالغة وقتها".

كانت هذه أحد أبرز اللحظات التي تذكرها في مسيرتها، بجانب 2012 حين أدارت مباراة أخرى في نصف النهائي بين نيجيريا وجنوب إفريقيا انتهت بفوز الأخيرة 1-0.

وتقول تافيسي ضاحكة "كانت مباراة كبيرة بالنسبة لي لأن الفريقين كانا رائعين. أيضاً كان الطقس حاراً للغاية وأتذكر أنني كنت أدعو ألا تمتد المباراة لوقت إضافي".

وبالرغم من التوقف الذي تسببت فيه جائحة وباء COVID-19 إلا أن تافيسي واصلت التدرب بمفردها، كما استغلت هذا الوقت في العودة لنشاطها الاجتماعي.

استغلت تافيسي خلفيتها كصيدلانية ومعرفتها بالطب والدواء لتساهم في رفع الوعي بالفيروس ومساعدة المجتمع في الحفاظ على سلامته وعدم نشر الفيروس.

وقالت "قمت بعملية تعليمية على وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك في محطات إذاعية وتليفزيونية لمحاولة إخبار الناس بمخاطر الفيروس. ذهبت أيضاً لبعض المجتمعات لكي أعلمهم كيفية غسيل الأيدي والحفاظ على الصحة العامة. هذا واجبي المجتمعي أن أساعد المعرضين للمرض والذين لم تتاح لهم فرصة الحصول على احتياجاتهم الرئيسية من الغذاء والدواء".

واعترفت تافيسي بأن عملية التدرب كانت صعبة، لكنها أشارت لرغبتها في مواصلة المران تحت أي ظرف. وقالت "تدربت ثلاثة مرات أسبوعياً في الخارج وكذلك في المنزل حيث حاولت تأسيس صالة ألعاب خاصة بي. نمتلك نظاماً نقوم فيه بإرسال تقرير يومي وكذلك نظام تتبع (GPS) لضمان أننا نواصل المران".

وتقول تافيسي أنها كسيدة عليها ضمان التوازن بين مهامها العائلية وعملها بالتحكيم، وهو المشوار الذي تمنحه عناية كبيرة للغاية. وأكدت أن دعم زوجها وتحفيز ابنها ذو السنوات السبعة يمنحانها القوة لمواصلة المشوار.

 

بعد قليل.. صيدلانية إثيوبية تدخل تاريخ الكرة الإفريقية