إنها مصر

كل عام وأنتم بخير

كرم جبر
كرم جبر

العلاقة الطيبة مع شركاء الوطن أمن قومى، والمساس بها إضرار بالمصالح المصرية، ويحفظ الله مصر وشعبها طالما ظلت أواصر المحبة والتعاون مع الإخوة المسيحيين فى أحسن صورة.

لا أتحدث عن مسيحى أو قبطى، ولكنْ مواطن مصرى أصيل مثل أخى المسلم تماماً، تجمعنا أرض واحدة ونعيش تحت سماء واحدة، وكنا معاً فى السراء والضراء والحلوة والمرة.

أكتب ذلك لأننا نقترب من أعياد المسيحيين، وفى مثل هذا الوقت من كل عام يخرج علينا أهل الشر بفتاوى ومزاعم تسيء للمسلمين قبل المسيحيين، وعلينا جميعاً أن نتصدى لهم ولا نلتفت لما يقولون، ولا نعطيه أدنى اهتمام وأن نهنئ أخوتنا ونقول لهم "كل عام وأنتم بخير"، وهذا أيضاً ما يفعله علماء الدين الأفاضل.

فتاوى للشهرة السوداء، لا تستهدف خيراً ولا نفعاً، إلا إثارة الفتن والأحقاد، وتأليب النفوس الضعيفة والصيد فى الماء العكر، ولا تعلِّم الناس شيئاً مما ينفعهم بل كلها ضرر.

لا أتحدث فى القضية من وجهة نظر دينية، فهذا شأن الإمام الأكبر شيخ الأزهر ووزير الأوقاف ومفتى الديار المصرية وعلماء الدين.. ولكن أتحدث كمواطن مصرى، نشأ وترعرع فى محافظة الأسيوط، التى تعايش فيها المسلم والمسيحى فى أمن وسلام وطمأنينة.

ومجرد الحديث فى هذه القضية كل عام يشعرنى بالضيق والألم، فكلنا مصريون نعبد إلها واحدا، وبعضنا يذهب إلى المساجد وبعضنا إلى الكنائس، وتمتع المساجد والكنائس بكامل التقدير والاحترام ولسنا فى حاجة إلى تأكيد هذه المعانى.

عشنا أياماً سوداء بعد 2011، حاول فيها أهل الشر أن ينالوا من الرباط القوى بين المصريين، بحرق الكنائس والاعتداء على ممتلكات الأقباط، ولكن كانت لهم الدولة المصرية والشعب المصرى بالمرصاد حتى فى سنوات ضعفها، وخرج المصريون لحماية كنائس أخوتهم المسيحيين، وقال علماء الدين إن الاعتداء على كنيسة تماماً مثل الاعتداء على مسجد.

وكان الأقباط فى عام حكم الإخوان مصريين قبل أن يكونوا أقباطاً، ولجأوا إلى أحضان الوطن الذى يوفر الحماية للجميع، بعد أن شاهدوا بأعينهم أن العمليات الإرهابية لا تستهدفهم فقط، ولكن تريد النيل من الوطن كله، بمسلميه ومسيحييه.

كانت السمة الأساسية للمصريين هى احتواء الجميع فى "عباءة مصر"، والتعايش السلمى الآمن المطمئن بين جميع أصحاب الديانات والمذاهب، والاحترام الكامل للديانات السماوية، وتقديس الرسل والأنبياء.. ولكن فى سنوات التطرف والإرهاب حدث "شيء من التغيير".

فى زمن التطرف رأينا من يخلط الحق بالباطل والباطل بالحق لتشويه الآخرين والمساس بديانتهم وانتهاك حرماتهم، وسواء من يفعل ذلك متطرف مسلم أو متطرف مسيحيا، فهو ضد وطنه وأمنه وسلامته.

مصر محفوظة طالما ظل شعبها مصطفاً خلف بلده ومتماسكاً مع أشقائه فى الوطن.