مكاتب المحاسبة «سبوبة أبو حلموس» للتهرب الضريبي

مصلحة الضرائب
مصلحة الضرائب

رانيا جاويش

من منطلق أن «أهل مكة أدرى بشعابها» قام بعض موظفى مصلحة الضرائب بترك الوظيفة وفتح مكاتب محاسبة خاصة بهم كسبوبة يجنون الملايين من خلالها مستفيدين من علاقاتهم الوطيدة بزملائهم الذين ما زالوا فى الخدمة ولعبهم على أحبال الثغرات الموجودة فى قانون الضرائب الذى يعلمونه ويعلمون عوراته مستغلين حاجة أصحاب الأعمال الحرة للتهرب من دفع مستحقات البلاد.

حول هذه القضية قال دكتور أيمن هاشم أستاذ الجامعة الأمريكية الأسبق وله دراسات فى ملف الضرائب إنه لابد من وجود ضوابط قانونية تقيم العلاقة بين الدولة والمواطن لأن مكاتب المحاسبات الضريبية سلاح ذو حدين لأن طرق تطبيق القانون تختلف من دولة إلى أخرى ويمكن أن توسع الفساد أو أن تحجبه وتتم معاقبة الفاسد، كما أشار هاشم إلى أن لفظ سبوبة فى حد ذاته يعبر عن أن الموقف أو الفكرة غير مرجعية وتعد المحاسبات الضريبية هى سمة أى دولة لأن العميل قد يخطئ أثناء تقديم الإقرار الضريبى وهذا ليس فى مصلحته، وأوضح هاشم أن الدول الأوروبية قد لجأت منذ أكثر من 40 عاماً إلى تطوير منظومة المحاسبة الضريبية وقامت بالتشديد على استخراج تصاريح عمل مكاتب المحاسبات الضريبية وترجع وظيفة المكتب إلى توصيل المعلومة الصحيحة تبعاً للقانون وتقديمها إلى الجهات الحكومية المسؤولة بالنيابة عن صاحب المال أو المصنع أو الشركة.

أضاف الدكتور أكرم عبدالقادر خبير الضرائب أنه مما لا شك فيه أن التهرب الضريبى أصبح من الجرائم المخلة بالشرف وليس بالضرورة أن تكون واقعة التهرب الضريبى من مكاتب المحاسبة متناهية الصغر (مكاتب تحت السلم) أو أن تكون باباً خلفىاً للتهرب الضريبى، فواقعة التهرب الضريبى للأسف أصبحت شبه ثقافة سلبية فى مجتمع المال والعمال المصرى، فيمكن أن تحدث من أى مكتب مهما كان حجم أعماله، وقد قامت الحكومة متمثلة فى وزارة المالية ومصلحة الضرائب المصرية بعمل التوعية الضريبية للمكلفين بأحكام القانون (ممول- مسجل) ولا زالت مستمرة فى ذلك، ولكن هناك ثقافة فى المجتمع يجب تغييرها وهنا يأتى دور مهم للقوة الناعمة أو الدور الإعلامى الفنى من أفلام ومسلسلات اجتماعية، ولا يمكن أن ننسي المشهد الشهير للفنان نجيب الريحانى والفنان عباس فارس فى فيلم «أبوحلموس»، والذى أصبح بعد ذلك أحد علامات الفساد وتغيير الواقع فى المحاسبة الدفترية والتزوير المقنن.

كما يقول دكتور على مسعود آل حسن عميد كلية الاقتصاد جامعة بنى سويف إن مكاتب المحاسبة وخبراء الضرائب يعملون وفقاً لقواعد وفى إطار قانونى يجعلهم مسئولين بصورة مباشرة مع الممولين فى حالة ثبوت قيام مكاتب المحاسبة بتسهيل عمليات التهرب الضريبى.

ويجب التفرقة بين قيام مكاتب المحاسبة بمساعدة الممولين في التجنب الضريبى، بمعنى توجيه الممول للقيام بأنشطة ما يترتب عليها تخفيض الضرائب المستحقة عليه مثل توجيهه الاستثمار أو لأنشطة المسئولية المجتمعية للشركات.. إلخ، وفي هذه الحالة يكون الأثر على الاقتصاد إيجابياً في حالة ارتفاع معدلات الضرائب في الدولة.

أما إذا قام المكتب المحاسبي بمساعدة الممول في التهرب الضريبى من خلال تقديم مستندات غير صحيحة لتضليل مصلحة الضرائب مما يقود إلى تهرب الممول من دفع الضرائب المستحقة عليه، يكون المكتب شريكاً مع الممول في جريمة التهرب الضريبى.

كما يرى محمود شكرى الخبير الاقتصادى أنه يبقي الملف الضريبى في مصر أحد أهم الملفات وأقدمها والتي ستبقي ملف شائك لما له من أهمية كبيرة كأحد مصادر الدولة وأداة الحكومة فى سياستها المالية لضبط الأسواق، ولكن هل يمكن ظبط الضرائب على كل القطاعات بالشكل الكافى، فمنذ سبعينيات القرن الماضى وإلي الآن ما يزال التهرب الضريبى موجوداً، ومستشرياً فى بعض القطاعات، رغم محاولة الدولة بشتي الطرق التنويه علي عقوبات التهرب الضريبى بل توجهها الآن نحو تعزيز سبل المشاركة المجتمعية للشركات والحس على الدور التنموى للشركات وبمشاركتها الضريبة لخدمات المجتمع ما كان له أثر كبير في زيادة الدخل الضرائبى للدولة.