«چِنين - چنين» يورِّط إسرائيل فى الخلط بين حرية التعبير والتحريض

مشهد من فيلم چنين - چنين يوثق لجرائم الجيش الإسرائيلى
مشهد من فيلم چنين - چنين يوثق لجرائم الجيش الإسرائيلى

سقطة عميقة هوت فيها أقدام إسرائيل بميدان الحريات، حينما حظرت عرض فيلم «چين − چنين» التسجيلى، الذى يجسد واقع جرائم حرب جنود الجيش الإسرائيلى بحق المدنيين الفلسطينيين خلال إحدى العمليات العسكرية فى مخيم اللاجئين «چنين»، والمعروفة إسرائيليًا بعملية «السياج الواقي».. وخلافًا لحُكم قضائى إسرائيلى سابق، برَّأ العمل التسجيلى من تهمة التحريض، أصدرت محكمة «اللِّد» الجزئية قبل أيام قرارًا بمصادرة نُسخ الفيلم، ومعاقبة مخرج ومنتج العمل محمد بكرى بغرامة مالية قدرها 175 ألف شيكل، فضلًا عن إلزامه بتسديد أتعاب التقاضي، وقدرها 50 ألف شيكل أخرى.

 

قرار المحكمة والقضية برمتها، أثارت جدلًا واسعًا لدى ميادين الحريات، وأثبتت مدى الفجوة الشاسعة بين الترويج للديمقراطية الإسرائيلية والواقع؛ والشعرة الدقيقة بين حرية التعبير والتحريض، رغم اعتراف موسوعة المعلومات العبرية بأن القدر الأكبر من أعمال المخرج محمد بكرى يترجم رغبته فى نشر أفكاره الإبداعية، الداعية إلى التصالح والتكامل المتبادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

 

ويعود الصدام الإسرائيلى مع فيلم «چنين − چنين» إلى عام 2003، حينما أصر منتجه ومخرجه على تجسيد وقائع المواجهات غير المتكافئة بين سكان المخيم وجنود الجيش الإسرائيلي؛ حينئذ رفع عدد من الجنود المشاركين فى عملية «السياج الواقي» دعوى قضائية ضد الفيلم والقائمين عليه، واستند أصحاب الدعوى إلى اتهام «مطاطي»، لا يفرق بين حرية التعبير وما يعتبرونه تحريضًا ضد الجيش الإسرائيلى والدولة العبرية بشكل عام.

 

وفى حين رفضت المحكمة حينذاك الدعوى، فرضت الأجهزة الإسرائيلية قيودًا «غير رسمية» على عرض الفيلم، وحالت دون اتساع دائرة مشاهدته باعتراف صحيفة «يديعوت أحرونوت». 

 

ورغم طواف بكرى مهرجانات العالم بعمله التسجيلي، وحصوله على أكثر من جائزة عن الفيلم، إلا أن وزيرة الثقافة الإسرائيلية ليمور ليڤنات اعتبرت نشاطه تحريضيًا، وفى عام 2012، درست إسرائيل إمكانية محاكمة صاحب النشاط، جنائيًا على خلفية عرض الفيلم فى الخارج، وتدخل نتانياهو شخصيًا، واعتبر الفيلم أكبر تحريض ضد إسرائيل واليهود على مستوى العالم.. وبعيدًا عن الجنود الأربعة، الذين رفعوا دعوى قضائية ضد الفيلم ومنتجه، انضم للحملة ذاتها العقيد الإسرائيلى المتقاعد سليم مجناجي، واتهم بكرى باستغلال ظهوره من الخلف فى مشاهد العمل التسجيلي، مدعيًا تشويه سمعته، ونشر ما وصفه بـ«الأكاذيب» حول نشاط الجيش الإسرائيلى فى مخيم جنين.