من قتل عباس حلمي الأول في قصره بمدينة «بنها»؟

الوالي عباس باشا حلمي الأول
الوالي عباس باشا حلمي الأول

فى 13 يوليو من عام 1854 عثر على    الوالي عباس باشا حلمى الأول مقتولا فى قصره المنيف فى مدينة بنها، وهو ثالث حكام الأسرة العلوية لمصر، وهناك روايتان كل منهما تشرح سبب اغتياله والطريقة التى تم اغتياله بها، الرواية الأولى تتحدث عن مؤامرة قام بها المماليك للتخلص منه، والرواية الثانية تدور حول مؤامرة دبرتها عمته "نازلى هانم"، لكن أغلب المراجع التاريخية تشير بأصابع الاتهام إلى أن عملية قتل الوالى العلوى حفيد محمد على باشا، يقف وراءها مماليكه الذين أساء معاملة بعضهم فتآمروا عليه واتفقوا على قتله.


يروى "إسماعيل باشا سرهنك" فى الجزء الثانى من كتاب "حقائق الأخبار عن دول البحار".. أن عباس باشا حلمى الأول كانت له حاشية من المماليك يقربهم إليه ويصطفيهم، ويتخذ منهم خواص خدمه، ولهم عنده من المنزلة ما جعله يغدق عليهم الرتب العسكرية العالية، على غير كفاءة يستحقونها، وكان لهم كبير من غلمانه يدعى "خليل درويش بك" الذى أساء معاملة أولئك المماليك لأنهم أساءوا إليه بالغمز واللمز، خاصة لأنه صغير السن، فسخط عليهم وشكاهم إلى مولاه عباس باشا حلمى الأول الذى أمر بجلدهم، فجلدوا وجردوا من ثيابهم العسكرية، وألبسهم الخيش، وأرسلهم إلى الإسطبلات لخدمة الخيل، لكن مصطفى باشا أمين خزانة الوالى، أشفق عليهم، فطلب العفو عنهم، فاستجاب الوالى عباس حلمى الأول وعفا عنهم، وردهم إلى مناصبهم، فجاءوا إلى قصره المنيف فى مدينة "بنها" ليرفعوا واجب الشكر لعظمته، لكنهم على ما يبدو كانوا قد أضمروا فى داخلهم الفتك به انتقاما لما وقع بهم، فتآمروا عليه مع غلامين من خدم القصر، أحدهما يدعى عمر وصفى، والآخر شاكر حسين، واتفق الجميع على قتله، حيث كان من عادة عظمة الوالى عباس حلمى الأول أن يقوم على حراسته غلامان من مماليكه عند نومه، وفى هذه الليلة كان الغلامان المذكوران يتوليان حراسته، فجاء المتآمرون وقتلوه وهو نائم ثم أوعزوا إلى الغلامين بالهرب فهربا.


وهناك قصة أخرى عن طريقة وسبب قتله ترويها "مدام أولمب" فى كتاب "كشف الستار عن أسرار مصر".. تقول فيها إن عمته "الأميرة نازلى" هانم التى كانت مقيمة فى الآستانة أرسلت مملوكين من أتباعها لقتله، واتفقت معهما أن يعرضا أنفسهما فى سوق الرقيق بالقاهرة كى يشتريهما الوالى ويدخلهما فى خدمته، وكان المملوكان على جانب كبير من الجمال مما يحمس وكيل الوالى لشرائهما، فقد كانت الأوامر أن يختار الوكيل أشد الغلمان جمالا.. وبالفعل - كما تقول القصة الثانية - جاء الغلامان إلى القاهرة ونزلا سوق الرقيق ورآهما مندوب الوالى فأعجب بجمالهما، واشتراهما وأدخلهما سراى مولاه فى "بنها"، وأعجب بهما الوالى وعهد إليهما بحراسته ليلا، فما أن استغرق فى النوم، حتى انقضا عليه وقتلاه، وهربا إلى القاهرة ومنها إلى الآستانة، للحصول على المكافأة السخية التى وعدتهم بها من عمته نازلى هانم بعد تنفيذ المؤامرة.


وجاء فى موقع موسوعة "مقاتل" أن الوالى عباس حلمى الأول عاش فى صراع دائم مع عائلته، ودخل فى صراع محتدم مع الباب العالى فى الدولة العثمانية، وكان ضد تدخل أى نفوذ أجنبى فى البلاد، وعمل بكل الطرق على أن يتولى ابنه إبراهيم الحكم من بعده بدلا من عمه سعيد باشا، ويرجح أن هذا الأمر كان على رأس أسباب الخلافات التى نشبت بينه وبين أسرته وخلافه الأشد مع عمته نازلى هانم التى تآمرت لقتله، وعثر عليه فى النهاية مقتولا فى قصره المنيف فى مدينة بنها، وتم دفنه فى مدفن العائلة الخديوية بالقاهرة، وهناك رواية ثالثة تشير إلى أنه مات بالصرع الذى لازمه فى أيامه الأخيرة، وهى من أضعف الروايات التى ذكرت فى المراجع التاريخية.
 

من «عدة مصادر»