إنها مصر

الندوة التثقيفية

كرم جبر
كرم جبر

كيف كانت مصر.. وأين هى الآن.. وما مستقبلها؟
ثلاثة أسئلة أثارت الانتباه، وأنا أتابع العرض الشائق الذى قدمه رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، فى الندوة التثقيفية للقوات المسلحة الأحد أمس الأول، واستعرض الجوانب المضيئة والمظلمة منذ عام 1900 حتى الآن.
فى الفترة من 1900 حتى 1950، تعرض العالم لنكبات وكوارث، أهمها الحربان العالميتان الأولى والثانية، وانتشار الأمراض والأوبئة التى أودت بحياة الملايين و...
رغم ذلك حفظ الله مصر وكانت أفضل دول العالم، فعدد سكانها كان 9 ملايين وأصبح 19 مليوناً فى عشر سنوات، والدولار كان يساوى 20 قرشاً، والجنيه يساوى جنيه ذهب، ولدينا أهم بورصة قطن فى العالم، والقاهرة اُختيرت سنة 1922 أجمل مدينة فى العالم.
ورغم ذلك كانت نسبة الفقر تستحوذ ثلاثة أرباع السكان وكان نصف فى المائة من سكان الريف يمتلكون 40% من الأراضى الزراعية، وبمعنى أدق كانت العدالة الاجتماعية غائبة تماماً.
ثم جاء عام 1956 ليفتح بوابة الحروب، حرب اليمن 62 وحرب 67 و73، و25 يناير ثم كورونا.. بجانب حوادث إرهابية كبرى مثل حادث الأقصر وسقوط الطائرة الروسية.
استنزفت الحروب موارد الدولة بالكامل، وما لم يذكره رئيس الوزراء: هل كان دخول مصر فى نطاق الحروب المستمرة بسبب المؤامرات التاريخية، أم خط عثر؟
اعتقادى الشخصى أن قيام ثورة 23 يوليو، وتمددها خارج الحدود، أيقظ المؤامرات التاريخية التى صاحبت حكم محمد علي، ولم يكن مسموحاً أن يظهر شبيه آخر، تصل جيوشه إلى منابع النيل وجنوب أوربا، وتغير التوازنات الدولية شرقاً وغرباً، وكان الحل الوحيد إنهاك مصر اقتصادياً، وإدخالها حزام عدم الاستقرار.
ومصر فى السنوات الخمس الماضية، أنجزت ما لم يتم إنجازه فى عشرات السنين، وأثناء عرض رئيس الوزراء كانت الصور تتعاقب على الشاشة الخلفية، تعرض نماذج للمشروعات الكبرى.
استوقفنى منظر العشوائيات والحياة غير الآدمية، وتحولها إلى منتجعات سكنية رائعة بعد إزالتها، وهى صور تستدعى الفخر، ولم تحدث فى أى دولة فى العالم، وبانتهاء هذا العام تعلن مصر خلوها من المناطق الخطرة.
لكن تبقى الزيادة السكانية التى تلتهم الأخضر واليابس، فنسبة النمو عندنا 7% ومتوسط دخل الفرد 2500 دولار، وفى ألمانيا 2% ومتوسط الدخل 48 ألف دولار، وكأننا نحفر فى بحر.
الرئيس فى تعقيبه على كلام رئيس الوزراء، كرر مفهوم الاستقرار للحفاظ على مصر، لأن الحروب الجديدة تشحن الشعوب بالغضب والتمرد، فيهدم أبناء البلد بلدهم، بدلاً من جيوش الغزو الأجنبية.
الرئيس كرر عبارة لا أبيع الوهم ولا أضحك على الناس، ولا أتحدث إلا عن واقع.. فنحن نبنى ونعمر «مش رايحين نحارب».
الخلاصة: لا تخافوا على مصر، فقد استوعبت دروس الماضى والحاضر، وتمضى للمستقبل بثبات ووعي، ولا يستطيع أحد أن يورطها فى حروب وصراعات، وتعرف جيداً حدود أمنها القومي، وتمتلك القدرة على حمايته.