مهارات النسيج وتاريخ معرفة الألياف النباتية في عصور إنسان «نياندرتال»

تكنولوجيا النسيج
تكنولوجيا النسيج

 رصد باحث الباليو أنثروبولوجي ياسر الليثي في دراسة له، أقدم دليل على تكنولوجيا النسيج ومعرفة طبيعة الألياف النباتية في عصور إنسان نياندرتال في موقع أبري دو مار في جنوب فرنسا.

وأوضح باحث الباليو أنثروبولوجي ياسر الليثي، أن الكشف عبارة عن سلسلة حبلية صغيرة متشابكة منذ أكثر من 50000 سنة بواسطة النياندرتال المجموعة البشرية المنقرضة التي عاشت بعد ذلك في أوراسيا وبحسب الدراسة المنشورة في مجلة "التقارير العلمية" فإن الحبل دليل جديد على أن القدرات المعرفية وقدرات هؤلاء البشر كانت مماثلة لتلك التي لدى الإنسان الحديث. 

وأضاف ياسر الليثي إلى أنه تم العثور علي بقايا الحبل في إحدى المغارات في فرنسا، حيث كان يستخدمه إنسان نياندرتال ويرجح أنها تعود إلى حوالي خمسين ألف سنة مضت، مما يضع العالم أمام اكتشاف يقول الباحثون إنه مذهل لأن هذا الحبل يشبه كثيرا الحبال التي نستعملها اليوم.

وحسب ما جاء في الدراسة تم العثور على بقايا هذا الحبل بمغارة "ماراس" بمنطقة "أرداش" التي تقع شمال شرق مدينة مونبلييه الفرنسية على عمق ثلاثة أمتار تحت ركام جيولوجي يقول الباحثون إنه يعود إلى ما بين 42 و52 ألف سنة .

وألقى مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بوزارة السياحة والآثار في جنوب سيناء د.عبد الرحيم ريحان، الضوء على هذه الدراسة، موضحًا أن تفاصيل بقايا الحبل يظهر أليافًا ملتوية تمت ملاحظتها باستخدام الفحص المجهري الإلكتروني الذي أظهر من بقايا الخيط وجود ثلاث حزم من الألياف المتشابكة مترابطة عن قصد بطول 6.2 ملم وعرض 0.5 ملم، ويجب أن يكون من قام بصنعها إنسان نياندرتال بالضرورة، حيث كان يوجد في تلك المنطقة مجموعة مكونة من 25 أو 30 فردًا تركوا أدلة أخرى على ثقافتهم والتي انتهت منذ وصول الرجل الحديث تشريحيًا إلى جنوب شرق فرنسا بعد بضعة آلاف من السنين


وأضاف د.ريحان من خلال الدراسة بأن التحليل الطيفي كشف أيضًا أن الخيوط كانت مصنوعة من السليلوز ولربما أتوا به من أشجار الصنوبر المحيطة وللحصول على هذه الألياف كان يجب إزالة اللحاء الخارجي للشجرة لكشط اللحاء الداخلي وكان من الأفضل القيام بذلك في الربيع أو أوائل الصيف وغالبًا ما كان يتم غمر اللحاء الداخلي في الماء لفترة قبل أن تتحلل أليافه المعقدة إلى ألياف فردية وفي هذه المرحلة  يمكن أن يتحول اللحاء إلى حبال أو أوتار.

ويعتقد الباحثون أن لجوء إنسان نياندرتال إلى استعمال ألياف لحاء أشجار الصنوبر ينبئ عن معرفته الجيدة بعالم الأشجار وتركيباتها وما يمكن أن يستفاد منها لصنع أدوات أو وسائل ولم نتمكن من تحديد كيفية استخدام إنسان نياندرتال لهذا الحبل بالضبط، ليس بالضرورة أن يكون جزءًا من وسيلة كان يستخدمها، إذ ربما كان جزءًا من لباسه أو مرقده أو غير ذلك، لكن الأهم أن الحبل هو أول شيء يعود لهذا الإنسان تم اكتشافه، بعيدًا عن المواد التي لا تتحلل كالأحجار والعظام

وتابع د.ريحان، أن العالم بروس هاردي العالم المشارك في الدراسة وأستاذ الأنثروبولوجيا في كلية كينيون بالولايات المتحدة الأمريكية له رأي أخر، حيث يري أنه تم ربط  هذا الحبل بأداة حجرية رقيقة بطول 60 مم، ويتكهن أن السلك يمكن أن يعلق النصل بمقبض أو إنه كان جزءًا من شبكة أو حقيبة تحتوي عليه وكان من الممكن أيضًا استخدام تلك الخيوط لصنع حبل أقوى, كل تلك الفرضيات كانت محتملة.

ويعتقد الباحثون أن هذا الاكتشاف يسلط الضوء على القدرات المعرفية غير المتوقعة من جانب النياندرتال وحيث تعتقد ماري هيلين مونسيل، من المركز الوطني للبحث العلمي أن هؤلاء البشر تمكنوا من الحفاظ على نهج غير معروف سابقًا لعالم النبات.

 وقالت ماري هيلين مونسيل: ربما كانوا يعرفون خصائص أجزاء مختلفة من الشجرة لاختيار أفضل الألياف وتضيف أنه ربما كان لديهم أيضًا مفاهيم رياضية  لحساب الألياف وربطها وعمل شيء أقوى ربما حقيبة لحمل أشياء ثقيلة.

وبالنسبة إلى هاردي تعد تقنية الأوتار والألياف بشكل عام مثالًا على الاستخدام اللامتناهي للوسائط المحدودة " كما هو الحال في اللغة " لا يمكن أن يكون لدينا جملة بدون كلمات أو كلمات بدون أصوات تنقل المعنى يتطلب الحبل عدة سلاسل ، وسلسلة من مجموعة من الألياف.

 

أقرأ أيضا| عام 2021| أول حرف من اسمك يشير لتصرفاتك