أسسها «الرومي».. «المولوية» رقصة صوفية تحولت إلى «فلكلور» شعبي

المولوية
المولوية

«المولوية» طريقة صوفية أسسها مولانا الشيخ جلال الدين الرومي منذ ما يزيد على 800 عام، الذي يوافق اليوم 17 ديسمبر ذكرى وفاته، ويعرفها أصحابها بأنها رحلة روحية بين الأرض والسماء، تسمو فيها النفس لترتقي إلى درجة الصفاء .

وانتشرت «المولوية» في عدة دول عربية، كمصر وسوريا، حتى أضحت جزء من فلكلورها الديني الذي تمارس طقوسه حتى اليوم، وتحديداً في المناسبات الدينية، مثل الإسراء والمعراج، والمولد النبوي الشريف، وشهر رمضان الكريم، ولكن هذا لا يعني أنها عبادة كما يظنها البعض، فهي رقصة صوفية ارتبطت بالجلسات الدينية التي تتمحور حول الذكر، وذلك عن طريق تأدية الموشحات والابتهالات والذكر .

 

شاهد أيضا : صور| المولوية المصرية من جديد في ساقية الصاوي


رقصة المولوية
وتكون «رقصة المولوية» بالدوران حول النفس والتأمل الذي يقوم به من يطلق عليهم «الدراويش»، بهدف الوصول إلى الكمال المنشود، وكبح النفس ورغباتها والدوران حولها، ويعتقد أن الفكرة أتت من مفهوم دوران الكواكب حول الشمس.


وينظم المتصوفون رقصات يرتدون فيها تنانير واسعة فضفاضة ملونة، ويقومون بحركات دائرية، ويعتبر راقصو المولوية أو راقصو التنورة أن في دورانهم تجسيدا للفصول الأربعة، وهي صلة الوصل بين العبد وخالقه، حيث يقوم الراقص برفع يده اليمنى وخفض اليسرى إلى الأسفل، وهذه الحركة ما هي إلا نوع من المناجاة للخالق، وارتباط هذه الرقصة من وجهة نظر متبعيها باتساق الدوران فيها مع حركة الكون، وتميزت بفنون الرقص والموسيقى.


وقد ذاع صيت هذه الرقصة في عهد الدولة العثمانية، ومنها انتقل إلى سوريا ومصر ومنطقة البلقان وبعض البلدان الأخرى، ولكن جرى التضييق عليها في عهد "كمال أتاتورك" مؤسس الجمهورية التركية.


حركات رقصة المولوية
الحركات الراقصة التي يؤديها راقصو المولوية ما هي إلا تعبير عن الحالة المعنوية والوجدانية لأرواح الدراويش، قد تكون مرافقة لحالات انفعالية لا إرادية نتيجة التفاعل مع الموقف أو الحدث، ولأداء الرقصات في المجالس يجب أن تتوفر بعض العوامل الأساسية للقيام بهذه الحركات.


بداية كان الدراويش يرددون لفظ الجلالة ومع كل ترديدة يقومون بانحناء رؤوسهم وأجسادهم ويخطون باتجاه اليمين فتلف الحلقة كلها بسرعة وبعد فترة قصيرة يبدأ أحد الدراويش بالدوران حول نفسه وسط الحلقة وهو يعمل برجليه معا ويداه ممدوتان ويسرع في حركته فتنشر تنورته على شكل مظلة وتظل لمدة عشر دقائق ثم ينحنى أمام شيخه الجالس داخل الحلقة، ثم ينضم الى الدراويش الذين يذكرون اسم الله بقوة.


وتعكس الرقصة تصوّرا فلسفيّا يتغذّى من الطريقة المولوية التي أنشأها جلال الدين الرومي، لكنها لم تأخذ الطقوس التي تشمل وجود الشيخ والبخور والطفل الصغير، كما أنّها أدخلت الأذكار التي تقولها الطرق الصوفية مُجتمعة.


ويرجع سبب اعتماد التنورة الصوفية على حركات دائرية ينبع من الحس الإسلامي الصوفي، حيث تعتبر الطريقة المولوية أن الحركة في الكون تبدأ بنقطة معيّنة وتنتهي عند النقطة ذاتها، هذا الأداء الحركي يوازيه جانب روحي يعني التسامي والصعود من خلال الحركة الدائرية للجسد إلى الأعلى، حيث السماء والمحبوب الأكبر عودة إليه وذوباناً فيه.


التنورة الصوفية
ويرتدي راقص التنورة تنورتين أو ثلاثا، استلهمت ألوانها من الأعلام والبيارق الخاصة بالطرق الصوفية، ويصل وزن الواحدة إلى حوالي ثمانية كيلوغرامات، أما “السبتة” أو الحزام الذي يرتديه على نصفه الأعلى فيهدف إلى شدّ ظهر الراقص وهو يدور، بينما يتّسع الجلباب من الأسفل ليعطي الشكل الدائري طرفه عند الجانب الأيسر.


عندما يدور راقص التنورة حول نفسه، فيكون كالشمس التي يلتف حولها الراقصون ويطلق عليهم "الحناتية"، وكأنهم مجموعة الكواكب، ويرمز ذلك الدوران المتعاقب الذي يسير عكس عقارب الساعة مثل الدوران حول الكعبة، لتعاقب الفصول الأربعة على مدار العام.


وحينما يحرك الراقص اليد اليسرى إلى أسفل دليل على انعقاد الصلة ما بين الأرض والسماء، وأن الدوران حول الذات تخفف من كل شيء بقصد التحليق في السماء وفك الرباط المربوط حول الجذع، يرمز لرباط الحياة ليتحلل من كل ما يقيد حركته.


بصمة المصريين 
وقد طور المصريون رقصة التنورة فأضافوا إلى حركاتها وطقوسها الدفوف والفانوس، وجعلوها فناً استعراضياً مُتكاملاً، حتى أصبحت التنورة قاسماً مُشتركاً في مُعظم الأفراح المصرية، وكثير من الأسر تحرص على وجود راقص التنورة ليضفي على الفرح جوا استعراضياً شائقاً.