نهار

«وينك يا عازف عود»...

عبلة الرويني
عبلة الرويني

كان فقط يبكى... لا أدرى إن كان قادرا على الكلام، أم أن تدهور حالته الصحية أصابه بالصمت... كان "على الشرقاوى" شاعر البحرين الكبير، يجلس باكيا، إلى جوار زوجته الشاعرة "فتحية عجلان" تمسك يده، وهى تناشد الجميع (عبر شريط الفيديو) إنقاذ زوجها.. تطالب بالمحبة والمساندة والسؤال، تشكو قلة الدخل، وأهوال المرض ونفقات العلاج.... رسالة الزوجة موجعة (شأن أوجاع الأدباء فى بلادنا جميعا)..

لكن دموع على الشرقاوى الصامتة أكثر ألما ووجعا، هو من يأتى عاصفا كما وصفه رفيق التجربة والإبداع والوطن قاسم حداد (يذهب عاصفا فى الكتابة، بالطاقة القصوى من العاطفة ... عقله خلفه، بينما قلبه هو القائد)..

على الشرقاوى (73 عاما) أحد شعراء الحداثة فى البحرين.. صاحب التجربة الإبداعية الممتدة والغزيرة (50 كتابا مطبوعا، وهناك 20 كتابا أخرى تحت الطبع)... تجربة متنوعة منفتحة على أشكال فنية مختلفة.. بين شعر الفصحى (15 ديوانا).. والشعر المحكى (9 دواوين بالعامية) والمسرح (9 مسرحيات) والكتابة للأطفال، والكتابة الغنائية، جعلت منه أحد أهم كتاب الأغانى بمنطقة الخليج..

تجربة على الشرقاوى الإبداعية المتنوعة، كانت دائما عصية على الإمساك بها، كما ذكر رفيقه الشاعر أمين صالح.. شاعر حداثى مولع باللغة، وإعادة صياغة التراث بطريقة مغايرة، والانتقال بحرية من شكل إلى آخر... تجربة غنية وعميقة (جروح قلبى وتر... وينك يا عازف عود)... علمه البحر الذى ورث محبته من أبيه الصياد.. علمه البحر عشق المغامرة...

وعلمه السجن الذى خبره طويلا، دفاعا عن الحرية والوطن.... أن يسافر فى ارتفاع الصوارى، ويرحل داخل ذاته فى تجربة روحية، صبغت أشعاره بحس صوفى مختلف أيضا.