فى الصميم

سيدة التسعين وأبواب الأمل!

جلال عارف
جلال عارف

 فى التسعين من عمرها أصبحت البريطانية «مارجريت كينان» أول شخص فى العالم يتلقى لقاح «فايزر - بيونتك» ليبدأ معها عصر جديد فى مقاومة فيروس «كورونا» الذى تزاد شراسته.
المفارقات كثيرة حتى الوصول الى هذه اللحظة. بريطانيا التى كانت أول دولة تعتمد اللقاح من هيئاتها العلمية الأكثر تشدداً فى العالم لديها اللقاح المنتج لديها والشهير بلقاح «أكسفورد» لكنه مازال ينتظر الموافقة النهائية من هيئاتها العلمية رغم أن الرهان عليه كبير لسهولة التعامل معه وتخزينه، ولرخص سعره.. ومع ذلك لم تنتظر الهيئات العلمية وسارعت بالترخيص للقاح «فايزر - بيونتك» ثمرة التعاون بين الشركتين الالمانية والأمريكية، والمنتج فى معامل أوروبا. بينما كانت السلطات البريطانية تسارع للتعاقد على ٤٠ مليون جرعة من اللقاح المستورد تكفى لتطعيم قرابة ثلث المواطنين البريطانيين.
فى نفس اليوم كانت مفارقة أخرى تأتى من أمريكا حيث تم الكشف عن أن شركة «فايزر» لن تستطيع تسليم ما يكفى من اللقاح للسلطات الأمريكية قبل عدة شهور بسبب التعاقدات العديدة الملتزمة بها. وأنها عرضت على الادارة الامريكية زيادة حصتها عن المائة مليون جرعة المتعاقد عليها والتى تكفى لتطعيم خمسين مليون مواطن لكن الاتفاق على ذلك لم يتم، بينما كانت هناك دول أخرى تعاقدت والتزمت.
يبدو أن الرهان الأمريكى هنا كان على اللقاح الأمريكى الآخر «مودرنا» وعلى غيره من اللقاحات التى مازالت تجتاز المراحل النهائية أو تنتظر الموافقة من السلطات الصحية.  وهو ما أثار الحديث عن إمكانية إصدار البيت الأبيض لقرار يلزم الشركات بتوفير احتياجات أمريكا من اللقاح قبل تلبية الطلبات الخارجية اذا ما احتاج الوضع ذلك مع  الهجمة التى تزداد ضراوة  من فيروس «كورونا» التى تحدث طفرة واسعة فى أعداد الاصابات والضحايا يوما بعد يوم.
فى كل الأحوال دخلت الحرب على فيروس «كورونا» مرحلة جديدة.ودخلت السيدة «كينان» فى التسعين من عمرها دائرة اهتمام العالم وهى تتلقى الجرعة الأولى من أول لقاح إعتمد نهائيا فى العالم الغربي. وسيحاول رئيس الوزراء البريطانى استغلال الحدث لمحو الصورة السيئة لاستهانته فى الأيام الأولى بالوباء وانحيازه الخاطئ لما أسموه «مناعة القطيع». وسيشارك كبار الساسة والمشاهير فى حملات الترويج للتطعيم لرفع الروح المعنوية فى الأيام الصعبة التى تمر بها بلادهم. ويبقى الأمل أن يتوالى دخول المزيد من اللقاحات التى تنتظر الموافقات النهائية والتى قد تكون أقل تكلفة وأسهل فى الاستخدام، وأن يتضاعف الإنتاج ويتوفر الدعم ليكون اللقاح متاحاً للجميع، وبالكميات التى توفر مناعة حقيقية لعالم أنهكه الوباء.