كافيهات ومطاعم.. «نيولوك» الحياة تحت الكباري

كافيهات اسفل كوبري المرغني
كافيهات اسفل كوبري المرغني


◄ البداية من كوبرى المرغنى بمصر الجديدة.. وزبائن: استغلال حضارى وخدمات راقية
◄ صاحب كافية: نقدم خدمات جديدة.. المشروبات لا تشمل الضريبة أو سعر الخدمة
◄ نائب محافظ القاهرة: سنغير الوجه القبيح.. ومخطط شامل لإزاحة كل أشكال العشوائية

كتب|هاجر زين العابدين

تشهد مصر تطورًا كبيرًا في بنيه الطرق والكباري، لتفادي الزحام والحوادث المتكررة، الناتجة عن تهالك الطرق والكباري.. ولسنوات عدة ارتبطت ذاكرة المصريين بمشهد ثابت تحت الكباري العامة، والتي تحولت إلى مأوى للبلطجية وتجار المخدرات، مشهد يحكمة الفوضى والعشوائية.

 لكن المشهد تغير بحلول 2020، فأصبح أسفل الكباري يمثل وجهاُ حضارياُ، جاذباً للمارة، وأصبحت مركزا لمشروعات الشباب وملاذًا آمنًا لهم، وخلقت فرص عمل جديدة تسع طموحاتهم في الحياة، وتعبر عن شخصياتهم وأفكارهم، «بوابة أخبار اليوم» ترصد في جولة ميدانية أسفل كباري المحروسة؛ لتنقل الفرق بين المشهدين .


البداية من منطقة الإسعاف لنرصد مشاهد أسفل كوبري 6 أكتوبر.. لم يكن المشهد متغيراً عما اعتادنا عليه، فينتشر الباعة الجائلين بشكل عشوائي يصحبه ضجيج أصواتهم للترويج عن بضاعتهم ومشاداتهم الكلامية مع الزبائن.

ومنهم من يتخذ أسفل الكوبري لعمل «نصبه شاي» تفتقد أدنى معايير النظافة والآمان، وينطبق المشهد على جميع الباعة الجائلين.. كما أن معظم المناطق استغلته كجراج عام للسيارات.


سرعان ما اختلف المشهد فور وصولنا لكوبري المرغني بمصر الجديدة، حيث التنظيم والألوان الموحدة، وجدنا أسفل الكوبري مقسم لـ «بلوكات» متساوية في المساحة، جميعها يغلب عليه اللون الأزرق المائل للبترولي، وأغلبها مطاعم وكافيهات تتوسطهم صيدلية ومحال لبيع الزهور ليضفي بهجة في المكان .

الجميع يتسابق في المظهر الجمالي ليكون لافتاً للأنظار وجاذباً للزبائن، على الرغم من كونهم يمتلكون نفس المساحات والألوان إلا أن كل شخص أنفرد بإضفاء روحه وأفكاره على مكانه الخاص، ليكون متميزاً عن غيره، وكذلك الاختلاف في تقديم المشروبات والمأكولات وإن كانت أغلبها متشابهه .

لم نصدق أننا أسفل أحد كبارى المحروسة، بل أخذنا المشهد لأحد المولات الكوبرى التي تتميز بساحة كبيرة لجميع المطاعم والكافيهات .

يراعي الجميع الإجراءات الاحترازية التي وضعتها الدولة لمنع إنتشار «كوفيد 19» بإرتدائهم الماسك الطبي والقفازات، والزبائن تجلس على مسافات متباعدة .


ومن داخل أحد الكافيهات أقبل نحونا شاب عشرينيي يرتدي زيه المخصص للعمل «اليونيفورم» ليرحب بنا يوضح أحمد محمد «28 عام» أن الكافية يتميز بانخفاض الأسعار مقارنة بالكافيهات الكبرى، فالمشروبات لا تشمل الضريبة أو سعر الخدمة المتعارف عليه في أغلب الأماكن 22%، فكل فرد يحاسب على سعر المشروب فقط وهذا ما تتميز به الكافيهات أسفل الكوبري، فتقدم نفس الخدمة بدون أى أسعار إضافية .
مستكملاً أن الكافيه يطبق نظرية «help your self» وهي أن يقوم الزبائن بالتوجه للكاشير ودفع سعر المشروب وأخذه ليجلس في مكانه المفضل فى الكافيه، وأعجب الكثير من الزبائن بالفكرة.


تعبر هبه أحمد، أحد الزبائن عن إعجابها بالفكرة خاصة أنها كثيراً ما تعاني هي وصديقاتها في البحث عن كافية يقدم خدمة جيدة ولكن بأسعار مناسبة، ودائماً ما تفسد خروجاتهم بسبب ارتفاع الأسعار في الكافيهات، لكن ما يتميز به أغلب الكافيهات هو انخفاض الأسعار، كما أن الكافيه منظم وهناك ركن خاص لغير المدخنين، ويعد أحد الأسباب التي كانت تفسد جلوسهم في الكافيهات هو عدم التنظيم وتعرضهم لرائحة الدخان لمن يجلس بالقرب منهم .

أوضحت أنها طلبت «كابتشينو» بـ45 جنيهًا فقامت بدفع المبلغ كما هو بينما فى أغلب الكافيهات قد تصل الفاتورة لسعر مشروب بـ 45  جنيهًا لـ70 جنيهًا  شاملاً الضريبة والخدمة، كما أن الكافيه يتميز بخدمة لم تكن منتشرة فى مصر، وهي أن يقوم الفرد بطلب مشروبه المفضل والجلوس في أي مكان بالكافيه دون إزعاج من «الجرسون» الذي دائمًا يخبرها بعد الجلوس ساعة في المكان عن مشروب أخر، والبعض يقوم بفتح زجاجة المياه المعدنية لإجبار الزبائن على دفع ثمنها.
ويستطرد معتز علاء 30 عامًا أنه ليس هناك فرق بين الكافيهات العادية وما تم افتتاحه أسفل الكوبري، لأنها تقدم نفس الخدمة ونفس الجودة بل وتتميز عن الكافيهات المعتادة بانخفاض أسعارها، كما أسهمت بخلق فرص عمل جديدة للشباب، بدلاً من أن يستغل أسفل الكبري من قبل البلطجية وأطفال الشوارع ؛فاستطاعت الدولة أن تغير مفهوم أسفل الكوبري وتحويله من مكان غير آمن لمكان حضاري .

وتابع أحمد محمد "22 عام" صاحب أحد المطاعم التي تقدم عجينة الـ«باستا» فيقدم أطباق للمكرونة على الطريقة الإيطالية، ولكنه يقدم أيضاً مشروبات، فاستطاع أن يجمع بين الكافيه والمطعم، ويتميز المكان بعدم إضافة الضريبة أو القيمة المضافة، كما أنه يقدم أجود أنواع البن التركى وكذلك الإسبريسو .


يوضح محمد أنه منذ ثمانية سنوات كان يعمل مقدم للخدمة فى أحد المطاعم ، مما جعل لديه الخبرة فى إدارة كافية ومطعم فى وقت واحد رغم صغر سنه ، وحين حانته الفرصة بدأ أولى خطواته لتأسيس مشروعه، حالماً أن يكون صاحب أشهر سلسلة مطاعم فى مصر بل الوطن العربى.
ومن جانبه يشير إبراهيم صابر نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية أن هناك خطة لتطوير جميع الطرق والكبارى، وكذلك العشوائيات داخل محافظة القاهرة، مثلما تم تطوير سوق الخميس بالمطرية، الذي ظل 30 عامًا يصدر تلوث سمعى وبيئي، تم نقله في سوق نموذجي، وكذلك منطقة الهجانه التي كان يعاني منها المواطنون بالسكن تحت الضغط العالي، سيتم عمل مسار يربط من مدينة نصر لطريق السويس، وانتشال المواطنين من الهلاك وتوفير لهم حياة أدمية فهناك توجه عام بالقضاء على الفوضى والعشوائيات، وتحويل كل ما هو قبيح لوجه جميل.