طريق النور

خليك لطيف!

محمد أبوذكرى
محمد أبوذكرى

مهلا أيها الإنسان!
فقد خلقك الله فى أحسن تكوين، وصورك فى أفضل ما تكون الصورة، وأعطاك من النعم الكثير، بدءا من العقل وحتى اللسان.. وعند آخر النعم نقف عند اللسان بفرض أننا جميعاً لدينا عقل ولسان، ونحمل جميعاً صفات إنسان، ونتصرف ونفكر ونقرر ونعمل ونحاول أن نحقق النجاح، والتقدم والرقى والارتقاء بأنفسنا، وهذا يأخذنا إلى أن يبقى داخلنا الإنسان، وإذا نسى كل واحد منا أنه إنسان وتحركت كل النعم داخله إلى نقم واستخدم أحد تلك النعم وهو اللسان، وسب أخاه الإنسان، أو حتى نعته بصفات الحيوان كالجهل أو يقول له آسف للفظ «أنت حمار» فقد سخر منه، ووقع فى خطيئة كبرى، ونفى عنه صفة الإنسانية، ولا يعلم حينما سب فلان وأهان فلان، أنه فى الأول والأخير أهان نفسه أولا، دون أن يدرى. فكل خطأ تفعله يمكن تبريره أوحتى الاعتذار عنه إلا السخرية من أخيك الإنسان.
فهى تعتبر شراً كبيراً خرج من القلب والعقل، وقذفه اللسان دون تفكير أنه من الممكن أن هذا اللفظ الذى قيل لمن يقف أمامك من بنى الإنسان، أن يكون قد أذاه، وتسبب فى جرحه وألمه وحزنه الشديد، ولا يستطيع إن كان كبيراً أو صغيراً، رجلاً أم أنثى أن يرد لك الإساءة بنفس القدر، وبنفس الكيفية، وبنفس الطريقة السافرة، الساخرة، القاسية، لأنه مثلا يتغاضى عن هذا التصرف الأحمق منك، ويحاول أن يتفادى الرد، ليس لأنه أضعف منك، أو أنه خائف منك لا ـ ليس كل ذلك ـ بل لأنه يحبك، وقبل أن يحبك ويحترمك ويقدرك هو يحمل صفة إنسان تربى على القيم النبيلة، والأخلاق الطيبة، والروح السمحة التى تعفو وتغفر وتسامح من أساء إليها، وسخر منها، وتعدى بلسانه، وقلبه وعقله عليه بلفظ جارح، فاضح، ساخر، سىىء.. ولذا. لا أتمنى أن يكون لى ملء الأرض مالاً، وولداً، وشهرة، وبطولة، ورجولة، وأذهب إلى الله يوم القيامة، ليسألنى لماذا سخرت من فلان، وسببت فلان، وأفشيت سر هذا، وجرحت ذاك، بكلمة، أو إيماءة، أو نظرة تحمل إساءة.
أقولها الآن بملء فمى، ومن قلبى، وكيانى كفى يا أنا.. الذى هو أنا، قبل أن أقولها لأى أحد منكم أحبائى وأصدقائى وزملائى وقرائى، خليك لطيف مع نفسك أيها الإنسان، ومع كل إنسان يحمل صفة إنسان!