أنت فين من مصر 2030؟

تريند
تريند

منذ إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن إطلاق رؤية مصر 2030 في فبراير 2016، ونحن نرى بعين المتابع انطلاق مئات المشروعات القومية في مختلف المجالات  المحافظات في وقت واحد تقريبا، أصبح من الصعب أن نجد قطاعا أو محافظة داخل مصر بعيدة عن نطاق و تأثير هذه الرؤية، والتي تستهدف وضع حلولا جذرية ونهائية لكل المشكلات التي يعاني منها المجتمع المصري لسنوات طويلة، سواء على مستوى الافراد أو الأسر أو حتى مختلف المؤسسات و الشركات داخل مصر.

وتهدف هذه الرؤية في الأساس، إلى رفع جودة الحياة داخل مصر، عبر تقديم الخدمات والمنتجات التي يحتاجها المواطن، مع حفظ حقوق الأجيال القادمة في الموارد الطبيعية، مع إعطاء الفرصة للنظام البيئي للتعافي من العدوان الانساني المستمر عليه، ومنحه فرصة ولادة جيل جديد من الموارد الطبيعية التي تضمن استمرار التوازن البيئي، وكذلك حماية الانسان من الجوانب السلبية الناتجة عن الاخلال بهذا التوازن لسنين طويلة.

كما تستهدف الرؤية توفير نظام اقتصادي جديد، عبر توفير العديد من الأنشطة الاقتصادية الجديدة والتي تعتمد على الطبيعة في توفير الطاقة، والتي هي العنصر الأساسي في توفير كافة مستلزمات الحياة القائمة عليها.

غير أنه رغم عظم هذه الأهداف وأهميتها لكل مصري، نجد أن قطاعا كبيرا من الشعب مازال يشعر بأنه بعيدا عن هذه الرؤية، ولهذا الشعور عدد من الأسباب التي سنحاول عرض ما تيسر منها في هذا المقال، مع عرض الحلول التي يمكن أن تستوعب العدد الأكبر من المصريين داخل هذه الرؤية، والاستفادة من مجهوداتهم و طاقاتهم في سرعة تنفيذ أهداف هذه الرؤية، ما سيعود على الوطن و الشعب بكل خير.

أهم و أخطر وأول هذه الأسباب، هو الجهل وعدم المعرفة، وعدم المعرفة هنا لا يعني الجهل بمفهومه اللغوي فقط، بل يتوسع ليشمل عدم فهم هذه الأهداف، كما يشمل عدم معرفة طرق تنفيذها تجاريا، فلو عرف المواطن مثلا مفهوم الطاقة المتجددة، فهو لا يعرف سبل الاستفادة منها أو الاشتغال بها والاستفادة منها ذاتيا أو تجاريا.

ثاني الأسباب، عدم الوعي الشعبي بأهمية المؤسسات و الشركات، حيث يقتصر الفهم الشعبي لأدوار هذه المؤسسات في الاشتراكات فقط دون الاستفادة منها في أي من شئونه اليومية، وهو ما يتسبب في عزوف المواطنين عن تكوين هذه المؤسسات، فضلا عن عدم الاشتراك في المؤسسات القائمة منها.

في رؤية مصر 2030، توجد أهمية كبرى للمؤسسات والشركات باعتبارها قناة الاتصال بين المواطن والدولة في كافة شئون الحياة، كما أن الانتساب لهذه الكيانات يساهم في توفير التغذية العكسية الشعبية على أسس سليمة وعلمية، تؤدي إلى نتائج مرضية لجميع الأطراف، فضلا عن مساهمة هذه الكيانات الهامة في توفير الرعاية المطلوبة من الدولة لمن يحتاجها بشكل حقيقي.

وثالث الأسباب، التي تمنع المواطن المصري من الإحساس بقيمة هذه الرؤية، هو التأثر بالأخبار السلبية والاستماع إلى الشائعات الصادرة من أعداء الدولة المصرية، وتصديقها رغم عدم صحتها أو منطقيتها من الاساس، ويرجع السبب في ذلك للفقر الشديد في الوعي السياسي لدى المصريين نتيجة غيابهم لسنوات طويلة عن الانشغال بهذا الشأن.

أما رابع هذه الأسباب، فهو عدم استيعاب هذه الخطط مؤسسياً، وتقصير الشركات و الوحدات المحلية والإقليمية في استيعاب هذه الرؤية داخل برامج العمل اليومية التي تقدمها للجمهور، وعدم اعتناقها مفاهيم عديدة مثل التدوير و الاقتصاد التشاركي والشفافية وإتاحة الفرص للمجتمعات المحلية المحيطة بها، فقطاع مثل النقل الداخلي مثلا يمكن بقليل من الإجراءات الالكترونية البسيطة التي تتيحها هذه الشركات، أن يتحول إلى إحدى هذه الوسائل التي تستوعب آلاف من فرص العمل، وفي هذا مصلحة للشركة وللمجتمع في نفس الوقت، بحيث تستفيد الشركة من التحرر من تكاليف النقل وصيانة السيارات وشرائها، كما يستفيد المجتمع من زيادة العائد المادي وتوفير فرص العمل اللازمة.

 

ولو بحثنا عن خامس الأسباب، سيكون بلا شك غياب دور الإعلام المهني المتخصص، والذي ينشر هذه المعارف بين فئات المجتمع المختلفة، فقد أصبحت مسألة انتشار الاعلام المهني والمتخصص مسألة في غاية الأهمية، خاصة في ظل التوسع في القوانين المستخدمة والتخصص الدقيق القادم في أغلب مجالات الحياة، و نقل المعرفة لأكبر قدر ممكن من المصريين.

 

إن ما تقدمه الدولة المصرية في هذه الرؤية اعجازي بحق، و لولا القدر القليل الذي تحقق منها حتى الآن، لما مرت علينا أزمة ضخمة مثل كورونا، و التي زلزلت كبرى الدول العظمى، كما مرت بمصر التي نجحت في المرور من هذا الاختبار بأقل الخسائر البشرية و المادية، ولا ينقصنا سوى الإيمان والإدراك بأهمية تنفيذ ما تبقى من هذه الرؤية، و التي يجب أن نراها جميعا كـ "سفينة نوح" التي ستعبر بالأمة المصرية إلى حيث الرخاء والرفاهية والأمان.

 

إن إيمانك بنهاية الطريق هو سبيلك لتخطي الصعاب و تجاوز العقبات التي ستقابلك فيه، معا سنستطيع استكمال طريق مصر 2030 مهما كانت التحديات، كلي ثقة أن هذا الوطن سينظر لنا جميعا بفخر وعزة، حال استطعنا التكاتف والوقوف صفا واحدا خلفه في مواجهة أعدائه و من يضمرون الشر له، وهو وطن يستحق من كل مصري أن يعمل و يضحي كي يبقى كما عرفه التاريخ، عزيزا حرا عالي الرأس بين الأوطان و الأمم.