نحن والعالم

القط والفأر

ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب

تماما كما فعل فى اكتوبر الماضى قبيل قمة أوروبية عقدت فى نفس الشهر، استبق الرئيس التركى رجب طيب اردوغان قمة الاتحاد المنعقدة وقت كتابة هذه السطور وقام بسحب سفينة التنقيب «أوريتش رئيس» من المناطق المتنازع عليها مع اليونان وقبرص فى شرق المتوسط، واعادتها لمدينة أنطاليا التركية، فى محاولة لتفادى عقوبات «موجعة» يأمل الكثيرون ان تتمخض عنها هذه القمة.
والحقيقة ان اردوغان يجيد لعبة القط والفأر مع دول الاتحاد الأوروبى، مستغلاً حالة مستمرة من الخلاف بين كتلتين بالداخل كل منهما تقودها قوة كبرى. فتحت قيادة ألمانيا لا تميل مجموعة من الدول تضم إيطاليا، وإسبانيا،لفرض عقوبات «موجعة» على تركيا اما بسبب علاقات اقتصادية تربطها بها اوبسبب الدور التركى فى كبح موجات هجرة اللاجئين السوريين للسواحل الأوروبية. وتفضل هذه الدول تأجيل الملف الشائك حتى قمة الاتحاد المقبلة فى مارس، ربما مع توجيه «قرصة ودن» خفيفة للنظام التركى.. فى المقابل تقود فرنسا مجموعة أخرى من الدول تضم اليونان وقبرص والنمسا وسلوفينيا وسلوفاكيا وتدفع باتجاه موقف أكثر صرامة تجاه التجاوزات التركية فى عدد من القضايا كالتنقيب غير القانونى عن الغاز فى شرق المتوسط والتورط فى ناجورنوكاراباخ وليبيا.
وفقاً لهذا الخلاف، فإن السيناريوالأفضل هو فرض عقوبات «مائعة» حفظاً لماء الوجه، خاصة ان هذه القمة، نظرياً، هى الموعد النهائى لمنح أنقرة وقتا للتهدئة وهو ما لم تفعله. هذا إلى جانب منح جوزيب بوريل الممثل الأعلى للسياسة الخارجية فى الاتحاد تفويضًا لوضع قائمة بـ «العقوبات» فى حالة استمرار التصعيد التركى. هذه القائمة يمكن تبنيها فى اجتماع للشؤون الخارجية فى يناير لكن من المرجح أن تناقش فى قمة مارس. ما يعنى منح أنقرة فسحة جديدة لمزيد من العربدة.