وليد الشهاوي: لدينا أزمة في صناعة المسرح الموسيقي

المهرجان القومي للمسرح
المهرجان القومي للمسرح

واصل المهرجان القومي للمسرح المصري في دورته الـ١٣ برئاسة الفنان يوسف إسماعيل، ، اليوم السبت، مناقشة عدد من المحاور الفكرية ضمن "المسرح المصري ١٥٠ عاما" والذي يقام على هامش فعاليات دورته الحالية "دورة الآباء".

 

وأقيم، اليوم، المحور الفكري بعنوان "من الأغنية إلى المسرح الغنائي"، وتم مناقشة ٣ ورقات بحثية لكل من استاذ النقد والموسيقى د.زين نصار حول "المسرح الغنائي من سلامة حجازي إلى محمد الموجي"، والمخرج د.حسام عطا حول "المسرحية العربية الحديثة البدايات الغنائية والجذور التراثية"، والموسيقار وليد الشهاوي والذي تحدث حول "التحديات المعاصرة للمسرح الغنائي في مصر الإبداع والإنتاج والأداء".

 

في البداية، تحدث الناقد جرجس شكرى مسئول محور الندوات والمحاور الفكرية، عن أهمية مناقشة وضع المسرح الغنائي حيث قال: "نحن نتطرق اليوم إلى نمط من أنماط المسرح المصري وهو المسرح الغنائي، فكان الآباء الأوائل قد أدركوا علاقة الشعب بالغناء والموسيقى ولهذا عملوا على أن يكون حاضرا في عروضهم المسرحية.

 

وقال الدكتور محمد مندور، أن يعقوب صنوع عمل على جذب الجمهور من خلال الموسيقى والغناء بالعروض المسرحية، ثم بعدها بدأ بمناقشة المشكلات الاجتماعية والسياسية من خلال الكوميديا ودمجها مع الموسيقى والغناء، فقد أدرك الآباء فهم طبيعة الشعوب، ولهذا عملوا على جذبهم من خلال الموسيقى والغناء"، مؤكدا على أن الهدف الرئيس من المحور الفكري ليس فقط مناقشة تاريخ المسرح الغنائي وإنما أيضا مناقشة الوضع الحاضر للمسرح المصري من خلال العودة للتاريخ ومناقشة الحاضر. ومن جانبه، تحدث د.زين نصار عن بدايات وإرهاصات المسرح الغنائي في مصر منذ نشأته وبدايات ظهوره، من خلال ورقته البحثية التي حملت عنوان "المسرح الغنائي من سلامة حجازي إلي محمد الموجي"، حيث قال: "نحن لدينا تراث غنائي شديد الثراء، جزء مهم منه موجود بالإذاعة المصرية ودار الأوبرا، فالمسرح الغنائي قد بدأ مع بداية ظهور سلامه حجازي، فكان هو المطرب الأول وله صوت قوي ومساحته الصوتية واسعة في ذلك الوقت وكان الجمهور يأتي له خصيصا، ليشاهده وهو يغني وحينما تعرف إلى سيد درويش كونا ثنائيا، فلا يمكن إنكار الدور المهم الذي لعبه سلامة حجازي في المسرح الغنائي في مصر.

 

وتابع "نصار"، متطرقا إلى الإشكالية والتحديات التي تواجه المسرح الغنائي في الوقت الراهن إذ قال :"أن مشكلتنا الحقيقية هي وجود الإرادة الحقيقية التي ترغب وتستهدف عودة المسرح الغنائي، فنحن لدينا كافة الإمكانيات من أصوات وعازفين وملحنين ومؤلفين موسيقيين، كل ما علينا هو الإفراج عنها للجمهور".

 

كما تطرق الدكتور زين نصار، إلى إشكالية ظهور أغاني المهرجانات، موضحا أن هناك من يريد أن يصدر صورة سيئة عن الفن المصري، قائلا:"هناك تآمر حقيقي على المسرح المصري، وأخطر ما نشاهده الآن أغاني المهرجانات وتصدر أفلام العنف والبلطجة والتي تستهدف ظهور الفن المصري بهذا الشكل الردئ، وهناك فرصة كبيرة أمامنا لتغيير هذا النمط وإصلاح الأمر والافراج عن المواهب الحقيقية للجمهور، ففي دار الأوبرا المصرية مواهب غنائية بالغة الإبداع، كل ما هو مطلوب هو تسليط الضوء عليها"، مؤكدا على أن ما يحدث الآن ما هو إلا تصدير صورة الفن الهابط بدلا من الفنون الجيدة، فالفن الهابط هو أحد المخاطر التي نواجهها.

 

كما دعا د.زين نصار، إلى ضرورة جمع التراث المصري وحفظه وإعادة تدويره وتقديمه للجمهور، مؤكدا على أنه يجب ظهور العروض المصرية الغنائية حيث لدينا كل المقومات لإنجاح ذلك. فيما ناقش د.حسام عطا موضوع المسرح المصري البدايات والجذور التراثية، قائلا: "عندما نتحدث عن البدايات التقليدية التاريخية التي ساهم المؤرخون الدراميون الغربيون في ترسيخها، ورحنا نردد عن نشأة المسرح المصري والعربي تواريخ حديثة ففي لبنان أورخ المسرح بدايته مع مارون النقاش في عام ١٨٤٧، وفي مصر ١٨٧٠ مع يعقوب صنوع حتى صارت تلك المقولات بديهيات ترددها الاجيال وتتوارثها الكتب الجديدة".

 

وتابع عطا: "حينما نريد أن نتأمل تاريخ المسرح المصري في إطار التأمل المعاصر يجب علينا النظر للإنتاج الشفاهي التاريخي من الرواد وشعراء الربابة وغيرهم نظرة مختلفة"، مشيرا إلى أن الداعم الأكبر لفكرة تقدير الإنتاج الشفاهي هو ما فعلته لجنة جائزة نوبل في منحها الجائزة عام ٢٠١٧، عن عام ٢٠١٦ للمغني الشاعر المنشد على جيتار الخشبي على ما قدمه شفاهية. وفجر المخرج الموسيقى وليد الشهاوي، عدة أزمات تقابل المسرح الموسيقى، أولها الخلط بين أنواع المسرح الموسيقي وخلط المفاهيم، وأنه لابد من النظر إلى أنواع المسرح والفروق الجوهرية بين تعريفات الأوبريتات الغنائية والأوبرا والمسرح الغنائي، والفرق بين كل من تلك الأنواع، منوها على أن هناك خلط كبير في التعريف بكل نوع من تلك الأنواع.

 

وقال إن أي عرض مسرحي يستخدم الموسيقى بلاي باك لا يعد مسرحا غنائيا، فنحن نعاني أزمة حقيقية في النقد، كما نعاني من إشكالية وجود الممثل الشامل بالمعنى الحقيقي وهو الممثل الذي يجيد الرقص والغناء والتمثيل بنفس القدر وبنفس الإمكانيات، فنحن في حاجة إلى صناعة جيل جديد من الممثلين الشاملين، ليكونوا نجوما في المستقبل".

 

وأضاف الشهاوي: "كان لدينا في السابق بالمعهد العالي للفنون المسرحية قسم الممثل الشامل، فلماذا تم غلق هذا القسم؟، في حين أننا في حاجة ماسة إلى ضرورة تواجد فرقة مصرية للمسرح الموسيقي تضم فيها العناصر الموهوبة والقادرة على التعلم.

 

واستطرد: "لدينا بالفعل ممثلين رائعين وراقصين رائعين ومطربين أيضا، ولكنها تحتاج إلى جهد و تدريب لكل فئة من تلك الفئات على باقي الفنون، فعلى سبيل المثال مطرب الأوبرا لا يقدر على التحرك بحرية على خشبة المسرح ويحتاج إلى جهد كبير حتى يجيد الأداء الحركي".

كما أشار الشهاوي، إلى أن الجميع يتحدث عن فكرة الإحياء (إحياء المسرح الغنائي)، والتساؤل الأهم من الإحياء هو كيف نحيى شيء لا وجود له؟، فنحن لدينا أزمة صناعة حقيقة في المسرح الغنائي، والتي تبدأ من البنية التحتية لشباب المسرح وصولا إلى العناصر الفنية المختلفة من مخرجين ومؤلفين ومؤديين وحركة نقدية تواكب هذا النوع من المسرح.