عاجل

فى الصميم

المعركة مستمرة..

جـلال عـارف
جـلال عـارف

بعد خمسين عاماً من الرحيل مازال جمال عبدالناصر حياً فى ذاكرة الشعوب فى مصر والعالم العربى. ومازال أيضاً هدفاً مستمراً لحملات الأعداء التى لا تنقطع. لم يخترع جمال عبدالناصر أهدافاً للنضال الوطني، لكنه كان وريثاً لحركة وطنية عظيمة قدمت أغلى التضحيات طلباً للاستقلال ورفضاً للاحتلال الأجنبى، وسعياً وراء التخلص من استبداد  السلطة وهيمنته على الثروة من فئة استأثرت بكل شئ ولم تترك للشعب إلا ميراث الجهل والفقر والمرض.
من ميراث النضال الوطنى المصرى حددت مصر بعد ثورة يوليو مسارها، خاضت المعركة ضد الاحتلال لتنهى وجوده بعد ثلاثة أرباع القرن، وأعلنت منذ اليوم الأول انحيازها لقانون الاصلاح الزراعي، وأعادت قناة السوس للوطن، وبدأت مرحلة جديدة فى بناء الدولة القوية الحديثة، وقادت حركة التحرر فى الوطن العربى كله.
لهذا كانت الحرب على «يوليو» وكان العداء لعبدالناصر الذى لم يتوقف حتى بعد خمسين عاماً من رحيله ولن يتوقف. الصراع فى أساسه هو الصراع بين نموذجين: مصر القوية القادرة على البناء والتقدم والتى تملك ارادتها المستقلة وتتوعد لحماية الوطن ولتحقيق التنمية التى يذهب عائدها للجميع.. ومصر التى لا تتوقف المؤامرات لكى تكون «الجائزة الكبرى للأعداء كما توهموا يوماً حين سطا «الإخوان» على الحكم، وتصور من خططوا للفوضى والدمار فى المنطقة إنهم أطبقوا على مصر وأنهم قادرون على  إعادتها الى التبعية وإغراقها فى الفوضي، وسجنها فى كهوف أفكار العصور الوسطى.
سقطت المؤامرة كغيرها، وانتصرت مصر كما انتصرت فى معارك كثيرة على طريق تحرير الأرض وتحقيق الاستقلال وبناء الدولة القادرة على البناء وعلى حماية ما تبنيه. لكن المؤامرات لا تنتهى واستهداف مصر لا يتوقف. ويظل جوهر الصراع هو أن نبنى مصر الحديثة القوية وأن نحمى إرادتها المستقلة ونستعيد مكانتها المستحقة، وأن نحصنها بالعدل والحرية والعلم والعمل، وقبل ذلك كله.. بالوحدة الوطنية التى كانت - وستظل على الدوام - صمام الأمان من كل المخاطر.