تحياتى

المشاهدة الشرهة عبر المنصات الرقمية تهدد التلفزيون التقليدى «١»

حسن عماد مكاوي
حسن عماد مكاوي

هل ينزوى التلفزيون التقليدي؟ أوبالأحرى، هل يتقلص حجم المشاهدة التقليدية للدراما والترفيه عبر التلفزيون لصالح ظاهرة ∩ المشاهدة الشرهة∪ التى تنتشر باطراد عبر منصات الترفيه الرقمية؟.

 تؤكد الشواهد حدوث ذلك بأسرع مما نتصور. كان التلفزيون معظم القرن العشرين هو الوسيلة الأكثر استحواذا على عقول وأفئدة الجماهير، فهو مصدر المعلومات الأساسى الذى يحيط الناس علما بما يحدث فى البيئة الداخلية والخارجية، نلتمس منه المعلومات التى تساعدنا على حياة أفضل فى شئون حياتنا، وما يجب أن نفعله أونتجنبه، وتوجيه سلوكنا الشرائى والانتخابي، والتأكيد على المعايير الاجتماعية من القيم والعادات والتقاليد وأنماط السلوك، والتمييز بين الصواب والخطأ، وتفسير الأحداث الجارية، وتحقيق الترابط بين فئات المجتمع وأطيافه حول القضايا الأساسية ومقتضيات الأمن القومي، وتسليط الضوء على القضايا التى تهم المجتمع بما يساعد على تشكيل الرأى العام وتطويره لما يخدم القضايا الوطنية، ونقل التراث الاجتماعى عبر الأجيال لمزيد من التماسك المجتمعي، وتكوين طقوس يومية للمشاهدة التلفزيونية المنتظمة التى يحرص عليها كثير من الأسر والأفراد، مثل الاعتياد على مشاهدة نشرة أخبار التاسعة مساء، والحرص على متابعة مسلسل تلفزيونى فى الأوقات المحددة على خريطة البث المرسومة سلفا. الملاحظ الآن أن هذه العادات والأنماط الاتصالية تتغير تدريجيا لغير صالح التلفزيون بفضل انتشار تقنيات العرض الجديدة والتى نتج عنها ظاهرة ∩ المشاهدة الشرهة∪ عبر قنوات جديدة غير شاشة التلفزيون مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية التى تستقبل المحتوى المتاح على منصات الترفيه الرقمية، وهو ما يتيح للمتلقى المشاهدة المتصلة لفترات طويلة دون انقطاع كبديل لشاشة التلفزيون التقليدية. لقد أفرزت التطورات التكنولوجية الحديثة منذ تسعينيات القرن الماضى ثورة حقيقية فى عالم الاتصال الترفيهي، وأحدثت الشابكة ∩ الإنترنت∪ نقلة نوعية فى كل مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمهنية وجميع مناحى الحياة اليومية للأفراد، ومع الانتشار الواسع للشبكة وتعدد استخداماتها، بدأت تظهر تأثيراتها على معايير وقيم وسلوكيات المستخدمين لها .