مرض جديد يزيد من معاناة المصابين بالزهايمر

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

وحيدة تبحث عن أخبار جمال عبد الناصر في الجرائد

كورونا دمرت ماتبقى من أواصر اجتماعية في «حياة المسنين»

مرضى الشيخوخة يمرون بثلاث مراحل أخطرها التقلبات السلوكية

هاجر زين العابدين 

 

مع تفشي وباء كورونا والعزلة التي فرضها علي الجميع .. باتت معاناة مرضي الزهايمر أكثر من أي وقت مضى، فقد تخلى عنهم الجميع وسقطوا من ذاكرة المجتمع .. مرض جديد يضاف لسجل حياتهم المؤلم وباتت الوحدة رفيقة الدهر، «بوابة أخبار اليوم» رصدت أوجاع مرضي الزهايمر من داخل دور رعايتهم .

 

تتكئ زينب عمار - 73 عاماً - على إحدى المرافقات لسوء حالتها الصحية، وتسير رغم كبر سنها بخطوات جادة، تدندن بكلمات غير مفهومه».  

 

علمنا من المرافقة لها أنها مصابة بمرض الزهايمر وتوقفت بها الذاكرة عند ممارسة عملها وهي مضيفة للطيران، وكذلك اللغات التي تعلمتها فتتحدث ثلاث لغات أجنبية، لكنها أصيبت بصدمة شديدة من جفاء أخيها الذي يصغرها بأعوام واستيلائه على ممتلكاتها بعد وفاه والدها لتصاب بحالة اكتئاب شديد جعلها تفقد الذاكرة، لم تستطع التحدث معنا عن فترة الكورونا لأنها لم تتذكر أنها كانت مصابة، ولكنها تتذكر تكرار غسل يديها باستمرار لأنها كانت ضمن عاداتها، وأوضحت المرافقة حالتها، بأن ذاكرتها لم تسع سوى حياتها المهنية وعندما كانت تعمل مع أبيها في مجال الصاغة وكذلك تعليمها لأبناء أخيها اللغة الإنجليزية ..فحاليا لا أحد يزورها ولا يسأل عنها. 

 

وعلى الجانب الآخر تتصفح وحيدة الدمرداش (70 عاما ) صفحات الجرائد، لتقرأ أي أخبار عن الرئيس جمال عبد الناصر، لم تجد ما تريد فتلقيه بتذمر ثم تنظر في الوجوه المحيطة لتبحث عن صديقتها التي احتفظت ذاكرتها بملامح وجهها، لتقول أين هي  دون أن تذكر أسم صديقتها المقربة، لتظل جالسة تشعر بالضيق.

 

تعد وحيدة إحدى مرضي الزهايمر التي احتفظ عقلها بعصر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في حياتها، كل ما تتذكره أنها كانت تمارس مهنة المحاماة، وتفاصيل صغيرة عن عائلتها التي تعاود التواصل معها من حين لآخر، رغم إصابتها بالزهايمر وعدم قدرتها على التذكر إلا أنها تبحث بين الوجوه عن صديقتها التي أصيبت بفيروس الكورونا وتم عزلها.

 

تردد بعض أبيات الشعر، رغم كونها مريضة زهايمر ما آثار دهشتنا، وتصطحبها المرافقة لها لتتجول معها في حديقة الدار حتى تنسى الوجه الذي كانت تبحث عنها بين مسنات الدار .

وعلى الجانب الآخر، توضح هيام أحمد «مديرة الدار» أن التعامل مع مريض الزهايمر صعب للغاية لأنه يحتاج معاملة من نوع خاص، فعند إصابة إحدى المريضات بالكورونا كانت ترفض أن تأخذ جرعات الدواء، وعند توفير أطباء للعزل من وزارة الصحة بالدار للتعامل مع حالات الكورونا التي تم عزلها لم يستطيعوا التعامل مع مرضي ألزهايمر، حيث أنهم يرفضون التعامل مع أي شخص غريب فينتابه شعور بالخوف والهلع، فيتطلب منا الكثير من التحايل من أجل أخذ جرعة الدواء الخاص بهم، وللتغلب على حالتهم النفسية كنا نعد لهم برامج ترفيهية كالموسيقى والعزف وارتداء بدل البهلوان أو بطوط وميكي. 

 

وأوضح  مصطفى إبراهيم، الاستشاري النفسي والاجتماعي بإحدى دور رعاية لمرضى الزهايمر « أن الزهايمر له ثلاثة مراحل  (النسيان وضعف الذاكرة، التقلبات المزاجية كالضحك بدون داعي أو الحزن فجأة، التقلبات السلوكية وهي أخطرهم فيصدر من الشخص سلوكيات شاذة عن طبيعته ) ويعد التعامل مع مريض الزهايمر صعب للغاية وكذلك المسن فهم بحاجة لرعاية من نوع خاص، وأول مراحل العلاج نفسي بجانب العلاج العضوي إن كان مريضاً للسكر أو الضغط وخلافه، هي تجنب  حدوث حالة هياج للمريض.

 

وأثناء الموجة الأولى من كورونا واجهتنا الكثير من المشاكل مع المصابين منهم، فتم نقل كل مصاب بالكورونا في غرف شبيهه للغرف الخاصة بهم بكل تفاصيلها من ألوان وديكور، حتى لا يشعر بالغربة، ويعد الاحتفاظ بالذاكرة البصرية أمرا هاما لمريض الزهايمر وأحد سبل العلاج.

 

ويشير اللواء أسامة أدم، المدير التنفيذي لجمعية الباقيات الصالحات، إحدى الجمعيات المختصة لاستقبال المسنين الرجال والنساء إلى أن  الأغلبية بالدار من مرضى الزهايمر وينقسم لدار  للرجال يضم  25 مسنا ودار للنساء تضم  36 مسنة « وتستقبل المسنين وخاصة من أصابهم الزهايمر، فهم بحاجة للمعاملة الخاصة دون باقي النزلاء، وتسعى الدار لإعادة التأهيل للمسن نفسيا واجتماعياً وصحياً .

 

وأضاف أن الموجة الأولى من انتشار (كوفيد 19 ) لم تمر مرور الكرام على الدار فقد أصيب 7 أفراد من الدار ونظراً لأن أغلب من في الدار مسنين فكانت الإصابة شديدة الخطورة وجميعها بحاجة للرعاية المركزة، ولم نجد أسرة في الرعاية بالمستشفيات الحكومية  أو الخاصة.

 

وأشار آدم إلى أن وزارة الصحة ساهمت في الدعم وتم إرسال قوافل  طبية لرعاية المرضى وقامت بتوفير أسرة للمرضى في العناية المركزة بالمستشفيات الحكومية، علماً بأن تكلفة علاج مريض الزهايمر أو المسن تصل لـ 13 ألف جنيه شهرياً  .

   

اقرأ أيضا

12 فائدة للتفاح «الأخضر» علي الريق.. أهمها الوقاية من «الزهايمر»