تسريبات السوشيال ميديا.. «ابتزاز وخراب ديار»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

◄ أبو جمرة: لا توجد آلية تمنع نشر المحادثات الخاصة .. وحماية الشخص فى يده.
◄ كريمة: لا يجوز شرعًا البوح بما يدور في الشات إلا لدواعي أمنية.
◄ خبير أمنى: جرائم مستحدثة صاغ لها المشرعون قوانين تردع مرتكبيها.
◄ خبير أمنى: جرائم مستحدثة صاغ لها المشرعون قوانين تردع مرتكبيها.
◄فقيه قانوني: عقوبة إفشاء المحادثات الخاصة تبدأ من السجن 6 أشهر وحتى 3 سنوات.

لم ينعم المجتمع  بثمرة التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم دون أن يكتوى بسلبياته، فالعديد من الجرائم المستحدثة المرتبطة بمواقع التواصل الإجتماعي، غير أخلاقية وتتنافي مع تعاليم الأديان ومجرمة طبقًا لنصوص الدستور والقانون، وتمثل قضية إفشاء الأسرار والنشر العلني  لـ«المحادثات الخاصة» وينشرها البعض على صفحات التواصل دون رادع للآداب العامة ولا حرمة الحديث الخاص  وسيلة للابتزاز والتشهير وافتعال الأزمات بين الكثيرين وتحتاج إلى تجريم قانوني سريع للردع  بعدما تحولت في كثير منها إلى باب للانتقام  وإن شئت فلتقل «خراب بيوت» للبعض خاصة عندما تمس الحياة الزوجية.

في البداية يقول الدكتور مصطفى أبو جمرة الخبير في أمن المعلومات، إن نشر المحادثات السرية بين الأشخاص ظاهرة سلبية وغير أخلاقية ظهرت في الآونة الأخيرة ينتج عنها «فضائح وخراب بيوت» تارة، وتشويه السمعة أو الإضرار بالآخرين وابتزازهم وافتعال المشاكل لهم تارة أخرى، لافتا إلى أن أحد طرفي المحادثة الذي يقوم بتسريبها أو أجزاء منها قد يلجأ لإنشاء حسابات وهمية من أجل نشر تلك المحادثات بما فيها حتى لا يفتضح أمره ويصبح محل إدانة.

وأكدأبو جمرة الخبير، أنه لا يوجد من الآليات التكنولوجية ما يمكن من السيطرة على هذا الأمر، لافتا إلى أن  بعض المواقع أتاحت خاصية عدم التقاط صور «الاسكرين شوت» لما يجرى فيها ولكن سرعان ما تم التغلب عليها .

اقرأ أيضا| بينهم مرتضى منصور.. تحقيقات تنتظر نوابًا فقدوا حصانتهم بفض البرلمان

ونوه إلى أن هذه التسريبات يتم استخدامها كدليل إدانة للبعض، والأجهزة الأمنية لديها من الآليات ما يساعدها على التأكد من صدقها وكشف مدى حقيقتها، مشيرا إلى أن المعلومات الموجودة على مواقع السوشيال ميديا تظل محفوظة حتى لو قام الشخص بحذفها وأحيانا قد لا تكون ملكا لصاحبها وربما يمكن اختراقها من قبل الآخرين.

وأوضح أن الحل الأوحد لمواجهة هذه الظاهرة وتلاشي الوقوع فيها، هو أن يأمن الشخص نفسه بنفسه وأن يتحري الدقة عند استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وتوخي الحذر فيما يكتب وينطق حتى لا تتحول لدليل إدانة ضده أو تتسبب في إزعاج لهم.

واقترح، أن يتم تدريس مادة تحمل عنوان الأمن السيبراني كمادة إجبارية للطلاب في المدارس، تعرف دارسيها كيفية التعامل الآمن مع مواقع التواصل الاجتماعي وتمكنهم من حماية أنفسهم من مخاطر التعامل مع الإنترنت في ظل التطور الكبير الذي نعيشه ويسيطر عليه المسؤولين عن تلك المواقع.

ومن جانبه قال الفقيه القانوني والدستوري عصام الإسلامبولي، إن القانون والدستور يجرمان ما يقوم به البعض من نشر مقتطفات من محادثات سرية بينهما على مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أن هذا يعد انتهاكا للحريات الشخصية حيث إنه يجب حماية الرسائل الخاصة ولا يجوز التنصت عليها أو السماع لمحادثات الغير وتسجيلها دون إذن منهم، أو وجود أمر قضائي.

وأكد الإسلامبولي، أن هذا السلوك فعل مجرم وفقا لقانون العقوبات ويواجه مرتكبها عقوبة السجن من 6 أشهر وحتى 3 سنوات في حال إذا كان ما تم نشره فعلا فاضحا أو يسيء للآداب والأخلاق العامة، مؤكدا أن التسجيلات أو المحادثات التي تم تسريبها قد تدين صاحبها إذا كان فيها سب أو قذف لشخص آخر.

ومن الناحية الدينية، أكد الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أنه لا يجوز شرعًا أن يفصح أحد عن محادثة سرية له مع شخص أخر دون علمه.

وأكد كريمة، أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم علمنا أن «المجالس بالأمانات»، أي أن ما يدور في المجالس الخاصة والسرية والحديث على مواقع التواصل الاجتماعي في المحادثات السرية يجب أن يكون في مستودع الأسرار ولا يجوز الإفصاح عنه إلا بإذن أصحاب تلك المحادثة، أن هذا يعد نميمة لأن تلك الأسرار يجب أن تكون في طي النسيان.

واستطرد أن الحالة الوحيدة المستثناة من هذا أن يكون ما يتم الحديث عنه في تلك المحادثات ما من شأنه أن يحدث ضررًا بالبلاد والعباد أو اقتضت الدواعي الأمنية أن يتم الإعلان عن تلك المحادثات وما يدور فيها، فإنه لا حرج في هذا من أجل حماية الآخرين.

ومن ناحية أخرى قال اللواء محمد نور، مساعد وزير الداخلية السابق، إن هناك بعض الجرائم المستحدثة، يأتي على رأسها، أن يفشي أحد الأشخاص سرا دار في محادثة خاصة بينه وبين آخر، وهذا يتنافي مع الدستور الذي يحترم حرية الآخرين وبياناتهم الشخصية ولا يبيح البوح بها، إضافة إلى استغلال تلك المحادثات الخاصة في الابتزاز والتشهير، مؤكدا أن من يتعرض لتلك الجرائم يتوجب عليه التوجه لمباحث المصنفات والتي من شأنها ستصل لمن يرتكب هذه الفعل.

ولفت إلى أن وزارة الداخلية بدأت التوسع في قبول خريجي الجامعات في التخصصات التقنية والإلكترونية لمواجهة الجرائم المستحدثة المرتبطة بالإنترنت.