منذ عهد محمد علي | مصر وفرنسا.. علاقات ثقافية متبادلة عبر العصور

المركز الثقافي المصري في باريس
المركز الثقافي المصري في باريس

أثرت الثقافة الفرنسية تأثيرا كبيرا في الحياة المصرية بشكل عام منذ نشأة الدولة في مصر بالمفهوم الحديث، وقد ربطت مصر وفرنسا علاقات ثقافية وطيدة منذ عقود طويلة .
 
وكانت البعثات المصرية إلى باريس هي التي ساهمت في التكوين الفكري لمفكرين بارزين ومحدثي النهضة كرفاعة الطهطاوي (1801 إلى 1873) وطه حسين (1889 إلى 1973) أحد أوجهها المتنوعة.
 
وعملت مصر وفرنسا على توطيد علاقاتهما الثقافية من خلال تدشين عددا من الأنشطة والملتقيات وإقامة مكتب ومركز ثقافي، وبالحي اللاتيني في باريس يتواجد المكتب الثقافي المصري الذي يقوم علي خدمة وتنشيط العلاقات الثقافية والتعليمية بين كل من مصر وفرنسا وسويسرا وبلجيكا، بالإضافة إلى المركز الثقافي المصري الذي يقع علي بعد أمتار من جامعة السوربون الشهيرة في قلب العاصمة الفرنسية بالدائرة الخامسة بحي سان ميشيل، حي الثقافة والفكر بباريس، ويتمثل دوره في التعريف بمختلف أوجه الثقافة المصرية .
 
 
«بوابة أخبار اليوم» تسلط الضوء على تاريخ إنشاء المكتب والمركز الثقافي في باريس ومهام كل منهما خلال السطور التالية .
 
 
تاريخ المكتب الثقافي المصري ونشأته بفرنسا
 
بدأ التعاون الثقافي بين مصر وفرنسا منذ عهد الخديوي محمد علي في القرن التاسع عشر بإرسال بعثات مصرية لدراسة مختلف العلوم خاصة الهندسية والحربية، وكانت أول بعثة مصرية إلي فرنسا بإشراف رفاعة الطهطاوي، ومنذ ذلك الحين توافدت البعثات وبدأ التمثيل الثقافي ينمو بين مصر وفرنسا وصدرت القرارات والقوانين المنظمة لهذا التعاون:
 
- عام 1948، صدر قرار مجلس الوزراء بتعيين ملحقين ثقافيين لمصر بالخارج يعاملون مثل نظرائهم بالسلك الدبلوماسي.
- عام 1953، صدر قرار مجلس الوزراء بمعاملة أعضاء بعثات المكاتب الثقافية بالخارج معاملة نظرائهم من رجال السلك الدبلوماسي.
- عام 1954، صدر قانون 166 لتنظيم العمل الدبلوماسي والقنصلي الذي يسمح لوزارة الخارجية بانتداب موظفين من وزارات أخرى، بالاتفاق مع الوزارة المعنية، لشغل وظائف مستشار وملحق تقني في بعثات التمثيل الدبلوماسي.
- عام 1961، صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1665 الخاص بتنظيم مهام وزارة التعليم العالي.
- عام 1985، صدر القرار الوزاري رقم 612 بالموافقة علي اللائحة التنظيمية لوزارة التعليم العالي.
 
 
مهام المكتب الثقافي المصري بفرنسا
 
تنقسم مهام المكتب الثقافي المصري بباريس إلي قسمين رئيسيين، أولها المهام الثقافية، وثانيها المهام التعليمية .
 
المهام الثقافية
 
يضطلع المكتب بمهمة التنشيط الثقافي من خلال التعريف بمختلف أوجه الثقافة المصرية بإقامة معارض تشكيلية وندوات ثقافية وسهرات موسيقية وعروض سينمائية، وإقامة الندوات التي تحكي عن مختلف الحضارات التي تعاقبت علي مصر لإبراز التنوع الثقافي المصري، واستضافة شخصيات مصرية ترسخ العراقة والريادة المصرية في مختلف المجالات الثقافية، بالإضافة إلى إقامة احتفاليات وأسابيع ثقافية عن شخصيات مصرية أثرت الحياة الثقافية وأثرت سواء في مصر أو تجاوزتها إلي العالم العربي والغربي، والمشاركة في الاحتفاليات الفرنسية خاصة السنوية مثل مهرجانات الشعر والموسيقى والسينما والمعارض التشكيلية وغيرها لتأكيد التواجد الثقافي المصري بفرنسا، بالإضافة إلى خلق فرص لتكون مصر هي الدولة المحتفي بها في بعض الاحتفاليات الفرنسية، وإقامة علاقات قوية مع مختلف الجهات الثقافية والمحلية لزيادة حجم التبادلات الثقافية بين البلدين، وتنشيط التبادل الثقافي من خلال إيفاد فنانين ونقاد ومسرحيين وغيرهم من المثقفين الفرنسيين للمشاركة في أنشطة ثقافية مصرية، وربط الجالية المصرية والعربية بمصر من خلال الأنشطة الثقافية، وإحياء مختلف المناسبات الدينية والاجتماعية المصرية للتعريف بعادات مصر وتقاليدها، وتوفير مكتبة ثقافية باللغة العربية.
 
 
المهام التعليمية
 
يقوم المكتب الثقافي المصري بباريس بعدة مهام في البلاد التي تقع تحت مسئوليته، منها إدارة شئون البعثة التعليمية ورعاية المبعوثين، وتنشيط التعاون العلمي، وعقد امتحانات الأبناء المقيمين في الخارج، بالإضافة إلى إدارة شئون البعثات التدريبية لمدرسي وزارة التربية والتعليم، وذلك علي النحو التالي:
 
1-  إدارة شئون البعثة التعليمية ورعاية المبعوثين، من خلال توفير المشرف المناسب للأعضاء المرشحين لبعثات خارجية، وإتمام الإجراءات المالية وإجراءات التأمين الصحي للمبعوثين وأسرهم، ومتابعة التقدم الدراسي والبحثي للمبعوثين مع الجهات التي تم إيفادهم إليها، بالإضافة إلى التصديق علي الشهادات العلمية التي يحصل عليها الدارسين، وترجمة الشهادات والأوراق التي يحتاج إليها المبعوثين في إتمام إجراءاتهم وأثناء دراستهم، بالإضافة إلى متابعة وضع الدارس مع البعثات من حيث إتمام إجراءات الوصول وتوفير التقارير الدراسية السنوية ومتابعة إجراءات الأجازات والمد وإنهاء المهمات والبعثات، وإمداد وزارة التعليم العالي بإحصاءات حول عدد المبعوثين واتجاهاتهم البحثية من خلال التقرير السنوي، وإمداد وزارة التعليم العالي ببيانات حول تصنيف الجامعات في البلدان التي تقع تحت مسئوليته، وإنشاء اتحاد للدارسين يمثلهم ويتعاون مع المكتب لرعاية مصالحهم، وإتمام إجراءات الطلاب الوافدين من فرنسا للدراسة بمصر.
 
2- تنشيط التعاون العملي، حيث يقوم المكتب الثقافي بجهود لتنشيط التعاون العلمي والبلدان التي تقع تحت مسئوليته من خلال إقامة قنوات علمية بين الجامعات المصرية ومثيلتها في فرنسا وسويسرا وبلجيكا، وتسهيل عقد بروتوكولات واتفاقيات علمية بين المعاهد العلمية ومثيلتها في تلك البلدان، بالإضافة إلى عقد الندوات والمؤتمرات العلمية.
 
3- عقد امتحانات المصريين المقيمين في الخارج، وذلك من خلال التعاون مع وزارة التربية التعليم من أجل عقد امتحانات المراحل المدرسية المختلفة حتى السنة الأولي الثانوية لأبناء الجالية المصرية المقيمين بفرنسا، وإمداد الطلاب بالكتب الدراسية الخاصة بمرحلتهم التعليمية، وتنظيم تعلم اللغة العربية لأبناء الجالية وللراغبين في تعلمها، الإشراف علي لجان الامتحانات، إعلام الطلاب رسميا بالنتائج، وإقامة امتحانات الدور الثاني في حالة الرسوب في بعض المواد.
 
4- إدارة شئون البعثات التدريبية لمدرسي وزارة التربية والتعليم الموفدين إلي فرنسا، وذلك من خلال مخاطبة الجامعات التي تقوم بالتدريب والإعداد لاستقبال المتدربين بها، استقبال المدرسين وإتمام الإجراءات المالية لهم، المتابعة مع الجامعات والعمل علي حل أية مشكلات تواجههم، إتمام إجراءات السفر لهم بعد انتهاء فترة تدريبهم، واستلام تقرير الجامعات عن المتدربين ودراساتها والعمل علي تحسين مستوي التدريب.
 
 
تاريخ المركز الثقافي المصري بباريس
 
يقع المركز الثقافي المصري علي بعد أمتار من جامعة السوربون الشهيرة في قلب العاصمة الفرنسية بالدائرة الخامسة بحي سان ميشيل، حي الثقافة والفكر بباريس، وقد أنشئ عام 1965، واقتصر نشاطه في ذلك الحين علي استقبال الدارسين المصريين خاصة المقيمين بباريس وتقديم المأكولات والمشروبات المصرية المشهورة لاستمرار التواصل مع الوطن.
 

وفي عام 1970 تحول المركز الثقافي المصري من مجرد مكان لتجمع المصريين إلي مركز إشعاع ثقافي كما نعرفه الآن يقدم الثقافة المصرية من حضارة وآداب وفنون للمهتمين من الأجانب والعرب علي حد سواء إلي جانب استمراره العمل علي ربط المصريين بالوطن. 
 
  
مهام المركز الثقافي
 
تتمثل مهمة المركز الثقافي المصري بباريس في التعريف بمختلف أوجه الثقافة المصرية من خلال إقامة معارض تشكيلية وندوات ثقافية وسهرات موسيقية وعروض سينمائية، وتنظيم ندوات تحكي عن مختلف الحضارات التي تعاقبت علي مصر لإبراز التنوع الثقافي المصري، مع الحرص علي استضافة شخصيات مصرية أثرت في الحياة السياسية والفكرية والثقافية والفنية في مصر والوطن العربي لترسيخ العراقة والريادة المصرية في مختلف المجالات، كما يحرص المركز علي ربط الجالية المصرية والعربية بمصر من خلال الأنشطة الثقافية وإحياء المناسبات الدينية والاجتماعية، وتستمر أنشطة المركز منذ شهر سبتمبر وحتى منتصف يوليو من كل عام.
 


كما يوفر المركز  الثقافي المصري بباريس مكتبة تحتوي علي مجموعة متنوعة من الكتب العربية والفرنسية في مجالات عديدة مثل المجال السياسي والتاريخي والفني والديني، وكتابات عن مختلف الأحقاب التاريخية مثل مصر الفرعونية، والقبطية، والإسلامية، ومصر الحديثة، بالإضافة إلى روايات لأدباء مصريين مرموقين، والمكتبة متاحة للاطلاع مع إمكانية للتصوير.

 
ويحرص المركز الثقافي المصري علي أن يكون بيتا لكل العرب ونافذة يطل الأجانب من خلالها علي ثقافة البلدان العربية، فضلا عن توفيره المعلومات الثقافية والتاريخية عن مصر للراغبين في الحصول عليها.