في الأسابيع والشهور الأخيرة بعد انتشار حوادث الإرهاب في فرنسا وفي بلجيكا وكذلك التفجير الذاتي الانتحاري في مطار بروكسل ومحطات المترو أصاب الرأي العام الأوروبي حالة من الذهول والصدمات النفسية وأيضا حالة من الغضب لما تم من تغييرات في التشريعات الجنائية بالغاء عقوبة الإعدام واستبدالها بالسجن المؤبد بمبادرة من وزير العدل الفرنسي السابق Badinter بادنتير في 9 أكتوبر 1981 وثورة الرأي العام وهم يرون الدماء تسيل دون انقطاع وبشاعة وقسوة القتل والذبح والانتحار مع ردود أفعال منادية بعودة أحكام الإعدام كجزاء رادع للمجرمين والإرهابيين ، وعلت هذا الأسبوع أصوات في بروكسل وباريس تنادي بالغاء قانون بادنتير وعودة حكم الإعدام، رغم أن الاتجاه العالمي كان قد ذهب نحو التسامح والرحمة والآن شعور الرأي العام يتجه نحو القوة في العقاب.
ومنذ أسابيع مضت لم تتوقف قنوات الأخبار علي التركيز المستمر علي نشر وإعادة الأخبار والأنباء عن الاغتيالات والانفجارات.
والجمهور الأوروبي في حالة حزن وقلق لما يعانيه الرأي العام من غضب وثورة وهو يري وجوه الإرهابيين وعلي رأسهم صلاح عبد السلام ، الذي تم إيداعه في سجن بروكسل وهو يطالب بتبجح هو ومحاميه يرفض إحالته إلي سجون فرنسا لأنه أحد المتهمين الرئيسيين في مأساة مجزرة مسرح باتاكلان وكثير من المقاهي وأستاد فرنسا في 13 نوفمبر العام الماضي، ومن الغريب أن نري إخوة أشقاء يذهبون إراديا إلي التفجير الذاتي داخل عربات المترو في بروكسل وكأنها نوع من الشهادة التي لا معني لها ولا جزاء لها.
ورأينا صورة مشرفة من تضامن رجال التحقيق والنيابة العامة في فرنسا وبلجيكا وهم يتوجهون في مؤتمرات صحفية مشتركة لكي يوضحوا للرأي العام في البلدين حقيقة الموقف وما قام به الإرهابيون من جرائم.
ولم تتردد بلجيكا في الاستجابة لطلب فرنسا في تسليم الإرهابيين الذين ارتكبوا جرائم علي أرض فرنسا قبل أن يهربوا إلي بلجيكا، وكانت هذه صورة مشرفة وإيجابية لوحدة الرأي والقرار داخل أوروبا وفي مواجهة المجرمين من الإرهابيين.
وكان لافتا للنظر أن أحد رجال الإعلام نبه وذكر الرأي العام الأوروبي بتصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي بقوله «أن خطورة الإرهاب الذي يهدد بلادنا سيصل يوما إلي بلادكم ويجعلها تعاني بما نعاني منه لأن الإرهاب كل لا يتجزأ».
ولفت نظر الرأي العام الأوروبي الاجتماعات المتكررة بين الرئيس الفرنسي ورئيس وزراء بلجيكا للتشاور وتبادل وجهات النظر حول ما يهدد بلديهما من مخاطر والخطط المشتركة لمواجهة الإرهاب.
الرأي العام العالمي يتفق في وجهة نظره أن الإرهاب أصبح خطرا عاما ودوليا وبالتالي فإن مواجهة أخطاره لابد أيضا أن تأتي علي المستوي الدولي بخطط تنظر إلي العالم ككل بإرادة صارمة وحازمة لتضرب بيد من حديد لكسر شوكة الإرهاب.
وعودة مرة أخري إلي رغبة الرأي العام في إعادة النظر في التشريعات التي ألغت عقوبة الإعدام وسيكون إعادة تقييم هذه التشريعات مبني علي أساس أن كثرة عدد الضحايا من جرائم الإرهاب تستحق عودة عقوبة الإعدام ليكون رد فعلها رادعا.
ومن الطبيعي أن عودة عقوبة الإعدام ستتناسب مع خطورة الجرم الذي لا يعرف الرحمة ويمثل بشاعة ترفضها الإنسانية.