«إيطالي» يعيش مع 7500 في منطقة «العلمين»

صورة موضوعية
صورة موضوعية

سيد شليان

قبل سنوات، أقدم جندي إيطالي على خطوة غير معتادة؛ إذ ظل فرديناندو بانللي يحارب الإنجليز في العلمين وحصد أرواح جنودهم بمدفعه الرشاش، لكنه تحول الآن إلى حارس لمقبرتهم والتي تضم نحو 7500 جثة.

 

تحول المدفع الرشاش في يد «بانللي» إلى غصن زيتون يلوح به أمام جثث ضحاياه في داخل القبور، وفي كل صباح يخرج الجندي السابق من منزله الخشبي بجوار المقبرة ويفتح بابها الكبير ثم يقف في خشوع والدموع تتساقط في عينيه ويصلي من أجل الذين يرقدون في جوف الصحراء بعيدا عن أوطانهم وذويهم، ثم يذهب بعد ذلك إلى النصب التذكاري في آخر المقبرة يروي الزهور التي تحيط به.

 

وفي 3 يونيو 1962، أجرت جريدة الأخبار حوارا مع بانللي والذي بدا حينها جالسا على مقعده الخشبي بباب المقبرة وهو يسرح ببصره إلى الفضاء الفسيح أمامه، متحدثا بصوت حزين عما حدث معه منذ ربع قرن: «أخذني موسوليني مع خير شباب إيطاليا، ودربنا على القتال لكي نكسب عيشنا من قتل الإنجليز، أما اليوم فأنا أكسب عيشي من حراسة مقابر ضحاياه».

 

ويروي الجندي الإيطالي، قائلا : «منذ 20 عاما وفي نفس المكان كنت أمسك بمدفعي الرشاش أحصد أروح الإنجليز، لقد عشت حرب الصحراء بكل ضرواتها وقسوتها، عشت مع روميل في انتصاراته وهزائمه، شهدت عشرات الألوف من خيرة شباب العالم يتساقطون على الرمال كالذباب، وذات يوم من أيام المعركة كنت أمسك بمدفعى كالعادة، وانطلقت رصاصاته سريعة الى قلوب ثلاثة جنود إنجليز فوجئت بهم أمامي، وسقطوا تحت قدمي بلا حراك، وفي نفس اللحظة خطر ببالي سؤال لماذا أقتل ومن أجل من، أنني أقتل بلا سبب مفهوم، وكانت الإجابة كالآتى : «أقتل من أجل جنون حفنة من زعماء العالم ومن أجل نزواتهم ، ونظرت إلى الجثث الملقاة تحت قدمي، أن من بينهم هذا الشاب الذي تحتاج إليه أمه والزوج الذي انتزع من زوجته والأب الذي ينتظر أولاده».

وفي تلك اللحظة ألقيت مدفعي على الأرض، ولم أعد إليه أبدا وقررت أن أكفر عن ذنوبي، وعندما انتهت الحرب تقرر الإفراج عني مع آلاف الأسرى، ولكني رفضت أن أعود إلى بلادي، وفي ذلك الوقت التقيت أحد القادة الإنجليز وطلبت الجلوس إلى جوار التي روت دماءها الصحراء من أجل لا شىء.

على أرض العلمين يرقد 7500 شاب من شباب العالم من شتى بقاع الدنيا، بالإضافة إلى 11 ألف جندي مازالوا مجهولين تحت رمال الصحراء. يذكر أن الحرب العالمية بدأت في الأول من سبتمبر من عام 1939 في أوروبا، وانتهت في الثاني من سبتمبر عام 1945.

 

شاركت فيها الغالبية العظمى من دول العالم منها الدول العظمى في حلفين عسكريين متنازعين هما «قوات الحلفاء، ودول المحور، كما أنها الحرب الأوسع في التاريخ، وشارك فيها بصورة مباشرة أكثر من 100 مليون شخص من أكثر من 30 بلدًا، وقد وضعت الدول الرئيسية كافة قدراتها العسكرية والاقتصادية والصناعية والعلمية في خدمة المجهود الحربي».

اقرأ أيضًا| 

«طائرة هليكوبتر» و«مدفع رشاش».. اختراعات طالب ثانوي