كلمة وأخواتها

درس اليوم.. «هشام زكريا»

محمد حمدى
محمد حمدى

بقلم: محمد حمدى

«مات» فعل من ثلاث كلمات تقوم له الدنيا.. وتنتهى به الدنيا، ويتغير على إثره شكل الحياة، تنقطع به الأعمال وتنقضى به الآجال، وتندثر بفعله السِيَر، إلا من سبقوا بأجسادهم وبقوا بأرواحهم وأفعالهم وخصالهم.. كانت مكالمته الأخيرة لى منذ حوالى 10 أيام :" إزيك يامحمد عامل إيه؟ أنا عارف إن ابنك عمل عملية، اعذرنى باتصل متأخر لكن فضلت أكلمك بعدما تفرغ من الزحام والصخب حولك، طمني"..  معرفة قصيرة جمعتنى به، شهور قلائل صاغت علاقتنا، ولكن فضائل وخلق وكرم طبع رسمت صورته فى وجدانى وغرست انطباعاً عن روح طيبة تسكن جسداً ضعيفاً، وإرادة قوية تتخذ من بنيانه النحيل موطناً، كانت بداية معرفتى به فى سياق منافسة بيننا بانتخابات الجمعية العمومية لأخبار اليوم، وليت كل المنافسات كهذه، تُعلن النتيجة فأجده يواسينى "كان نفسى تكسب يامحمد".. هشام، مهنياً أنت "الشاطر الموهوب المجتهد "، أفضل صحفى تليفزيون فى مصر، أخلاقياً تصنع مواقفك و"جدعنتك" براويز من ألق تتحدث عنك، أما عن حب الزملاء لك ففيه تُسطر القصائد وتُعنون المجلدات، رحيلك فجعنى ونال منى، أشكو إليك قشعريرة موجعة عربدت فى أوصالى، هشام زكريا "مات".. الفعل الثلاثى اللازم على كل حى، المتعدى على جميع أحبائنا، نهاية كل من له بداية، هنيئاً لك شرف الشهيد ومنزلته، فى محراب العمل كانت ساعتك وعلى أعتاب مكتبك رفرف ملك الموت، أقوانا كنتَ أنت.. وأشجعنا، سبقتنا إلى التجربة التى نخافها جميعاً ونرتجف من مجرد ذكرها، أصدقك القول ياصديقى أنا غير مستعد - بعد - لهذه الرحلة ؛ فآمالى طوال وأحلامى عريضة.. وهنا أجدك تكرمنى بعطية جديدة "درس الرحيل"، وكأنك تعلمنا أن النهاية تأتى فى لحظة، كنا نأمل لك كثيراُ تستحقه بطموحك ودأبك وأدبك، فتأبى إلا أن تُعلمنا أن الدنيا "الخضرة الحلوة" التى يغرنا ويغرينا طول مضمارها،توشك أن تصل بنا لخط النهاية ومحطة الوصول لنترجل، وليتنا حينها نفعلها مثلك ونترجل كالفرسان، رحمك الله ياهشام تستحق أن تكون درساً لنا.. اسمح لى صديقى أن أستأذنك فى اعتذار أخير.. لأننا "لم ولن" نتعلم الدرس، اسأل الله أن يجعلك فى معيته وذمته ورحمته وحبل جواره.